يستمر التصعيد العسكري في اليمن رغم دعوة الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح لوقف الحرب والاقتتال ودعوته الحوثيين للالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي، إلا أن الأوضاع الميدانية ما زالت تشهد تصعيدا عسكريا، في الوقت الذي قلل سياسيون يمنيون من أهمية المبادرة أو الدعوة التي تقدم بها صالح، في حين كشفت مصادر سياسية يمنية جنوبية أن نائب الرئيس اليمني الأسبق، علي سالم البيض، سوف يصل إلى السعودية خلال أيام. وقلل سياسيون يمنيون من أهمية دعوة صالح لوقف الحرب واعتبروها مناورة سياسية جديدة. وقال محمد مسعد الرداعي، الأمين العام المساعد للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، إن المبادرات المتزايدة والمتكررة من الرئيس السابق علي عبد الله صالح، «تنبع من كونه كلما ضاقت عليه الأمور، يتقدم بمبادرة لإرضاء الأطراف في محاولة للعودة إلى المشهد السياسي، وأن يكون مؤثرا ولاعبا في الواقع السياسي اليمني». ويضيف الرداعي أن «صالح يصدر هنا مبادرة، وهناك يرسل وفدا من قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام إلى المملكة العربية السعودية للتفاوض من أجل تحسين العلاقة والخروج بأقل تكلفة في هذه الأوضاع». ويرى القيادي الناصري أن هناك نوعا من التضخيم لدعوة صالح الحوثيين للالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي، «لأن الحوثيين، أيضا، أصبح لهم موقف منه، وقد يكون هو أكثر من ورطهم للاندفاع نحو الجنوب، لأنه هو من ألقى خطابا وذكر الناس بحرب صيف عام 1994». ويعتقد الرداعي أن بيان صالح أو مبادرته «هي ورقة أخيرة يرميها لاعتقاده أو إيهام الناس بأن لديه تأثيرا سياسيا، لكن أعتقد أنه بالنسبة للمملكة العربية السعودية والأمم المتحدة، أصبحتا تدركان أن صالح هو المساهم الأبرز في تفجير الأوضاع في البلاد وإفشال نتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل». ودعا الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح حلفاءه الحوثيين إلى الالتزام بقرار مجلس الأمن الدولي، وأصدر صالح بيانا اعتبر فيه أن الدم اليمني أريق من دون سبب، حسب تعبيره، وطالب بانسحاب الميليشيات والقوات الموالية لهادي. واعتبر مراقبون في الساحة اليمنية أنه لم يعترف في بيانه، بأنه طرف في الصراع الدائر ولم يدع أنصاره والقوات الموالية له صراحة إلى وقف القتال والانسحاب. وانتهت، أمس، المهلة التي حددها مجلس الأمن الدولي للميليشيات الحوثية وقوات صالح بالانسحاب من المدن وتسليم السلاح، في ضوء القرار رقم «2216»، غير أن مصادر حوثية أعربت عن عدم اكتراثها بالقرارات الدولية، في إشارة واضحة إلى استمرار التصعيد على الأرض. على صعيد آخر، كشفت مصادر سياسية يمنية لـ«الشرق الأوسط»، أن نائب الرئيس اليمني الأسبق، علي سالم البيض، سوف يصل إلى العاصمة السعودية الرياض، خلال الأيام القليلة المقبلة. وقالت المصادر إن زيارة البيض إلى الرياض ستتم في ضوء دعوة رسمية سعودية، وأن الزيارة تسبق لقاء جنوبيا مصغرا في الخارج لعدد من القيادات، وكشف القيادي في «الحراك الجنوبي»، فؤاد راشد لـ«الشرق الأوسط»، أن «مسؤولا حوثيا اتصل بـ(الحراك الجنوبي)، وأبدى استعدادهم للانسحاب من مدينة عدن شريطة فرض (الحراك) سلطته فيها». وأضاف راشد أن «الطلب رفض لأسباب موضوعية وجرى نصح الحوثيين بالانسحاب من عدن والجنوب، وأن (الحراك) سوف يؤمن لهم الانسحاب». وقال راشد إن «(الحراك الجنوبي) ينصح صالح والحوثي بالانسحاب من الجنوب لوقف الحرب وحقن الدماء بدلا عن إصدار بيانات لا تشبع ولا تغني من جوع، وسيظل يقاتل حتى صد القوات المعتدية». وأكد أن «(الحراك) مع أي حوار قادم شريطة أن يكون ممثلو (الحراك) غير مستنسخين». وأردف أن «المقاومة الجنوبية بدأت اليوم بعمل نقاط في المدن المحررة بعدن نصب عليها أعلام دولة الجنوب وهي رسالة واضحة». وتوقعت مصادر سياسية يمنية أن يجمع لقاء مشترك في الرياض بين الرئيس عبد ربه منصور هادي وعلي سالم البيض لتدارس التطورات الراهنة، وكان البيض أصدر، قبل أسابيع، بيانا أيد فيه عملية «عاصفة الحزم»، على خلاف التوقعات التي كانت تعتقد أنه سوف ينتقدها، خاصة بعد الأنباء التي تحدثت عن علاقته بإيران وبحزب الله اللبناني وأمينه العام، حسن نصر الله. ويعد علي سالم البيض من أبرز السياسيين اليمنيين الجنوبيين المقيمين في الخارج، حيث كان يشغل منصب أمين عام الحزب الاشتراكي اليمني في جنوب اليمن (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) ووقع اتفاقية قيام الوحدة اليمنية مع علي عبد الله صالح، رئيس الشطر الشمالي (الجمهورية العربية اليمنية) في الـ22 من مايو (أيار) عام 1990، وعقب أزمة سياسية بين شريكي الحكم، اندلعت حرب طاحنة بين شطري البلاد في أبريل (نيسان) عام 1994، وانتهت بانتصار صالح وحلفائه من الإخوان المسلمين في اليمن (حزب التجمع اليمني للإصلاح)، وبعد أن ظل لسنوات في سلطنة عمان، عاد البيض، قبل سنوات، لممارسة العمل السياسي وهو يرفع شعار «استعادة دولة الجنوب».
مشاركة :