لا نهضة الا بالصناعة ” حتى لا نصبح خارج اطار الزمن “بقلم : أ.د محمد احمد بصنوي إن التطور التكنولوجي الذي يحدث في العالم أدى لاختفاء العديد من الوظائف، فالفترة الأخيرة شهدت ظهور شركات حديثة، ليس بها موظفين بالمعنى الحقيقي للكلمة، فمن خلال تطبيق إلكتروني تستطيع حجز غرفة في أي فندق حول العالم، والحصول على جميع ما تريده من السوبر ماركت دون أن تتحرك من مكانك، والذهاب إلى أي مكان لا يستلزم الانتظار كثيرًا في الشارع، كل ما عليك هو استخدام تطبيق “أوبر” أو “كريم”، فهذه الشركات تتحكم في أسطول ضخم جدًا من السيارات، دون أن تمتلك أي سيارة، كل هذا بفضل تطبيق إليكتروني فقط. ما أريد أن أؤكد عليه أن طبيعة العالم تتغير بشكل سريع جدًا، وهذا يستلزم منا العمل على مواكبة هذا التغيير، حتى لا نصبح خارج إطار الزمن، فالتطور لن يؤدي إلى اختفاء الوظائف فحسب، بل وظهور وظائف جديدة تعتمد على التكنولوجيا الجديدة، فالكثير من الوظائف الحالية لم تكن موجودة خلال السنوات السابقة، ووفقًا لتقارير شركة ماكنزي (McKinsey)، فإن ثلث الوظائف الجديدة التي نشأت في الولايات المتحدة خلال الـ25 سنة الماضية، لم تكن موجودة من قبل، خاصة الوظائف المقترنة بتطوير تكنولوجيا المعلومات، وإنشاء التطبيقات، والتحول الرقمي. ولك أن تعلم أن العالم سيفقد 75 مليون وظيفة بحلول عام 2022 لصالح “الروبوتات”، وفقًا لتقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان “مستقبل الوظائف 2018″، لكن الشيء الإيجابي أن فقدان الوظائف لا يعني خسارتها بالمطلق، إذ سيستحدث الاعتماد على الروبوتات 133 مليون وظيفة، وهو ما يعني أن عدد الوظائف الجديدة قد يتفوق على الوظائف التي تختفي، لكن لن يلحق بهذه الوظائف سوى الشخص المؤهل فقط، أما أصحاب القدرات والمهارات الضعيفة فسينضموا إلى طابور العاطلين بلا أي منافس. إن العالم العربي للأسف الشديد سيكون الأكثر تأثرًا بسلبيات التطور التكنولوجي، وهذا يرجع إلى أننا رغم تخلفنا في إنتاج التكنولوجيا، إلا أننا من أوائل مستخدميها، فمن منا لا يمتلك هاتف حديث، ويستخدم كافة التطبيقيات المختلفة التي أدت لإختفاء العديد من الوظائف من حولنا، فحسب تقرير التنمية البشرية العربي، سينضم 50 مليون في المنطقة العربية إلى البطالة خلال السنوات المقبلة، لذلك هناك ضرورة لإكساب الجيل الحالي مهارات تتيح له التعامل مع متطلبات العصر الحالي، بعيدًا عن التعليم النمطي الذي يعتمد على الحفظ، والتركيز على مهارات سوق العمل المستقبلي، التي تتمثل في تقنيات النانو، والهندسة الوراثية، واستخدامات الطاقة الخضراء، البرمجة، الذكاء الاصطناعي، التسويق الإلكتروني، ألعاب الفيديو، تقنيات الاتصالات الخلوية، تكنولوجيا المعلومات، أمن المعلومات، ابتكار برامج تعمل على اختصار الوقت وتوفير الطاقة وتقليل كلفة الإنتاج، خاصة أن هذه الوظائف من المتوقع أن تكون الأعلى دخلاً على الإطلاق.إن ثلثي طلاب روضة الأطفال اليوم على مهن لا توجد حاليا، وفقًا لبعض التقديرات، لذلك هناك ضرورة للتخلي عن الافكار التقليدية للعمل، وعدم مقاومة التغيير الذي يحدث الآن، لأن التاريخ أثبت أن مقاومة التغيير والتطور ستفشل في النهاية، وستجعلنا في معزل عن العالم، فبحسب دراسة قامت بها شركة DELL بالاشتراك مع معهد متخصص في الدراسات المستقبلية سنة 2017 فإن 85 % من المهن التي في سنة 2030 لا توجد حاليا . وأخيرًا وليس آخر، فإن فكرة أن يصبح الشخص مهددًا في لقمة عيشه، لانقراض أو اختفاء وظيفته التي كان يعمل بها عدة سنوات، أمر مخيف جدًا، لذلك هناك ضرورة للاستعداد لهذا الأمر، من خلال قيام كل شخص بالاستمرار في تطوير قدراته، والاطلاع على كل ما هو جديد في مجاله، هذا ما هو مطلوب على الافراد ، وعلى الدول والحكومات أن تعمل على تغير سياسة التعليم، وفقًا لمقتضيات هذا العصر الذي يتطور بشكل أسرع مما قد يتصور.
مشاركة :