أدت الحكومة الإيطالية الجديدة برئاسة جوزيبي كونتي، والتي باتت تضم أغلبية مؤيدة لأوروبا وأقرب إلى اليسار، اليمين الخميس أمام الرئيس سيرجو ماتاريلا قبل أن تعقد أول اجتماع لها. وتضم الحكومة عشرة وزراء من حركة خمس نجوم وتسعة آخرين ينتمون إلى الحزب الديمقراطي أكبر قوة يسارية، ووزيرا من حزب “أحرار ومتساوون”، بينما ذهبت حقيبة الداخلية إلى وزير لا ينتمي إلى أي حزب. وهذه الوزارة أقرب إلى أوروبا من الوزارة السابقة التي شكلتها حركة خمس نجوم وحزب الرابطة وكان للسيادي ماتيو سالفيني تأثير كبير عليها. ويأمل الحزب الديمقراطي في أن يبقي الاتفاق ماتيو سالفيني بعيدا عن السلطة، وأن يمنحه أيضا متسعا من الوقت لتعزيز موقعه قبل الاستحقاق الانتخابي المقبل. وقبل ذلك عليه أن يخوض في نوفمبر انتخابات محليّة في منطقتي إيميليا رومانيا وأومبريا، وهما معقلان لليسار حقق فيهما حزب الرابطة تقدما. ورأى المفكّر ماسيمو كاتشياري في صحيفة “لا ستامبا” أنه “إذا فاز ماتيو سالفيني في إيميليا رومانيا، فإن الحزب الديمقراطي سينهار تماما بعد ذلك”. وأكد الحزبان الرئيسيان في الحكومة الجديدة على العدالة الاجتماعية وتعهدا بطرح حد أدنى للأجور وتجنب رفع ضريبة القيمة المضافة المقرر في يناير وزيادة الإنفاق على التعليم والأبحاث والرفاهة.، كما يسعيان أيضا إلى فرض ضريبة رقمية على المؤسسات متعددة الجنسيات وتأسيس بنك عام لدعم التنمية في الجنوب الأكثر فقرا. وذكرت تقارير محلية أن الحكومة الإيطالية الجديدة ستدفع بموازنة توسعية لعام 2020، كما ستطالب بمراجعة القواعد النقدية للاتحاد الأوروبي. وتعهدت الحكومة أيضا بالسعي -مع المفوضية الأوروبية الجديدة- إلى “إعادة إطلاق الاستثمارات وتعزيز التماسك الاجتماعي والتغيرات الضرورية للتغلب على الصرامة المبالغ فيها في القيود الأوروبية المفروضة على سياسات موازنات الدول”. ولطالما استبعد الحزب الديمقراطي تشكيل تحالف مع حركة خمس نجوم التي كانت تنعته بالحزب النخبوي. ولكن بعدما أسقط ماتيو سالفيني الائتلاف الحكومي بين حزبه وحركة خمس نجوم مغرقا البلاد في أزمة سياسية حادة، تخلى رئيس حزب اليسار الديمقراطي ماتيو رينزي عن تحفظاته حيال الحركة وطرح عقد اتفاق مع أعداء الأمس يجنب إيطاليا انتخابات مبكرة. وردا على تشكيل الحكومة جاء رد فعل سالفيني انفعاليا، حيث قال “إنها حكومة ولدت نتيجة التمسك بالكرسي بعيدا عن الكرامات والمثل العليا”. وتضم الحكومة السابعة والستون في إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية القليل من الرموز السياسية ذات الثقل حيث تركز أكثر على الشباب بدلا من أصحاب الخبرة. ويفترض أن تبقى هذه الحكومة الجديدة حتى نهاية الفترة التشريعية في 2023، لكن ما زال ينبغي أن تنال الثقة خلال تصويت في البرلمان. وتفيد تقديرات بأن هذا الائتلاف الحكومي الجديد يملك 167 عضوا في مجلس الشيوخ من أصل 315، و347 عضوا في مجلس النواب من أصل 630. واتسمت العلاقات بين روما والمفوضية الأوروبية بالتوتر الشديد خلال الفترة الأخيرة، وكادت بروكسل تفرض عليها عقوبات بسبب ارتفاع نسبة الدين العام في إيطاليا. وكتب الرئيس الاشتراكي الديمقراطي للبرلمان الأوروبي الإيطالي دافيد ساسولي تغريدة على تويتر جاء فيها “أن الاستقرار في إيطاليا يعني الكثير للاتحاد الأوروبي، نهنئ الحكومة الجديدة التي ننتظر زيارتها لبروكسل”. وإيطاليا هي ثالثة القوى الاقتصادية في منطقة اليورو لكنها تعاني من نسبة ديون هائلة ويكاد اقتصادها يصل إلى الانكماش، وعليها الآن أن تجد مصادر تمويل تجنبها رفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة العام المقبل. ويبدو في حكم المؤكد أن الحكومة الجديدة ستسعى لعلاقات أقل صداما مع الاتحاد الأوروبي عن الائتلاف السابق الذي كان يضم حركة 5 نجوم وحزب الرابطة اليميني الذي عارض مرارا ميزانية الاتحاد الأوروبي وقوانين الهجرة. وكان أول قرارات الحكومة الجديدة عقب تأديتها اليمين تعيين رئيس الوزراء السابق باولو جينتيلوني ممثلا لإيطاليا في المفوضية الأوروبية الجديدة. وشغل جينتيلوني (64 عاما) المنتمي إلى الحزب الديمقراطي، يسار الوسط، منصب رئيس الوزراء في الفترة من 2016 إلى 2018، بعد أن شغل منصب وزير الخارجية لفترة.
مشاركة :