رد سياسيون ودبلوماسيون وعسكريون أوروبيون على تهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بفتح حدود بلاده لتدفق المهاجرين إلى دول أوروبا ما لم تتلقَ أنقرة دعماً مالياً كافياً للتعامل مع اللاجئين السوريين، بغضب شديد. واصفين في تصريحات خاصة لـ«البيان» التصريحات بـ«الابتزاز» الصريح واللعب على المكشوف لتهديد أمن أوروبا بعد سنوات من اللعب من تحت الطاولة سواء بالنسبة لحدود أوروبا من الجنوب الشرقي، أو من جنوب المتوسط – سواحل ليبيا - عن طريق أذرعه وميليشياته الإرهابية المسيطرة على غربي ليبيا، وهو ما عده الخبراء تهديداً صريحاً لأمن أوروبا يستوجب تدخل حلف شمالي الأطلسي «الناتو» والاتحاد الأوروبي لمواجهته بحسم. لعبة التمويل وقال بيير فيزيل، عضو المكتب السياسي لحزب «الجمهورية إلى الأمام» الفرنسي والأمين العام المساعد لشؤون الأمن القومي بالحزب لـ«البيان»، إن تهديدات أردوغان المتكررة منذ عامين والمتزايدة خلال العام الجاري بفتح الحدود أمام اللاجئين السوريين مسألة خطرة سبق التحذير منها، وطالبنا بمعالجتها والتعامل معها بحرص. وخاصة مع بداية تنفيذ تهديده وعبور الآلاف إلى أوروبا عبر الجزر اليونانية، للضغط على أوروبا من أجل عدم فرض عقوبات على أنقرة بسبب انتهاك اتفاقية ترسيم الحدود مع قبرص، والتنقيب غير المشروع عن الغاز في المياه الإقليمية القبرصية واليونانية، ومن جهة أخرى لكسب تأييد أوروبا تجاه تحركاته بإقامة المنطقة الآمنة في سوريا من دون التنسيق مع الولايات المتحدة. وعاد ليهدد من جديد أمام أعضاء حزبه بفتح الحدود في حالة لم تدفع أوروبا المزيد من المال، رغم وجود اتفاقية مع الاتحاد الأوروبي مبرمة منذ عام 2016 وهذا ما يفسر تهديداته حيث أوشكت تدفقات المال الأوروبي على الانتهاء ويلعب أردوغان لسحب المزيد من الأموال الأوروبية إلى جانب المكاسب الأخرى لمواجهة عجز ميزانيته وحالة بلاده الاقتصادية السيئة، وهو ابتزاز يجب ألا تخضع له أوروبا. من جهته قال فولفجانج فلهلم باول، الدبلوماسي الألماني السابق لدى الاتحاد الأوروبي، إن الاتحاد خصص دعماً مالياً لأنقرة بقيمة 6 مليارات يورو وفق اتفاقية عام 2016، وصل جلها لأنقرة في موعدها، وما تبقى دفعات بملبغ 400 مليون يورو فقد لم يحن موعد تسديدها لأنقرة، ومطالبة أردوغان بالمال هي ابتزاز لزيادة المخصصات، يواكبها تسريب متعمد للاجئين نحو الحدود الأوروبية. ويهدف بهذا الضغط على أوروبا لابتزازها مادياً وسياسياً، لمواجهة الأزمة المالية الكبيرة التي تعانيها بلاده، وخاصة أن حلفاءه الذين دعموه بالمال في الماضي يعانون الآن وليس لديهم ما يكفي لدعمه في مواجهة التراجع السياسي الذي يعانينه وخسارته أهم المدن التركية في الانتخابات البلدية الماضية، لذلك يمارس أردوغان لعبة استعراض العضلات المعتادة للحصول على الأموال من الاتحاد الأوروبي والتنقيب بحرية عن الغاز في المياه القبرصية، وهو شيء مرفوض أوروبياً وسيواجه بحسم. الخاسر الأكبر بدوره، أشار، إيمانويل غونزاليس، الضابط السابق في القوات الجوية الإسبانية، والمحاضر المتعاون في كلية «الناتو» في روما، إلى أن لعبة تهديد أوروبا بالنزوح الجماعي للمهاجرين من دول النزاع في الشرق الأوسط «سوريا» أو مهاجري جنوبي الصحراء «العمق الإفريقي» عبر البحر المتوسط من ليبيا وتحديداً طرابلس «غربي ليبيا» التي يسيطر عليها أتباع أردوغان، مكشوفة منذ عام 2016، وناقشها الاتحاد الأوروبي وقوات «الناتو» خلال سنوات، وهي لا ننكر مشكلة عويصة تؤرق أوروبا، لكننا نعلم أنها متعمدة. وأن دولاً صاحبة أجندة مشبوهة في منطقة الشرق الأوسط تضغط بهذه الورقة انطلاقاً من ليبيا ومن تركيا، وكانت مصر معبراً وقت حكم الإخوان إلى أن استتب الأمر بعد الإطاحة بالإخوان، أوروبا تعلم جيداً مخططات أردوغان وحلفائه لإغراق أوروبا بالمهاجرين، لكن حتى الآن الأمر لا يشكل أزمة لأوروبا، وفي حال تنفيذ أردوغان تهديده وخرق الاتفاق مع أوروبا سيكون الرد حاسماً، وسيكون هو الخاسر الأكبر.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :