بغداد – الوكالات: يواجه ناشطون وصحفيون ومدونون عراقيون حملة من الاتهامات والتهديدات من خلال حسابات على الإنترنت مجهولة هوية أصحابها ويشتبه بارتباطها بفصائل مدعومة من إيران في بلد منقسم سياسيا على خلفية التوترات الإيرانية الأمريكية في المنطقة. وتستفيد الأحزاب السياسية والفصائل المسلحة ومسؤولون في العراق مما يسمى «الجيوش الإلكترونية» منذ سنوات لأغراض الدعاية أو على العكس السخرية من منتقديهم والتهجم عليهم. لكن هذه المناكفات على الإنترنت ازدادت في الأشهر الأخيرة، على خلفية تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران الداعمين للحكومة العراقية، وصولا الى تحولها أحيانا الى ما يشبه التهديدات بالقتل. ولم يسجل أي اعتداء فعلي حتى الآن. ومنذ منتصف يوليو الماضي، تعرضت خمسة مخازن أسلحة ومعسكرات تابعة لقوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران لتفجيرات أو غارات. وحملت قوات الحشد الشعبي إسرائيل والولايات المتحدة مسؤوليتها، كما ألقت باللوم على «عملاء» أسهموا بالهجمات. وفتح هذا الاتهام الطريق أمام حملة عبر الإنترنت ضد مجموعة واسعة من المواطنين العراقيين اتهموا بالتعاون مع إسرائيل والولايات المتحدة. ونشرت الصفحات التي لا يعرف أصحابها قائمة بأسماء وصور مدونين وكتاب كُتب عليها «بعض هؤلاء المدونيين لا يعلمون الأهداف الحقيقية للمشروع المتمثلة بتهيئة الوعي الجماعي العراقي للتطبيع مع إسرائيل، وقد عملوا من أجل المال فقط». وأدرجت أسماء عدد من الصحفيين البارزين على اللائحة ومنهم الصحفي عمر الشاهر، والباحث والكاتب هشام الهاشمي، والصحفي والكاتب علي وجيه، ورسام الكاريكاتير أحمد فلاح، ومقدمة البرامج جمانة ممتاز، والمدون البارز شجاع فارس، والصحفي رضا الشمري، والناشطون ستيفن نبيل، وصقر آل زكريا، وحسين علي، وعمر محمد. على أثر هذا التصعيد، وجه المدون علي وجيه رسالة الى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ونائبه أبو مهدي المهندس طالبا منهم الدعم. وقال «منذ سنوات، ونحن مجموعة من الإعلاميين والمدونين نتعرض للتحريض على قتلنا من مدوّنين وصفحات تشير إلى أنها مقربة من الهيئة، أو تابعة لها». وأضاف «أرجو الإشارة الى ما إذا كان هناك توجيه للتحريض على دمنا، واتهام مجموعة من الإعلاميين الوطنيين بتهم سخيفة وفارغة أولها «التطبيع مع اسرائيل»، أو «العمالة»، وننتظر منكم أن تشيروا بشكل واضح، الى ما إذا كانت هذه الصفحات والشخصيات تابعة لكم». ووقع العراق خلال الأشهر الماضية تحت تأثير تصاعد الحرب الكلامية بين الولايات المتحدة وإيران. خلال الأسبوع الماضي انتقدت شخصيات سياسية قناة «الحرة» التي تمولها واشنطن بسبب فيلم وثائقي يتحدث عن وجود فساد في المؤسسات الدينية الشيعية والسنية في العراق. على أثر ذلك، علقت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية رخصة عمل قناة «الحرة» مدة ثلاثة أشهر وطالبتها بتقديم اعتذار رسمي. ويقول الخبير في شؤون العراق بجامعة سنغافورة الوطنية فنار حداد «تم دمج المصالح والمنافسات المحلية الراسخة في التوترات المستمرة بين محور المقاومة الذي تقوده إيران من جهة والولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائها في المنطقة من جهة أخرى». ويقول الكاتب والمدون عمر الشاهر الذي تعرض في السابق لتهديدات من تنظيمات جهادية «حينما يرتبط اسمك بالمعسكر الإسرائيلي فإنك في خطر أكبر مما مضى». ويقول المؤرخ عمر محمد الذي وثق الفظائع في الموصل في ظل تنظيم الدولة لإسلامية من جهته (داعش) إن «الرسالة واضحة: إذا عارضتمونا، ستقتلون»، مضيفا «القتل أمر سهل في العراق». ويضيف في اتصال مع وكالة فرانس برس من خارج العراق أنه يشك في أن الاتهامات الجديدة جاءت «نتيجة للغارات الجوية الإسرائيلية الأخيرة والتوترات الأمريكية الإيرانية»، مشيرا الى أنه «مؤسساتي ومحترف. يبدو أن هناك فريقا متخصصا في تجريدنا من الإنسانية». وعبر مرصد «الحريات الصحفية»، وهي مؤسسة مستقلة تعنى بالدفاع عن حقوق الإعلام، عن قلقها من أن هذا التحريض قد يؤدي إلى عنف حقيقي. وأوضح في بيان أن «جهات مجهولة تحرض على قتل صحفيين عراقيين وكتاب بارزين، وتوجه اليهم تهما لا تستند الى الواقع، وتنشر صورهم ومعلومات عنهم متهمة إياهم بالعمل لصالح إسرائيل». وأضاف: ان «ظاهرة الجيوش الإلكترونية وصلت إلى مستويات خطيرة»، مشيرة الى أنها «أصدرت تهديدات منها التحريض على العنف والكراهية». وانتقد البيان «الصمت المستمر للسلطات حتى الآن، بما في ذلك القضاء، في التخلي الواضح عن مسؤولياتها عندما يتعلق الأمر بالجرائم الإلكترونية».
مشاركة :