اتفق قانونيان على أن الأمر الملكي الكريم الذي تضمن تغييرات في الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لن تكون فقط في استبدال رئيسها بقدر ما هو تغيير في عمل المنظومة بأكملها، وأبديا ثقتهما في أن المرحلة المقبلة من عمل الهيئة سيؤسس لتكامل بين الجهات المعنية بمكافحة الفساد الأمر الذي سيفضي إلى تعزيز النزاهة وسيادة القانون وديمومة عملها. وأكد المستشار القانوني والمحامي ماجد قاروب على أن التعديلات التي تضمنتها الأوامر الملكية تشير بوضوح إلى أن الخطوة التالية لتحول مكافحة الفساد المالي والإداري وسيادة القانون قد انتقل من مرحلة الرؤوس الكبيرة من خلال لجنة مؤقتة إلى العمل الدائم والمستمر الذي تشارك فيه النيابة العامة ومختلف الأجهزة ذات العلاقة بما فيها المباحث الإدارية ليكون أمر سيادة القانون والشفافية وتعزيز النزاهة عمل دائم ومستمر، مضيفاً: «ولعل التصريح الأول لرئيس هيئة مكافحة الفساد -نزاهة- واضح بما لا يدع مجالاً للتأويل بأن المرحلة القادمة هي مرحلة القطاع التنفيذي بأجهزة الدولة وبطبيعة الحال شركاء الفساد من القطاع الخاص؛ لأنه لا يتصور وجود فساد من جهة واحدة إلاّ في حالة استغلال السلطة والنفوذ من القيادات المتوسطة والعليا في الأجهزة الحكومية». وتابع قاروب: «من المطلوب الآن وفي المقام الأول من الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن تطور تواصلها المؤسسي والمجتمعي والإعلامي لتترجم توجهات ورغبات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين -حفظهما الله- إلى واقع يثق به كل مواطن ومتعامل مع أجهزة الدولة المدنية والخدمية والأمنية والحقوقية والقضائية، لأنه مندوب دائم للهيئة يتولى التبليغ بكل ثقة وأمن واطمئنان عن أي معاملات فساد أو شبهة فساد، وهذا يحتم على الهيئة التواجد والتفاعل الاجتماعي مع الوطن والمواطن بصورة أكثر عمقاً وتفاعلاً ليكون لدى الهيئة خمسة مليون مواطن عبارة عن مساعدين لجهاز الهيئة للكشف عن أي فساد حفاظاً على مقدرات الوطن وأجياله القادمة. وأثنى قاروب على تعيين الدكتور عواد العواد رئيساً لهيئة حقوق الإنسان واصفاً جهود المملكة في هذا الشأن بأنه يستحق أن يقف العالم برمته تقديراً لجهود وواقع وممارسات المملكة المحلية والإقليمية في دعم وحماية حقوق الإنسان، مستدركاً بأن على الهيئة مع رئيسها الجديد التفاعل الإيجابي والاجتماعي والإعلامي على الصعيد الداخلي لنشر ثقافة حقوق الإنسان ليس فقط على المؤسسات الحكومية ومنسوبيها وقياداتها التشريعية والتنفيذية، بل أيضاً على مستوى كل مواطن ومقيم ليكون ملماً بحقوقه الأساسية التي أعطته إياها بفضل من الله أحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية الغراء، والتي أيضاً كفلها له النظام الأساسي للحكم الذي يعتبر دليلاً وتأكيداً على رسوخ مبادئ حماية حقوق الإنسان لدى الأسرة الحاكمة منذ تأسيس هذا البلاد على يد المؤسس وصولاً إلى عهد ملك الحزم والعزم سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين رجل القانون ومهندس رؤية 2030. من جهته اعتبر عميد كلية الحقوق في جامعة الملك فيصل الدكتور فارس العصيمي أن الأمر الملكي الكريم بتغيير رئيس هيئة مكافحة الفساد أنه يعطي دلالة واضحة بأن هذا النهج مستمر وأن سياسة ملاحقة الفساد والقضاء عليه منهج أساسي للدولة لن تحيد عنه، والحقيقة أنه لم يقتصر التغيير على استبدال الرئيس فقط بقدر ما أظهر أنه تطوير لعمل المنظومة والاستعانة بشخص متخصص بهذا المجال،ويؤكد ذلك بيان أهم المهام الجديدة المناط بها في هذه المرحلة والتي تبدأ باستئصال جذور الفساد الصغيرة بعد النجاحات التي تحققت بالقضاء على رؤوس الفساد الكبيرة بقيادة سمو ولي العهد -حفظه الله-، وحتى يتحقق ذلك فإن هذه المرحلة تتطلب تكاتف جميع موظفي الدولة للعمل مع الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وعدم السماح للبيروقراطية الحكومية بعرقلة حرب الحكومة على الفساد والفاسدين كباراً كانوا أم صغار، وذلك عن طريق التواصل المباشر مع الهيئة وتزويدها بكل ما يخدم أعمالها ويحقق أهدافها التي أنشئت من أجلها. د. فارس العصيمي
مشاركة :