كشفت شركة “ديلويت”، المتخصصة في الشأن المالي، أن إجمالي ما أنفقته أندية كرة القدم في أكبر خمس مسابقات للدوري في أوروبا بلغ 5.5 مليار يورو (6.13 مليار دولار) خلال فترة الانتقالات الأخيرة. ويزيد هذا الرقم بمقدار 0.9 مليار يورو عن الرقم القياسي السابق المسجل في 2018، حيث أنفقت أندية الدوري الإنكليزي الممتاز 1.55 مليار يورو. وأنفقت أندية الدوري الإسباني 1.37 مليار يورو متجاوزة حاجز المليار يورو لأول مرة بينما أنفقت أندية دوري الدرجة الأولى الإيطالي 1.17 مليار يورو وأندية دوري الدرجة الأولى الألماني 740 مليون يورو وأندية دوري الدرجة الأولى الفرنسي 670 مليون يورو. وكلها أرقام قياسية جديدة. وقال دان جونز، الشريك في وحدة الإحصاءات الرياضية التابعة لديلويت، “بلغت معدلات إنفاق الأندية في بطولات الدوري الخمس الكبرى في أوروبا مستويات لا سابق لها في فترة الانتقالات هذا الصيف”. وتابع “هذه المعدلات القياسية تقف وراءها عدة عوامل منها الإيرادات الإضافية التي حققتها الأندية من حقوق البث التلفزيوني للموسم الجديد والأموال التي حصلت عليها من المشاركة في مسابقتي الأندية في أوروبا”. وأشار جونز إلى عوامل أخرى متعلقة بالأندية ذاتها مثل التغييرات الإدارية وتحسين تشكيلات الفرق لتحقيق الأهداف على أرض الملعب. وأضاف “تحسن الأداء المالي للأندية الأوروبية قلل من حاجتها لبيع أفضل لاعبيها”. وضم أتلتيكو مدريد الإسباني المهاجم جواو فيلكس (19 عاما) من بنفيكا مقابل 126 مليون يورو بينما انتقل المهاجم الدولي الفرنسي أنطوان غريزمان إلى برشلونة من أتلتيكو مقابل 120 مليون يورو. ونجح ريال مدريد بعد محاولات مضنية في ضم الجناح البلجيكي إيدن هازارد من تشيلسي في صفقة قدرتها وسائل إعلام بنحو 100 مليون يورو. خيبة أمل كبيرة أنفقت الأندية الإسبانية مبلغا قياسيا على تعاقدات اللاعبين الجدد في فترة الانتقالات الصيفية ولكن يبدو أن هناك القليل من العمل الذي لم ينته بعد في الناديين الكبيرين بالدوري الإسباني. وقضى برشلونة معظم فترة الصيف وهو يفكر في إمكانية التعاقد مع نيمار نجم باريس سان جرمان الفرنسي. وبدأ ريال مدريد فترة الانتقالات بنية واضحة وهي التعاقد مع بول بوغبا من مانشستر يونايتد الإنكليزي. ولم يتمكن الناديان من تحقيق هدفيهما ومع ذلك استطاعت أندية الدوري الإسباني أن تكسر الرقم القياسي السابق من حيث الإنفاق والذي بلغ 888 مليون يورو في الموسم الماضي. وكانت أكبر ثلاث صفقات هي انتقال جواو فيليكس لأتلتيكو مدريد مقابل 127 مليون يورو، وأنطوان غريزمان إلى برشلونة مقابل 120 مليون يورو وإدين هازارد إلى ريال مدريد مقابل ما يقرب من 100 مليون يورو. وتخطت صفقة انتقال فيليكس إلى أتلتيكو مدريد الرقم القياسي السابق، الذي أبرمه النادي في التعاقد مع لاعب، بفارق كبير حيث كانت الصفقة القياسية هي التعاقد مع توماس ليمار مقابل 70 مليون يورو العام الماضي. وبالإضافة إلى هازارد، تعاقد ريال مدريد مع فيرلاند ميندي من ليون، ولوكا يوفيتش من آينتراخت فرانكفورت، وإدير ميليتاو من بورتو، ليتصدر الريال قائمة الأندية الأكثر إنفاقا في الدوري الإسباني حيث أنفق 298 مليون يورو على اللاعبين الجدد. وتعاقد برشلونة مع غريزمان بالإضافة إلى فرانكي دي ديونغ من أياكس ونيتو من فالنسيا حيث أنفق النادي 246 مليون يورو. وكان أتلتيكو مدريد هو ثالث أكثر الأندية إنفاقا بين أندية الدوري الإسباني حيث أنفق بشكل عام 245 مليون يورو. ورغم وجود صفقات بمبالغ مالية كبيرة، كان هناك شعور بخيبة الأمل مع غلق باب الانتقالات الصيفية منتصف ليل الاثنين. أحد أبرز الأندية التي وجدت نفسها تحت مجهر هذه القواعد هو باريس سان جرمان الفرنسي الذي أنفق مبالغ طائلة لم يكن الريال قريبا من جلب بوغبا إلى النادي. كما باءت بالفشل رحلات برشلونة إلى باريس في محاولة لإقناع باريس سان جرمان بالتخلي عن نيمار. واستطاعت أندية الدوري الإسباني أن تحقق رقما قياسيا جديدا من حيث الأموال التي تلقتها الأندية جرّاء بيع اللاعبين والتي قدّرت بـ992 مليون يورو. وأكد ريال مدريد استغناءه عن خدمات الحارس كيلور نافاس لباريس سان جرمان، فيما انتقل ألفونس أريولا لاعب سان جرمان إلى الريال على سبيل الإعارة. ووجه الريال، في بيان، شكره للحارس الكوستاريكي الدولي على “سلوكه ومساهمته في الدفاع عن قميص الريال خلال خمس سنوات”. وانضم نافاس إلى الريال في 2014 قادما من ليفانتي وفاز بـ12 كأسا من بينها ثلاثة ألقاب لدوري أبطال أوروبا. وكان نافاس الحارس المفضل للمدرب زين الدين زيدان الذي لم يكن يريد الاستغناء عنه. رحيل نافاس، تزامن مع فشل النادي في التعاقد مع بوغبا وهو ما يكشف أن الأمور لم تسر بالشكل الجيد لزيدان في الصيف. ولم يعلن الناديان عن قيمة صفقة الحارس البالغ من العمر 32 عاما ولكن وسائل الإعلام في إسبانيا أفادت أن النادي الفرنسي أنفق ما يقرب من 15 مليون يورو للتعاقد مع نافاس الذي حصل على عقد مدته خمس سنوات. وكان نادي إشبيلية مشغولا في اليوم الأخير من الانتقالات، حيث أعلن تعاقده مع ياسين بونو من جيرونا على سبيل الإعارة الاثنين الماضي بعدما سمح النادي لسيرجيو ريكو بالانتقال إلى باريس سان جرمان لمدة موسم على سبيل الإعارة. كما تعاقد أيضا مع المهاجم المكسيكي خافيير هيرنانديز “تشيتشاريتو” في اليوم الختامي. وذكر بيان إشبيلية “وهو في عمر 31 عاما، تشيتشاريتو هو أكثر اللاعبين تسجيلا للأهداف في تاريخ المنتخب المكسيكي برصيد 51 هدفا في 108 مباريات. وقع لمدة ثلاثة أعوام”. ولم يعلن عن قيمة الصفقة، ولكن وسائل الإعلام الإسبانية تكهنت بأن إشبيلية سيدفع ما يقرب من 7.5 مليون يورو لفريق ويست هام يونايتد. وقال مهاجم مانشستر يونايتد وريال مدريد الأسبق “أريد أن أرتقي وأن أظهر أنه بإمكاني أن أكون مفيدا لناد بهذا الحجم”. وأضاف مونشي المدير الرياضي لإشبيلية “بالكاد رأيت لاعبا لديه هذه الرغبة الكبيرة للانضمام إلى مشروعنا”. وتعاقد إشبيلية مع 13 لاعبا بشكل عام حيث قام مونشي بالعديد من الأعمال فور عودته إلى ناديه السابق بعدما تركه لمدة عامين للانتقال إلى روما. سوق ثانية وفي سياق آخر، تعاقد إنتر ميلان الإيطالي وبايرن ميونيخ الألماني مع اسمين بارزين هما التشيلي أليكسيس سانشيز والبرازيلي فيليبي كوتينيو، لقاء بدلات مالية زهيدة نسبيا، مستفيدين من نظام الإعارة الذي تحول إلى “سوق” انتقالات ثانية بين أندية كرة القدم. ويوضح يوناس باير-هوفمان، المدير العام لرابطة اللاعبين المحترفين “فيفبرو” في تصريحات لوكالة “سيد” الألمانية المرتبطة بفرانس برس “في الأعوام الماضية، باتت الإعارات سوق انتقالات ثانية في اللعبة الشعبية”. ويضيف “على سبيل المثال، تم استثمار أكثر من 500 مليون دولار في الإعارات عام 2017، وهذا لم يكن الهدف لدى بدء اعتماد هذا النظام”. وفي بدايته، هدف هذا النظام إلى منح اللاعبين الشبان في صفوف الأندية الكبرى، وقتا أطول للعب، من خلال إعارتهم إلى أندية أخرى أقل شأنا، توفر لهم فرصة خوض مباريات لفترة أشهر أو أكثر، على عكس المتاح لهم في أنديتهم الأصلية التي عادة ما تضم لاعبين أفضل منهم ولديهم خبرة أكبر، وتاليا مكانهم محجوز في التشكيلة الأساسية. لكن أندية عدة لاسيما تشيلسي الإنكليزي، استفادت من نظام الإعارة بشكل كبير من خلال جذب عشرات اللاعبين المحترفين الشبان، وتوزيعهم على أندية أخرى، ما يوفر لها مخزونا كبيرا من الخيارات. وتتيح هذه المقاربة اختبار اللاعبين الشبان في الأندية الأخرى، واختيار من أثبتوا جدارتهم لرفعهم إلى مصاف الفريق الأول، في مقابل بيع الآخرين إلى طرف آخر والاستفادة من الإيرادات المالية لصفقاتهم. وتتفاوت تقديرات التقارير الإنكليزية بشأن عدد اللاعبين المعارين من تشيلسي إلى أندية أخرى في هذه الفترة، وتتراوح بين 23 و40. وعلى سبيل المثال، عاد إلى صفوف تشيلسي هذا الموسم مهاجمه البلجيكي ميتشي باتشواي (25 عاما) بعد سلسلة إعارات على مدى العامين الماضيين، منها ستة أشهر في بوروسيا دورتموند الألماني، ومثلها في فالنسيا الإسباني وكريستال بالاس الإنكليزي. ويرى باير-هوفمان أن خطوات كهذه “هي إشكالية. الوضع يصبح هشا جدا بالنسبة للاعبين الذين تتم إعارتهم كل عام إلى فريق مختلف، ولا يتمكنون من فرض أنفسهم أو التأقلم بشكل ملائم مع المدينة”. ورغم أن الاتحاد الدولي (فيفا) هو المنظم لانتقالات اللاعبين بين الأندية، لكن نظام الإعارة لا يزال يخضع لمعايير مختلفة بحسب كل بلد. اللعب المالي استفادت الأندية، لاسيما الكبرى منها، من نظام الإعارة لـ”التخلص” من لاعبين نجوم يحصلون على رواتب مرتفعة، في ظل صعوبة انتقالهم بالطريقة التقليدية إلى فرق أخرى نظرا لارتفاع كلفة ذلك. وعلى سبيل المثال، ضم بايرن المتوج بطلا للدوري الألماني في المواسم السبعة الماضية، الكرواتي إيفان بيريشيتش من إنتر ميلان الإيطالي، والبرازيلي كوتينيو من برشلونة الإسباني، علما بأن الأخير انضم إلى النادي الكتالوني في يناير 2018 من ليفربول الإنكليزي، في صفقة قدّرت وسائل الإعلام بأن قيمتها قد تصل إلى 160 مليون يورو. ودفع برشلونة 120 مليون يورو للتعاقد مع كوتينيو، تضاف إليها 40 مليون يورو من المكافآت والحوافز. أما الصفقة بشأنه مع بايرن، فتشمل الإعارة لعام، مع خيار شراء نهائي بعد ذلك بقيمة 120 مليونا. وحسب التقديرات الصحافية، سيدفع بايرن لبرشلونة 8.5 ملايين يورو (يضاف إليها راتب اللاعب)، وهو مبلغ زهيد للاعب على هذا المستوى. جانب آخر باتت الأندية تتطلع إليه مع الاعتماد المتزايد على نظام الإعارة، هو البقاء ضمن متطلبات قواعد اللعب المالي النظيف التي يفرضها الاتحاد الأوروبي (ويفا)، والتي تهدف بشكل أساسي إلى عدم إنفاق الأندية أكثر من عائداتها خلال دورات زمنية محددة بثلاثة أعوام. أحد أبرز الأندية التي وجدت نفسها تحت مجهر هذه القواعد هو باريس سان جرمان الفرنسي الذي أنفق مبالغ طائلة. فقد تعاقد النادي المملوك من شركة قطر للاستثمارات الرياضية، مع البرازيلي نيمار آتيا من برشلونة الإسباني لقاء 222 مليون يورو، ما جعل منه أغلى لاعب في تاريخ اللعبة. وبعد أيام قليلة، أبرم النادي تعاقدا كبيرا ثانيا بضم المهاجم الشاب كيليان مبابي من موناكو. لكن انتقال الأخير تم بصفقة مزدوجة تقوم على استعارته لموسم واحد، قبل التعاقد معه بشكل ثابت، في عملية قدرت كلفتها بـ180 مليون يورو. ورغم ذلك، فتح الاتحاد الأوروبي تحقيقا بشأن احتمال مخالفة النادي لقواعد اللعب المالي النظيف. سبب آخر بات يدفع الأندية إلى اعتماد نظام الإعارة، وهو تحقيق أعلى عائد ممكن من بيع لاعبيها إلى طرف آخر. فعلى سبيل المثال، انضم الأرجنتيني جيوفاني لو سيلسو بشكل نهائي إلى ريال بيتيس الإسباني هذا الصيف، لكن النادي “باعه” معارا إلى توتنهام الإنكليزي لموسم لقاء 16 مليون يورو، والانتقال النهائي سيكون في صيف العام المقبل. لكن بيتيس سيستفيد من هذه الصفقة عبر الحد من البدل المالي الذي يحصل عليه نادي لو سيلسو السابق، باريس سان جرمان الفرنسي، وذلك من خلال خفض القيمة ا الفعلية لانتقاله، بما أن مبلغ الـ16 مليون يورو سيحسم من القيمة النهائية لصفقة البيع في صيف 2020.
مشاركة :