مؤخرًا، أصدر المركز الملكى للبحوث والدراسات الإسلامية، بالمملكة الأردنية الهاشمية، كتابه السنوى لعام 2019 – 2020 حول أكثر 500 شخصية إسلامية تأثيرًا حول العالم، فيما شهدت القائمة تمثيلًا مشرفًا لمصر. ونجح الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، فى احتلال المرتبة التاسعة، بينما استطاع الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتى الديار المصرية السابق، فى الحفاظ على تواجده بالقائمة للعام الحادى عشر على التوالى، ببلوغه المركز الـ18. وحفاظ مفتى الديار المصرية السابق على هذه المكانة لأكثر من عِقد ربما يعود إلى العديد من الأسباب التى أهلته لبلوغ تلك المرحلة المتقدمة علميًا ودينيًا، فشهدت حياته محطات مؤثرة رفعت من أسهمه كعالِم جليل، وهو ما يكشف عنه لفيف من الأزهريين. يروى الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن «جمعة» جمع ما بين دراستين، الأولى شرعية (علم أصول الفقه)، والثانية مدنية سابقة على الدراسة الشرعية، بالإضافة إلى أنه عالِم موسوعى، فلم يقتصر على تخصصه الأكاديمى فحسب، لأن له دراسات فى علوم إسلامية متنوعة. ويشير «كريمة»، لـ«المصرى لايت»، إلى أن «جمعة» له رؤية فى تطوير علم أصول الفقه: «ما أعرفه عن دكتور على أيام ما كان يسكن فى شارع محيى الدين أبوالعز بالدقى، كان يبدأ يومه بصلاة الفجر، وشقته كانت مفتوحة لطلاب الدراسات العليا، خاصة الوافدين منهم، فيعرضون عليه الخطط البحثية سواءً هو مشرف عليها أو لا، ثم يتوجه إلى الجامع الأزهر فى الضحى، وفى أحد الأروقة بالجامع كان يستقبل جموع الناس للإفتاء تطوعًا». ويضيف «كريمة» : «بعدها كان يتوجه إلى جامعة الأزهر لعمله بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنين بالقاهرة، ثم يذهب للمعهد العالمى للفكر الإسلامى بالزمالك، ثم يذهب إلى أنشطة اجتماعية خيرية، كان لا ينام قبل منتصف الليل ويستيقظ مع أذان الفجر». يقول «كريمة» إن «جمعة» كان ولا يزال عامل خير مع كل المحيطين به، فلم تصدر عنه إساءة لزميل، حتى المختلفين معه فى قضايا معينة لم يتعرض لهم، ثم تُوج بأن صار من الدعاة المبرزين فى العمل الخيرى لنفع البلاد والعباد، بخبرته الموسعة وثقافته الأزهرية التى فيها التعدد، كما يتصدى مع شرفاء الوطن للتطرف والغلو، على وجه الخصوص الجماعات السلفية والإخوان المسلمين. ولا ينسى «كريمة» أحد المواقف التى آثر فيها «جمعة» مصلحة البلاد على شخصه، فيحكى: «فى عام حكم الإخوان تطاول عليه أبوإسحق الحوينى، والدكتور أراد رفع دعوى قضائية بتهمة السب والقذف، وخرجت جحافل السلفية محاصرة المحكمة فى أول جلسة، هنا آثر مصلحة الوطن فى وقت عصيب على المصلحة الشخصية، وأنا شاهد عيان، تنازل عن القضية، وعفا عنه». ي عتبر «كريمة» أن «جمعة» طور دار الإفتاء المصرية، وربّى جماعة من الشباب على ثقافة الأزهرية والميل إلى الصوفية الحقيقية، فهم حاليًا يساعدون الدكتور شوقى علام مفتى الديار المصرية فى عمله، بالإضافة إلى تأهيله لطلاب يذهبون إلى مسجده فى سوميد بـ6 أكتوبر: «عنده طريقة صوفية معتدلة وثقافة أزهرية وسطية، ويرتبط بعلاقة حب مع كل الأصدقاء والزملاء، أنا شرفت بمزاملته فى قسم الشريعة الإسلامية بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، فى النهاية هو عالم موسوعى قل نظيره». ورغم عدم قربه من مفتى الديار المصرية السابق، إلا أن الشيخ خالد الجندى، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، يرى أنه عالِم كبير وفخر لمصر: «ندعو الله أن يكون هناك مزيد من التقدم والرقى». ويرجع «الجندى»، لـ«المصرى لايت»، بلوغ «جمعة» هذه المكانة نتيجة جهوده الملحوظة فى تطوير دار الإفتاء خلال توليه المسؤولية، وعلمه الغزير الذى يتمتع به وسعة اطلاعه وثقافته، هذه كلها عوامل ساعدته للوصول إلى هذا المستوى اللائق، الذى نتمنى أن يبلغه كل عالِم: «أعانه الله ونفعنا به، هو بمثابة الشيخ الوالد لنا جميعًا». وينوه الدكتور أحمد المالكى، عضو المكتب الفنى بالأزهر الشريف، إلى أن «جمعة» هو أول من تصدى للفكر المتطرف فى مصر منذ أكثر من 20 عامًا، وكان يتميز، قبل أن يكون مفتيًا، بعلمه الواسع، فهو بمثابة «أكاديمية تمشى على الأرض» حسب قوله. يتميز «جمعة» بأسلوبه البسيط والعذب، فمن خلاله جذب قلوب الجميع، لأنه شيخ للمتخصصين والعامة سويًا حسب «المالكى»، الذى يضيف لـ«المصرى لايت»: «هو ركيزة علمية ويتكلم من أرض صلبة، وله مدرسة منتشرة فى مصر وخارجها». ويتابع «المالكى» روايته: «له تلاميذ كثر، كنت أعرف ناسا يأتون من بلاد عدة للجلوس تحت أقدام مولانا على جمعة حتى يتعلموا منه، ما سبق أعتقد جعل الجميع يشعرون بأنه صادق ومخلص، ورزقه الله عز وجل القبول فى الأرض».
مشاركة :