ثروت الخرباوي لـ «الراي»: دور الكويت في مواجهة الإخوان يتّسم بالب...

  • 9/9/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

مُحام لا يشق له غبار في عالم المحاماة، ومفكر إسلامي مجتهد، وكاتب صحافي قدير، بدأ حياته السياسية في حزب الوفد ثم مالبث أن انضم لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر حالياً، وانخرط في تنظيمها وشارك في الدفاع بالمحاكم عن بعض رموزها.وبعد سنوات عدة من المراجعة قرر أن يغادر «القفص الإخواني» عن شديد قناعة وتمسك بموقفه، ورفض العودة إلى الجماعة بشكل قاطع، ولم يكتف بذلك بل راح يواجه «الأخطاء والخطايا» التي كان شاهداً عليها، فبدأ في إصدار سلسلة من الكتب، التي قال فيها كلمته للأمة، محذراً من جماعة الإخوان، وبدأ بكتاب «قلب الإخوان» فأوجع قلوب أهل التنظيم وتبعه بـ«أئمة الشر» ثم كان «سر المعبد» بجزءيه الأول والثاني، فكشف الكثير والكثير جداً من أسرار «المعبد الإخواني».إنه المحامي ثروت الخرباوي، الذي خص «الراي» بحوار شامل وطويل، قدم خلاله بعضاً مما في جعبته، التي لا يزال فيها ما سيقدمه في إصدارات أخرى، كونه على قناعة بأن جماعة الإخوان «كنز من المعلومات والأسرار والخفايا التي لم يحط بخباياها الكثيرون».في حواره مع «الراي»، وجه الخرباوي اتهاماً صريحاً من جانبه لفضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر، بعدم قدرته على تجديد الخطاب الديني ومواجهة الفساد المستشري في المؤسسة الأزهرية، المسؤولة عن «إراقة الكثير من الدماء، بسبب ماورد في بعض مناهج معاهدها»، وفيه أيضاً إقرار بقصور الدولة المصرية في مواجهة «الإخوان» فكرياً، وإشادة بالسعودية في ذلك، ولوم للكويت على ما أسماه «القصور في مواجهتهم» من خلال استخدام القوة الناعمة، التي يقول إن الجماعة أحسنت استخدامها في نشر أفكارها وإبراز المظلومية الوهمية. وأكد الخرباوي أيضاً أن «الإخوان» خارج السجون يجتهدون الآن في إعادة بناء معبدهم، وأنهم يجيدون صناعة الأذرع بامتياز، محذراً من خطورة التأخر في مواجهتهم بالفكر المؤثر في العقلية الجمعية، «خصوصاً أن المخابرات البريطانية تدير منظومتهم الإعلامية بنجاح».ورأى الخرباوي أن مواجهة الجماعة يجب أن تكون عربية، على أن تكون مصر هي البادئة في إنتاج مشروع المواجهة التي تتطلب النزول إلى الشارع. وإذ اعتبر أن النُسُك التي وضعها حسن البنا هي نُسُك شيطانية، أوضح الخرباوي أن «حماس» و«القاعدة» أذرع عسكرية لـ «الإخوان» ليس بهدف مواجهة إسرائيل، كما يعتقد السّذّج، بل لإنشاء جيش قوي ومدرب يكون تحت يدهم، مفترضاً أنهم كانوا يسعون الى القضاء على الجيوش الوطنية الحديثة.وقال: بتنا في حاجة الى «ثورة دينية» كي نلحق بالعالم، وهناك مدرستان للإسلام «النقل» و«إعمال العقل»، وأنه ليس من المقبول أن يظل فهمنا للدين معتمداً على المدرسة السلفية.وفي ما يلي الجزء الأول من الحوار: ● لاحظت فور وصولي الى بيتك العامر وجود تأمين وحراسة... فهل يعني هذا أنك في خطر؟- لست وحدي في خطر، بل كل من وقف ضد «الإخوان» ومشروعهم وأسهم في إسقاطهم. والدولة تعرف هذا ولذلك كان هذا التأمين من جانب وزارة الداخلية، ليس لي وحدي ولكن لكثير من الشخصيات التي واجهت «الإخوان» وتعرضت لمحاولات اغتيال مثل الدكتور علي جمعة وغيره. ● ولماذا جئت الى (التجمع)، وهي منطقة سكنية يقطن فيها معظم قيادات الجماعة... هل لتكون في «قلب الإخوان»؟ - نعم، معظم قيادات الإخوان كانوا يقطنون هنا، إلا أنهم الآن قابعون في سجن «طرة». وقد جئت الى «التجمع» لأن سكني القديم في «مدينة نصر» كان قد استهدف بالرصد والمتابعة. ● بنصيحة أمنية؟- نعم احترقت ● ثمة من يقولون، ولست منهم، بأن ثروت الخرباوي أفرغ كل ما في جعبته و(احترق)؟- (بدا وكأن السؤال استفزه) فقال: أحترم كل الآراء، لكن على ما يبدو أن مفهوم الاحتراق عند هؤلاء يعني أن كل ما لدي وضعته في كتب وانتهى الأمر. والتقييم يجب أن يكون مختلفا، فليس كل بضاعتي أنني كنت في (الإخوان) وانفصلت عنهم ولا يجب تقييمي على هذا النحو، ولكني أجتهد في سبيل تقديم رؤية جديدة للإسلام، تواجه مفاهيم جماعات الإرهاب وعلى رأسها جماعة الإخوان، وانظر الى الفنان الراحل محمود المليجي الذي تم حبسه في أدوار الشر وأداها جميعها، وقال الكثيرون إنه استهلك واحترق، لكنه جاء بعد ذلك فقدم فيلم «الأرض» فظهرت موهبة رائعة ومذهلة. أما في ما يتعلق بالمعلومات فجماعة الإخوان كنز من المعلومات والأسرار في منتهى الأهمية والخطورة، وقد أصدرت كتبي وفق فلسفة محددة. قلب «الإخوان»● ماهي هذه الفلسفة؟- في 2009 أصدرت «قلب الإخوان» واستهدفت به مخاطبة عناصر وقواعد الجماعة، لأثبت لهم بالأدلة فساد التنظيم، ولم يكن هدفي نشر معلومات عن (الإخوان) في أوساط الرأي العام، وعندما رأيت أن خطر (الإخوان) أصبح كبيراً على الأمة كان ينبغي أن أقدم القدر المتاح والمباح استقباله من الرأي العام، لأنني لو كنت في 2003 تكلمت عن (الإخوان) على أنهم جماعة ماسونية من ذا الذي كان سيصدقني، خصوصاً أن كبار الساسة وقيادات الرأي العام من مختلف التوجهات كانت تصلي خلف مرشد الجماعة؟! إذاً كان يجب مخاطبة الناس بما يتناسب مع قدرتهم على الاستقبال، ولهذا وضعت جزءاً لا بأس به من المعلومات المتوافرة لدي، والموثقة في الجزء الاول من كتاب «سر المعبد» وعندما أحدث صدى وتحدث الكثيرون بما ورد فيه وتناقلوه، كان يحب أن أقدم قدراً آخر من المعلومات الكاشفة للجرائم الإخوانية، وأكشف أسراراً خافية عن الناس، كعلاقة حسن البنا و(الإخوان) بالحركة الصهيونية وبالمحفل الماسوني في باريس، وبدورهم في حريق القاهرة، وغير ذلك من الأمور التي لم يتحدث عنها أحد من قبل. عمر ومصطفى... وإخوان الكويت● مثل؟- أمور كثيرة وقل لي أنت: هل تحدث أحد عن «اخوان الكويت» وصلتهم بالتنظيم الدولي وبالتنظيم في مصر، ودور الشيخ حسن أيوب في تأسيس حركتهم، ودور «إخوان الكويت» في تأسيس حركة الجماعة في بلدان الخليج؟ وهل كتب أحد عن توجيه مرشد الاخوان عمر التلمساني خلال حقبة السبعينيات وتبعه في ذلك خلفه مصطفى مشهور بأن يكون للتنظيم في الكويت ثلاث حركات ومكتب للتنسيق بينهم؟ وهل كتب أحد عن بعض الشخصيات التي انشقت عن التنظيم في الكويت ووقفت ضده؟ ● مثل من؟- مثل الشيخ الجليل محمد المأمون المحرزي، وهو الآن في الثمانين أطال الله في عمره ولايزال يقيم في الكويت، وهو أحد الذين أسهموا في حركة انشقاق حقيقية قوية في صفوف «إخوان الكويت». وهل تحدث أحد عن إخوان المغرب أو حزب العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية وجمعية التوحيد و الإصلاح؟ وهل تحدث أحد عن الخطة الأميركية لإسقاط الأنظمة في بلدان الخليج ومعاونة (الإخوان) كلهم لهم في ذلك؟ وهل تحدث أحد عن علاقة (الإخوان) بالحركات السلفية والإرهابية؟ كل هذه يا أخي اشياء مستقبلية، ويجب أن أحذر الناس، ولا يزال في الجعبة الكثير من حيث الكم المعلوماتي، أما عن الأفكار فهي إنتاج بشري يستطيع الإنسان أن ينتج المعرفة مادام أنه يتحرك في الحياة. مجرد رؤوس عناوين● هذا يعني أن هناك الكثير من أسرار المعبد الذي كنت فيه لم تُفشِه بعد؟ - نعم، وما أشرت إليه مجرد رؤوس عناوين، فنحن نتحدث عن تنظيم عمره أكثر من 90 عاماً ولا يمكن أن يحتويها كتاب أو اثنان أو ثلاثة. ● هل لا يزال في المعبد من يتعبد وفق الأصول التي أرساها حسن البنا وتبعه فيها أسلافه؟ - النسك التي وضعها حسن البنا هي نسك شيطانية، من يتعبدون وفقها ضل سعيهم في الحياة الدنيا، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، إنهم يتعبدون للشيطان الذي ألقى في روع حسن البنا مفاهيمه، وقد تعرضت لذلك في الجزء الثاني من كتابي «سر المعبد». دهاليز وكهوف● أسقف وجدران المعبد... هل لاتزال قوية وعازلة للأسرار أم أصبحت آيلة للسقوط على رؤوس من بقوا يمارسون طقوسهم فيه؟ - كثير من حوائط وأسقف المعبد سقطت، لكن يوجد تحت أرض المعبد دهاليز وكهوف وضع فيها (الإخوان) الكثير من الأسرار الخاصة بهم حتى لا يتمكن أحد من الوصول اليها. ● وهل لاتزال على علاقة برموز تتعبد في المعبد حتى الآن وتستقي معلومات وأسراراً من تلك التي في هذه الكهوف والدهاليز؟ - الكم المعلوماتي لدي قمت بتحصيله خلال فترة وجودي في الجماعة واستمر لعشر سنوات، حيث كانت هناك عناصر قريبة من المناصب ورافضون تماماً لبعضهم البعض، ورافضون لخط سير الجماعة، لكن لم تكن لديهم القدرة على الانشقاق، فكنت أحصل منهم على المعلومات خلال الفترة من 2002 الى 2011 وأما القدر المعلوماتي القديم عن تاريخ (الإخوان) فكنت قد حصلته من قبل، وأما الآن فليس لي علاقة بأفراد في التنظيم، ولكن لي علاقة بأفراد لهم علاقة بمنتهى القوة بقيادات مختبئة أو قيادات لا يعرفها أحد، أعرف من خلالهم ما الذي يحدث داخل التنظيم.● كيف تكون كثير من أسقف وحوائط المعبد قد هدمت، بينما قلت أخيراً إن هناك حالة «تأخون» لا إرادي أصابت عدداً كبيراً من الأمة، وأن رموز الإخوان في السجن ما زالوا يجندون عناصر جديدة، كما قلت إن هناك 300 ألف إخواني في مؤسسات الدولة يثيرون المواطنين ويشككون في الإنجازات، وأن نصف أساتذة جامعة الأزهر إخوان؟- كل هذا الكلام صحيح، فجماعة الإخوان لها دوائر عديدة ودائرة التنظيم التي يصل عددها تقريباً إلى 400 ألف، وهناك دوائر أكثر اتساعاً تضم المؤيدين المحبين والمؤمنين بالمظلومية وبالأفكار الدعائية، ومنهم 300 ألف فعلاً في مؤسسات الدولة، للأسف قيادات بالحزب الوطني الحاكم سابقاً سمحت وسهلت لهم العمل في هذه المؤسسات لأهداف انتخابية، وبشكل دائم نسمع عن اكتشاف عناصر إخوانية متخفين وعن إلقاء القبض على أعداد منهم، وهناك نحو 30 ألف إخواني في السجون المصرية، كما أن عدد الإخوان الذين خرجوا من مصر يقترب من 25 ألفاً.الإخوان والحزب الوطني ● أمن أجل أهداف انتخابية فقط كما تقول، أم مواءمات كانت بين النظام والإخوان؟- العلاقة بين الإخوان والحزب الوطني والتحالفات التي كانت تتم بينهما من الأمور التي يجب كشفها. ● من المعني بكشف هذه العلاقة؟ - أعرف الكثير من هذه الأسرار وكتبت بعضها وسأكتب البعض الآخر عندما يئن الأوان. نعم لقد قلت لك أن أسقف وحوائط المعبد تهدمت، لكن لا بد أن يكون معلوماً للجميع أن الإخوان الذين هم خارج السجن يحاولون الآن إعادة بناء المعبد ولديهم الآلية لإعادة إنتاج قيادات وسطية جديدة لايعرفها أحد، وقد علمت بأن ثمة اختلافاً في الأيديولوجية التي يجب اتباعها ويتبناها الأفراد الجدد، الذين تم تجنيدهم. فهل يتم التجنيد على خلفية قتالية وحمل السلاح أم على خلفية تربوية، وعندما يقوى التنظيم ينقلون الى مرحلة السلاح والقتال؟ وحتى الآن الغلبة لهذه المجموعة التي سيطرت على 19 محافظة من محافظات مصر، والمحصلة أجيال جديدة من الإخوان. أما بقية المحافظات فلا تزال تعمل وفق النهج الأول لإنتاج أفكار قتالية يسمونها «جهادية» ولاتزال أجهزة الدولة تقبض باستمرار على أفراد من هذا التنظيم أو ذاك. إذاً مسألة إعادة البناء هذه ثقافة موجودة عند الإخوان، وقد فعلوها أكثر من مرة لا سيما عندما حبسهم عبد الناصر العام 1954. أذرع الجماعة● هم يجيدون صناعة الأذرع، فكلما فقدوا ذراعاً استطاعوا تعويضه... أليس كذلك؟- صناعة الأذرع إخوانية بامتياز، وعليه فلا قيمة لقطع الأذرع ولابد من إصابة القلب أو العين، لكي يصبح هذا التنظيم الأخطبوط أعمى ويتخبط. ● هل لك أن تحدثنا عن هذه الأذرع؟ - كثيرة، منها حماس الذراع العسكرية التي تشكلت بأوامر مصطفى مشهور، ليس بهدف مواجهة إسرائيل كما يعتقد السذج، بل لإنشاء جيش قوي مدرب قتالياً ليكون تحت يد الاخوان متى أرادوا، وهذا حصل بعد 2011 وما زلنا نعاني في شمال سيناء من ويلات هذا التنظيم. كذلك هناك تنظيم القاعدة الذي تم إنشاؤه برعاية مصطفى مشهور، وهو من أطلق عليه اللقب بعد الاتفاق مع عبدالله عزام وأسامة بن لادن، وكانت البداية بمكتب يتلقى التبرعات ويستقبل الراغبين في الجهاد بأفغانستان ويرسلهم الى بعض المناطق للتدريب، والهدف منه تشكيل جيش مدرب على حمل السلاح يستخدمونه متى أرادوا، وبالفعل أتت أعداد كبيرة منه إلى سيناء في عهد (الرئيس الأسبق الراحل محمد) مرسي، وتم توطينهم فيها لكي يكونوا جيشا موازيا للجيش المصري، لأنهم كانوا يسعون للقضاء على الجيوش الوطنية الحديثة، وهناك أذرع داخل البلاد مثل الجهاد والجماعة الاسلامية. ● وطالبان والزرقاوي وداعش؟ - وطالبان طبعا والزرقاوي وتنظيم داعش، وقد اعترف القرضاوي بأن زعيمه أبو بكر البغدادي ابن من أبناء «الاخوان». ● وجمعية أجناد مصر... أليست إخوانية بامتياز؟ - نعم، نعم... بل هي شكل من أشكال النظام الخاص للجماعة في تطورها التنظيمي والحركي، حيث ارتؤوا أن يكون للنظام الخاص أسماء مختلفة فأصبح هناك جمعية أجناد مصر وأنصار بيت المقدس، وكلهم كيان واحد، وهناك كيانات منبثقة منهم مثل تنظيم 95 ومثل سرايا القدس. أما اذا تحدثنا عن الأذرع الفكرية والدعوية، فهناك قسم الدعوة وهناك عدد كبير من علماء الأزهر أذرع للإخوان، وخصوصاً من الشكل الجديد للدعاة، كما كان هناك فنانون لهم علاقة مع الاخوان وانكشفوا بعد أن قدموا أفلاما قبل 2011 لخدمة الجماعة. تفوق الإخوان ● إذاً الإخوان موجودون على الساحة شئنا أم أبينا؟ - ومن قال إنهم غير موجودين؟ إنهم موجودون بأفكارهم، وهذا ماقصدته بقولي إن هناك حالات تأخون لا إرادي، فقد نجد شخصاً ضد الإخوان لكنه يردد أفكارهم. ● هذا يدفعنا للسؤال: إلى متى يستمر التعامل معهم أمنياً وبالقوة وأين دور القوة الناعمة؟- الدولة ممثلة في الأجهزة الأمنية تتعامل معهم الآن، نعم بالقوة ولكن تحت غطاء القانون، وتحقق نجاحات كبيرة، لكن هذا لن يقضي على شجرة الإرهاب الخبيثة التي تثمر إرهابيين، فقط يقضي على مجموعات من الإرهابيين ولا بد من مواجهة الشجرة بالأفكار والرؤى ومن خلال عقيدة إنسانية تواجه تلك العقيدة الإرهابية العنصرية المتطرفة، بحيث تكون هناك ايديولوجيا للدولة. فعبد الناصر سواء اتفقنا أو اختلفنا معه كانت له ايديولوجية فلم يكن فقط ضد الإخوان بل وضع فكرته العروبية والقومية، واعتمد الاشتراكية وهذه أفكار سياسية، وفي هذا الإطار بدأ تنفيذ مشروعه ونفذ الاصلاح الزراعي تحت غطاء العدالة الاجتماعية، وخرجت فرقة رضا تواكب ذلك بالغناء في اطار استخدام القوة الناعمة. هناك الآن قصور في المعالجة الفكرية وفي المواجهة وفي استخدام القوة الناعمة. ● ألا ترى أن الإخوان هم من يستخدمون القوة الناعمة، وآلة إعلامهم قوية وتخاطب الشارع المصري والعربي بطريقة شديدة الذكاء، فمثلا استطاعوا صنع مظلومية للدكتور مرسي بعد وفاته؟- نعم الإخوان ومن يدعمونهم هم الذين يستخدمون القوة الناعمة لنشر أفكار الجماعة وإظهار المظلومية الوهمية، ولاشك أن لديهم آلة اعلامية قوية جداً جداً جداً، وإذا كانت خبراتهم التراكمية الطويلة قد ساعدتهم، الا أن علاقتهم بالمخابرات الغربية عموماً والمخابرات البريطانية خصوصاً قد ساعدتهم أكثر، بالإضافة إلى صلتهم بمراكز متخصصة في إدارة وتوجيه العقلية الجمعية وخلق حالات غضب. ولننظر الى الوراء ونبحث عن معهد «تافيستوك» والمعهد الملكي البريطاني «تشاتام هاوس» وهما تابعان لجهاز المخابرات البريطاني، فالأول يدير المنظومة الإعلامية لحماية الإخوان، ولاننسى أنه كان القائد في الثورة الإيرانية العام 1979 ووضع الخطط الكفيلة بإثارة الجماهير وتوجيه طاقات الغضب، وهو صاحب فكرة شرائط الكاسيت التي خاطب الخميني من خلالها الشعب، كما أن هذا المعهد هو من أنتج لنا «الفيسبوك» و«توتير» وفقاً لآليات العصر الحديث، وهو الذي أسهم في إنشاء قناة الجزيرة، وهو من وضع المقررات لقناتي «مكملين والشرق» وغيرهما، وقام بتدريب المذيعين. ولنقارن بين أسلوب كل من معتز مطر ومحمد ناصر الحماسي وأسلوبهما عندما كانا في مصر، فقد تلقيا تدريبات قوية جداً من أجهزة عالية جداً، وفي المقابل لم ننتج نحن القيادات الإعلامية ذات القبول والكاريزما التي تستطيع الوصول الى عقليات الناس وتقديم منتج عربي وطني يستطيع أن يصد ويرد على القوة الناعمة لجماعة الإخوان. ● هل مواجهة الإخوان يجب أن تكون مصرية فقط أم عربية، خصوصاً أنهم تغلغلوا على مدى عشرات السنين في بلدان عدة، لاسيما دول الخليج وربما برعاية شبه رسمية؟ - بالطبع المواجهة يحب أن تكون عربية، لكن يجب أن تكون مصر هي البادئة في إنتاج مشروع لمواجهة مشروع الإخوان. بصيص أمل● ألا ترى أن ثمة جهوداً في هذا الإطار في بعض البلدان العربية؟ - هناك الآن بصيص أمل، فالسعودية مثلاً تتخذ خطوات جادة جداً وغير مسبوقة في تاريخ المملكة لمواجهة مشاريع التطرف، وفي استخدام القوة الناعمة، وكذلك الإمارات، إلا أن مراكز الأبحاث هناك تخاطب المثقفين فقط... هذا لا يكفي فمواجهة الاخوان تتطلب النزول للشارع بينما مصر لم تفعل شيئاً حتى الآن مع الأسف الشديد. ● والكويت؟ - الكويت كانت منارة من منارات الثقافة في العالم العربي كله، فكلنا مثلا تعلمنا من مجلة «العربي» ومن اصدارات ثقافية أخرى، وكانت وما زالت تنظم مهرجانات ثقافية لاسيما مهرجان «القرين»، الا أن دورها في مواجهة الإخوان يتسم بالبطء في المرحلة الأخيرة بسبب قوة وتغلغل الإخوان في مفاصل الدولة. مدرستان للإسلام● ألا ترى أننا بحاجة إلى ثورة دينية طالب بها من قبل الرئيس السيسي، وحاول البعض تصوير المطلب على أنه يريد ثورة على الدين لا للدين؟ - هناك مدرستان للإسلام منذ زمن النبي عليه الصلاة والسلام، الأولى مدرسة «النقل» التي تعتمد على الحفظ وتأخذ ظاهر النصوص، والأخرى تلك التي تُعمِل العقل لأن الله أمرنا بالتفكير والتدبر، والحاصل أن مدرسة النقل تسيّدت منذ زمن حتى وصلنا إلى الحال الذي بلغناه، ولهذا كان مطلب الرئيس في بداية حكمه بضرورة تجديد الخطاب الديني، إلا أن استجابة الأزهر لم تكن على قدر طموح الرئيس، فكرر المطلب أكثر من مرة، إلى أن فاض به الكيل في حضور الإمام الأكبر ومجموعة من العلماء وقال (إننا ننتظر ثورة دينية) وقوبل كلامه بعاصفة من التصفيق من عدد من علماء الأزهر.إن العالم كله الآن يُعمِل العقل وليس من المقبول أن نظل في فهمنا للدين معتمدين على المدرسة السلفية، والحق أننا تأخرنا كثيراً في تجديد الخطاب الديني، فبتنا بحاجة إلى ثورة دينية كي نلحق بالعالم، ونجعل من الدين عنصرا محفزا على التطور، أما من يحاولون تصوير الأمر على غير هذا النحو فيريدون الصيد في الماء العكر لا تنقية الماء العكر. «الأزهر متأخون»● ألهذا هاجمت الأزهر واتهمته بالضعف وطالبت شيخه الطيب بتنقية جامعته من بذور التطرف التي تسيطر على مناهج التعليم؟ - بالطبع، وما زلت أطالبه وسأظل، فشيخ الأزهر مع احترامي له أتاح للآخرين أن يسيطروا على الأزهر، وأتاح للإخوان أن ينتشروا في الأزهر، وكنت أتمنى أن يكون الأزهر منارة في عهده، إلا أنه كما يبدو غير مؤمن بتجديد الخطاب الديني، وعليه فإن هذه المؤسسة بحاجة إلى اصلاح ديني حقيقي، وحدث ولاحرج عن ضحالة وسطحية كثير من شيوخ الأزهر وبشكل منقطع النظير، بينما العلماء الذين يتفوقون ويجتهدون تتم مواجهتهم بحرب شديدة جداً، أمثال الدكتور سعد الدين الهلالي والدكتور أحمد كريمة. هناك سيل من الأحكام كان لها زمانها، وهناك فارق كبير بين النصوص وفهم الناس لها، كما أن النصوص لم تنزل لقوم بأعينهم، فالقرآن للأمة كلها والى أن تقوم الساعة، والمشكلة أن القائمين على الخطاب الديني يتعاملون مع التراث على أنه دين، ومن هذا المنطلق أقر الاخوان في دستورهم (المادة 219) التي تقول بأن المذاهب الأربعة هي من بين مصادر التشريع، وهذا خطأ لأن فهم الفقهاء قد لا يتناسب مع عصرنا، فلكل أمة تراث يجب أن تحترمه وتعتبره تاريخاً وليس ديناً، كما هو حاصل عندنا. أحب السيسي... ولا أنافقه قلت للخرباوي: ثمة من يقولون بأنك تجامل القيادة السياسية في مصر إلى حد مزاحم للنفاق؟ فأجاب بقوله: دوما أكون على قناعة بما أقول أو أكتب، ولو كنت أريد النفاق لكان من باب أولى أن أنافق الدكتور الراحل مرسي عندما كان رئيساً للجمهورية، ولكنني هاجمته بشدة خلال فترة رئاسته وتوقعت سقوطه مبكراً. وشخصياً أحب الرئيس السيسي بشكل حقيقي وأرى أن تجربته ستكون ثرية وملهمة للأمة العربية. زواج كاثوليكي بالدوطة عن علاقة «الإخوان» بأميركا واعتراف الرئيس السابق باراك أوباما بدفع 8 مليارات دولار من خزينة بلاده لهم، فضلا عن دعم حملة مرسي بخمسين مليون دولار وكأنه كان عضوا في مكتب الإرشاد، قال الخرباوي: زواج كاثوليكي والأميركان بذلك دفعوا «الدوطة» للإخوان، و«الدوطة» مثل المهر عند المسلمين، لكن العروسة هي التي تدفعها للعريس.وعن العلاقة بين الجماعة وبريطانيا، قال: «الإخوان يقولون في نشيدهم (أبي الإسلام وليس لي أب سواه) والحقيقة أن الإسلام ليس أبا للإخوان، فأبوهم المخابرات البريطانية والمحفل الماسوني».

مشاركة :