لم يكد أحمد الخالدي -وهو مواطن في الثلاثينات من عمره- يصدق عينيه حينما وقعت عينه على التسعيرة الجديدة لأحد المطاعم التي يرتادها مع رفاقه نهاية الأسبوع في شارع التحلية بجدة، حيث تفاجأ بقفزة رهيبة لسعر الشاورما بنوعيه “الدجاج واللحم”، دون سبب واضح إضافة إلى ارتفاع باقي الأصناف في المطعم، الأمر الذي دفعه لأن يحلف أغلظ الأيمان بأن تكون تلك الزيارة هي الأخيرة له لهذا المطعم. وفي الوقت الذي اشتكى فيه المواطنون من ارتفاع الأسعار، عزا عاملون في قطاع المطاعم تلك الزيادة إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية، التي وصلت إلى 50 في المائة، إذ وصل سعر كرتون الدجاج إلى 120 ريالًا بعد أن كان يباع بـ 80 ريالًا. وبات من الملاحظ في معظم المطاعم وجود تسعيرة جديدة لقائمة الوجبات الغذائية المقدمة فيها، سواء تلك السريعة، أو الشعبية، وذلك بنسب متفاوتة، مما يعكس جشع بعض الموردين والتجار في كسب الظروف المحيطة في تبرير زيادة الأسعار بعيدًا عن أعين الرقابة سواء عن طريق وزارة التجارة أو البلديات في الرقابة على المطاعم والنوعيات التي تقدمها. وعند أحد المطاعم، قال علي القرني: “استغلت بعض المطاعم موجة ارتفاع الأسعار ورفعت هي الأخرى أسعارها على الرغم من أنهم يجلبون أصنافًا رخيصة مستوردة وبأرخص الأثمان ثم يبيعونها بسعر مرتفع يوازي الأنواع الجيدة من الدجاج، مستغلين غياب الرقابة المستمرة من قبل وزارة التجارة والبلديات، ويزعمون أن التكلفة عليهم زادت، ولذا تجدهم يزيدون في أسعار كافة أنواع طهي الدجاج في سعر حبة الدجاج بسعر يتفاوت من ريالين إلى أربعة ريالات لمختلف أنواع الطهي”. انقلاب الموازين واستشهد القرني ببعض مطاعم الأرز البخاري، حيث قال: “منذ نحو ثلاث سنوات كنت أشتري فرد الأرز الواحد بـ3 ريالات، وحبة الدجاج “شواية” بـ10 ريالات، ومثلها على الفحم، ولكن الموازيين اختلفت تمامًا عما كانت عليه في السابق، حيث قفزت الأسعار، فأصبح ثمن الأرز للفرد الواحد بـ5 ريالات، والدجاج إلى 16ريالًا للحبة الواحدة”. وفي أحد مطاعم جنوب جدة التي تقدم الكبسة والمندي “دجاج، لحم” تداخل في الحديث يوسف أمين، “سوداني” اعتاد على ارتياد المطاعم بسبب سكنه العزوبي حيث قال: “ظروفي الخاصة تدفعني لارتياد المطاعم بشكل يومي، إذ إنني أسكن بمفردي، وليس لدي وقت للطهي، فالغداء والعشاء من أحد المطاعم المنتشرة في الحي، ولاحظت أن ثمة فرقًا في الأسعار مقارنة بما قبل ستة شهر تقريبًا، إن هناك مبالغة في بعض المطاعم، فعلى سبيل المثال: حبة الدجاج المندي كانت بـ 26 ريالًا، والآن ارتفعت إلى 28 ريالًا، وأما صحن الأرز الكبير فقد أصبح بـ6 ريالات بعد أن كان 4 ريالات. وقال: إن هذه الزيادة لا مبرر لها إطلاقًا كون المواد المصنّع منها تلك الوجبات، لم تشهد ارتفاعًا كبيرًا في ثمنها، بل إن الزيادة لا تكاد تذكر أمام هامش الربح الذي يجنيه صاحب المطعم”، مشيرًا إلى أن الظروف تدفع للشراء منهم، لكنه في الآونة الأخيرة بدأ يعيد النظر في ذلك، حيث أربكت الأسعار الجديدة ميزانيته المخصصة للطعام”. أما عايد الدوسري ذو الثلاثين ربيعًا فقد حدثت له قصة مع أحد مطاعم الوجبات السريعة المتخصصة بحي مشرفة، فقد اعتاد أن يرتاد برفقة أصدقائه نهاية كل أسبوع أحد المطاعم المتخصصة في الوجبات السريعة، والشراء منها بالثمن المعتاد، وحين استلم طلبه المكون من 4 وجبات المتنوعة، وهمّ بالمحاسبة أخرج الحساب المعتاد، متجهًا إلى بوابة الخروج، لكن المحاسب ما لبث أن استوقفه، طالبًا منه بعض النقود، بسب تغير السعر، ليتوجه بعدها إلى مدير الفرع ليشرح له السبب: حينها وضح المدير له أن معظم المطاعم قد رفعت أسعارها، وأنهم مثلهم، إضافة إلى ارتفاع إيجار المحل”، بحسب قوله. ضعف الرقابة ولم تكن زيادة الأسعار مقتصرة على المطاعم التي تقدم وجبات الأرز وغيره، بل تجاوزت ذلك، إلى معظم البوفيهات والمطاعم التي تقدم الأكلات التقليدية في الأحياء الشعبية، حيث رفعت هي الأخرى ثمن بعض الوجبات المقدمة، فقد تفاجأ محمد علي حينما طلب مجموعة من الساندوشتات من أحد البوفيهات بحي الكندرة -جنوب جدة- بزيادة السعر، بحجة ارتفاع ثمن كرتون البيض، وكذلك الطماطم، ومعظم الأصناف المستخدمة في إعداده، حيث قفز سعر الساندوتش من ريال إلى 3 ريالات، بنفس الحجم السابق، متسائلًا عن أعين الرقابة -التي ضعفت -على هذا القطاع الحيوي بالمتابعة الميدانية سواء من ناحية الأسعار، وكذلك تطبيق الاشتراطات الصحية. الزيادة في التكلفة من جهتهم برر عدد من العاملين إضافة إلى المستثمرين في مجال الضيافة والمطاعم ارتفاع الأسعار إلى مجموعة من العوامل التي ساهمت في ارتفاع تكاليف الوجبات الجاهزة، من بينها زيادة تكلفة الشراء من الموزعين، وكذلك ارتفاع إيجار المحلات، وكل ذلك يندرج تحت ارتفاع تكلفة المعيشة في المملكة في الآونة الأخيرة، وفقًا للدراسات الاقتصادية حسب قولهم. واعترف عادل أحمد -وهو مشرف مبيعات في أحد المطاعم بشرفية جدة- بوجود زيادة وقال: “لا ننكر أن هناك زيادة في بعض وليس كل الأصناف التي نقدمها للزبائن، وذلك بسبب زيادة تكلفة شراء المواد المستخدمة في الوجبات، من الأرز والدجاج والخضروات،إلى غيرها من المستلزمات، وبالتالي من الطبيعي أن تكون هناك زيادة معقولة تتراوح من 10 إلى 30% أحيانًا”. أما يحيى أمين -وهو مالك لأحد المطاعم بجدة- فيقول: “الزيادة نسبية، فهناك أسعار ثابتة للوجبات، تزيد تقريبًا كل 6 أشهر بمعدل 2-3 ريالات للوجبة الواحدة، وسبب هذه الزيادة هو ارتفاع تكلفة المواد المستخدمة، فيما تكون هناك زيادة أخرى على تلك، وهي زيادة الموسم، والتي غالبًا ما تكون خلال إجازة الصيف وتبدأ من شعبان وحتى الثلث الأول من شوال، وذلك على حسب المواقع، والتي يرتادها زوار جدة، أما المطاعم الشعبية فلا تطالها الزيادة الموسمية”. فيما تطرق غلام ياسين -وهو عامل في أحد مطاعم الأرز البخاري بشمال جدة- حيث قال: “سبب زيادة الدجاج، هو ارتفاع تكلفة الكرتون علينا، فقد كنا نشتري الكرتون الواحد منه حجم 900 جرام، بـ 80ريالًا، أما اليوم فقد تجاوز 120ريالًا، أي بزيادة 50 في المائة عن السعر السابق، كما أن هناك زيادة في سعر الفحم، وبالتالي تقل نسبة الربح الصافي لنا إذا بقينا على السعر القديم، وربما نصل إلى الخسارة”. فيما أشار عاصم عبدالرحمن -وهو مسؤول مبيعات لسلسلة من المطاعم بجدة- إلى أن مالك الأرض قد يطمع وذلك برفع الإيجار بعد مرور سنة على التأجير وذلك إذا ما رأى الإقبال على المطعم، حيث يستخدم ذلك ورقة ضغط على المستأجر، وهنا يكون مالك المطعم -المستأجر- في خيارين أحلاهما مر، والغالب أن يرضخ للمُؤجِر ويوافق على الزيادة، ويتم تعويضها عبر زيادة نسبية في قيمة الوجبات”. المزيد من الصور :
مشاركة :