الشاعرة السعودية ليلى عقيل: المرأة السعودية الآن تعيش أفضل حالاتها

  • 9/10/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في عام 2012، أصدرت الروائية والشاعرة السعودية ليلى عقيل (مواليد مدينة جازان 1973) روايتها وكتابها الأول “الحمامة بعباءتها السوداء”، التي تمثّلت فيها حالات موت المرأة في صورة سوداوية تقطع الفاصل الكبير بين واقعها وآمالها في مجتمع ذكوري يراها غرابا بينما ترى نفسها فيه حمامة تمتلك جناحين قادرين على الطيران، وأفقا مفتوحا عليه. يختلط في الرواية الحلم بالواقع، والحياة بالموت، لتكشف عبر بطلتها أعمق الأفكار الدفينة في عوالم النساء في مدينة جازان جنوب المملكة، التي تمثّل شريحة كاشفة لكل مناطق السعودية من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، وذلك من حيث تشابه الظرف الزمني، وتطابق الكروموسومات الثقافية والاجتماعية المتكئة على كون المرأة مجرد عورة يجب أن تتوارى خلف عباءتها السوداء. العزلة المخترعة في بداية هذا العام 2019، وحين كان متوقعا أن تقدم ليلى لقرائها روايتها الثانية أصدرت ليلى عقيل مجموعتها الشعرية الأولى “عبرت بك.. لم ترني” عن دار سطور السعودية، وكان لانتقالها من منصة الرواية إلى منصة الشعر توضيح قالت فيه لـ”العرب”، “منذ البدايات الأولى كانت كتاباتي كلا اللونين معا، وكانت لي منشورات سردية وشعرية عبر الإذاعات والملاحق الثقافية في الصحف السعودية. وربما كان التأخر في كوني نشرت رواية أولا، ثم جمعت نصوصي المتناثرة وأصدرت ديواني الأخير”. النص أحيانا يحمل من الغموض ماهو أكبر من {بوتقة} الناقد التي وضع نفسه فيها ضمن معايير محددة تكتب عقيل مجموعتها الشعرية الأولى على هيئة فلاشات شعرية ذات ومضات سريعة، توقظ عالم المرأة الوحيدة المتفردة، تلك المرأة التي تعتزل العالم، وترغب في الوقت نفسه في أن تقبض عليه كله. لهذا، فتجربة ليلى تأتي منسجمة مع حالة الشاعرة الإنسانية المسكونة بأسئلة المرأة وفق اشتراطاتها الجديدة المتعلّقة بتجربتها واستقلالها ومدى ارتباطها بالرجل. فالرجل يتجسّد في نصوصها بصور مختلفة، وبتمظهرات متعددة، يقف متواريا بين عوالم متناقضة، وكأنها ترسم علاقتها به من خلال الاختلاف بينهما، فتارة هو رجل من جمر، وتارة من ماء، وأخرى من برق/ وأحيانا هو رجل من غناء. إنه الرجل الممعن في الغياب، لكن الشاعرة عندما تحزن تفتش عنه. تقول في نص من نصوصها “رجل من جمر، يستبيح صمتي.. ضوؤه يسيل كرغيف شمس”، وتقول في نص آخر “رجل من ماء يلامس خلسة أشرعتي المنسية”، وتقول “رجل من برق، صهيل نوره ينقر نافذتي ليلا، فأصحو”. مجموعة “عبرتك بك.. لم ترني” مجموعة نصوص قصيرة كتبتها ليلى عقيل عبر سنوات كانت تشع بأضواء الحب، وعنفوان الحياة، وسرمدية الموت، واستكشاف الأسئلة، وطريق “العزلة المخترعة” كما تصفها ليلى ويصفها الكاتب بول أوستر قبلها. وترى عقيل أن النص (أي نص) هو عبارة عن نتاج تجربة، أو مشهد عاشه أو تعايش معه الكاتب، وهذا الكاتب إنسان يعيش في الحياة بشكل دائري يؤثر ويتأثر بكل ما حوله، بشكل أو بآخر. إنه فرد في منظومة اجتماعية كبرى. وعن رأي بعض النقاد الذين لا يرون في التجارب الأدبية النسوية أي قيمة عميقة ممكن المراهنة عليها قوميا أو وطنيا وإنها فقط تدور حول الذات وهمومها الشخصية الضيقة، تقول عقيل “قد يكون رأي الناقد مشخصنا أيضا، فربما النص يحمل من الغموض ما هو أكبر من ‘بوتقة’ الناقد التي وضع نفسه فيها ضمن معايير محددة لا يريد أن يحيد عنها. وربما قد يكون النص حمّال قراءات عدة، والناقد يريد القراءة في اتجاه واحد وحسب. ويبقى السؤال: هل يملك الشاعر/ة أن يمسك قدر العالم ليجعله قابلا للتجاوز؟”. قضايا الكاتبة سؤالنا لها حول بعض الآراء التي لا ترى أي تجارب شعرية نسائية في الخليج تستحق الإشادة والمتابعة، وأن الجيل النسائي الشعري الجديد يأتي ضمن مشهدية ثقافية متشابهة لا تمتلك بصماتها الإبداعية الخاصة، تجيب “لا أقر ولا أدافع. إنني ألتزم الحياد. إذا ما علمت أن هذا الرأي جاء من وجه الصراع الدائم بين المرأة والرجل. وإنه مظهر من مظاهر التمييز ضد المرأة عبر التاريخ. وعلى أي امرأة تحمل ملكة الكتابة في أي لون ألا تقف أمام هذه الآراء، بل تكتب وتمضي كما قال نيتشه ‘يولد البعض بعد وفاتهم‘، ثمة جمهور في المستقبل سيقرأ ويفهم ما كتبته”. لا ترى عقيل أن الشاعرات العربيات وحدهن من يجنحن للنص الرومانسي العاطفي، بل يشترك معهن في ذلك الرجل أيضا، وتستشهد في هذا الشأن بقول غاستون باشلار، حين قال “القصيدة عقود من الصور”، وبقول الجاحظ في سياق حديثه عن الشعر، عندما كتب “إن الشعر صناعة وضرب من النسيج وجنس من التصوير”. وتقول في هذا الشأن “من وظائف الشعر النفسية والوجدانية، لذا فإن القصيدة العربية عبر عصورها كانت تتغنى بالعاطفة رغم أن كاتبيها شعراء ذكور، فالمجمل ليست المرأة وحدها من يكتب النص العاطفي”. وعن رأيها في التجربة الشعرية السابقة على جيلها تقول “هناك من الشعراء من كانت له بصمة واضحة في الأدب، فنحن نقرأ لهم، ونتعلم منهم، فهم قادة الشعر ولاسيما المجددين فيه”. تقف ليلى عقيل مع الأديبات السعوديات المجايلات لها في مواجهة لمجموعة الأسئلة والعوالم والقضايا التي تؤرقهن وتجعلهن ينطلقن باتجاه الكتابة معبرات عن ذواتهن من خلال كل ذلك. وتقول معبّرة عن الأسئلة التي تشغلها وتشغل جيلها الأدبي “العالم بكل ما فيه مؤرق ويضج بالأسئلة، ورحلة الاستكشاف الكبرى، عن كنه الحياة، وجدلية الموت، والانتماء، بناء الوطن، الأثر الإيجابي للأجيال المقبلة، التغيير الثقافي الشامل”. وفي سؤال ختامي عن التحولات الوطنية في السعودية، التي انقلبت على تيار الصحوة، ولامست المرأة وحياتها على مستوى تغيير الأنظمة، شهدنا ذلك في التعليم والمرور والأمانات والشورى ووزارة العدل. وهل ترى أن التحولات الأخيرة قادرة بشكل ثوري على كسر الحالة النفسية حيال المرأة في مجتمع ذكوري أم أن الأمر يحتاج إلى الوقت والانتظار؟ تجيب ليلى “المرأة السعودية الآن بعد هذه التحولات الوطنية تعيش أفضل حالاتها لاسيما بعد أن نالت حقوقها كمواطنة كما هو حال الرجل المواطن ، وهذا يعطيها ثقة أكبر في التفوق والعمل والإبداع تحت ظل ولاة أمرنا-حفظهم الله- الذين يدعمون المرأة السعودية في كل المجالات”.

مشاركة :