عُرف بوجوده الدائم في أحد المولات بالطائف، حيث يقدم خدماته من خلال لغة الإشارة لذوي الاحتياجات الخاصة، وتحديداً الصم من المعاقين سمعياً؛ إذ يرافقهم أثناء ترددهم على المول، ويراعي احتياجاتهم من الشراء في ظل عدم فهم الآخرين لهم. ذلك هو الشاب سعود بن خالد المالكي، الذي لم يتجاوز الـ 16 عاماً من عمره. وهو ابن لأبوين من أصحاب الإعاقة السمعية. ويقول: لم تكن نظرتي المستقبلية بأن أكون مترجماً للغة الإشارة؛ ففي البداية شاركت في فعالية لليوم العالمي لذوي الاحتياجات الخاصة، بقيادة فريق مولد الأمل، وكنت مترجماً للمحفل كاملاً، ولم أكن أتوقع أن الصم من أصحاب الإعاقة، بل العكس، كنت أنظر لهم نظرة إيجابية، وأنهم ليس لديهم إعاقة؛ فمنهم من هو متزوج ولديه أطفال، ومنهم ذوو مناصب عالية. وأبدي أسفه من المجتمع الذي ينظر إليهم نظرة سلبية، وأن أي أصم معاق فكرياً وعقلياً، وقال: كنت أتمنى أن أنطق لأقول أبي أو أمي، ويسمعاني، ولكن الله – عز وجل جعلني ابناً لأبوين لديهما إعاقة سمعية، أو بالأصح فاقدَي سمع المحرمات، فالله – عز وجل جعل الصم فاقدين للسمع بعيدين عن محرمات السمع كالأغاني وما إلى ذلك. وأكد أن الصم ليس لديهم إعاقة عقلية أو فكرية، بل بالعكس، منهم مديرون ودكاترة ومهندسون، ويستطيعون أن ينجبوا ويتزوجوا ويديروا حياتهم، وجعلهم الله يتعايشوا مع هذه الإعاقة. وفي الأول والأخير أرى أن هذه نعمة من نعم الله عز وجل -، وأن المجتمع إذا رأى أصم يحرك أنامله وقف لكي يضحك مستهزئاً أو مستغرباً. وقال: البعض يقول إن الأصم متخلف عقلياً، وإن أي معاق يصاحبه تخلف عقلي، فلماذا هذا التفكير؟ ولماذا هذه الأقاويل؟ إن المعاقين لديهم قدرات، ولديهم إبداعات، ونحتاج من المجتمع لرفع معنويات المعاقين، وأن ينظر لهم نظرة إيجابية كي يبدعوا. وأشار إلى أن المجتمع هضم حق الأصم خاصة، والمعاق عامة، مبيناً أن الصم يعانون من الخجل عندما يحركون أناملهم في الأماكن العامة؛ لكي لا يواجهوا الأسئلة: هل أنت أصم؟ هل لسانك مقطوع؟ فهي أسئلة لا تجدي نفعاً، ومع ذلك الصم يواجهون بعضاً من السخرية لعدم سمعهم. وتمنى من المجتمع أن يتغير للأفضل، وأن ينظر لذوي القوة نظرة إيجابية، وقال: الآن أيقنت تماماً أن الإعاقة ليست النهاية، بل البداية، وإني أناشد كل من يعمل في مسار التربية الخاصة اعمل بجد وإخلاص؛ فإن عملك لخدمة أصحاب القوة أجر وسعادة وراحة بال. ومن المواقف التي شهدها ذكر المالكي: أذكر مرة من المرات كان قد انتهى وقت عملي، واتجهت لشراء العشاء، وأثناء أخذ طلبي فوجئت بأن أصم يجادل العامل، ويقول له طلبي ناقص، لكن العامل لم يعطِه أي اهتمام بحكم أنه أصم، ويصاحبه تخلف عقلي، فاستدعوني لكي أرى ما مشكلة هذا الأصم، فلما أتيت وجدت أنه يحتاج لزيادة في طلب بسيط فقط لا غير، وبعدها حرك أنامله، وقال لي: أشكرك أشكرك. وذهب وهو سعيد. واختتم حديثه قائلاً: تقبُّلنا للصم أغلى أمانيهم. وأوجِّه رسالتي للصم: إن كنت فاقداً لسمعك وكلامك فأنا سمعك وصوتك بسمعي وصوتي، أخدمكم مهما كانت الظروف.
مشاركة :