موسيقار وملحن مصري تأثر في بداية تلحينه للقصيدة بالمدرسة التقليدية، كما تأثر بأسلوب زكريا أحمد. وأخذ عن عبدالوهاب الطريقة الحديثة التي أدخلها على المقدمة الموسيقية، حيث استبدل بالمقدمة القصيرة أخرى طويلة، كما كان من أوائل الموسيقيين الذين أدخلوا آلة العود مع الأوركسترا.علاقته بالفن لم تنحصر في الموسيقى والتلحين فقط، فقد قدم في عام 1952 فيلما للسينما شاركته بطولته الفنانة هدى سلطان وكان من إخراج المخرج حلمي رفلة، وعلى الرغم من نجاح الفيلم، إلا أنه قال: «لم أجد نفسي في التمثيل فاللحن هو عالمى».إنه رياض السنباطى الذى نحتفل اليوم بذكرى وفاته حيث رحل عن عالمنا في 10 سبتمبر عام1981وترصد البوابة ابرز المحطات في حياته اسمه بالكامل محمد رياض السنباطي، والمولود في 30 نوفمبر من عام 1906، بمدينة فارسكور التابعة لمحافظة دمياط بشمال دلتا مصر، وكان والده مقرئا تعود الغناء في الموالد والأفراح.لقب بـ"بلبل المنصورة"، ويعد أحد أبرز الموسيقيين العرب، والمتفرد بتلحين القصيدة العربية، وبلغ عدد مؤلفاته الغنائية 539 عملًا في الأوبرا العربية والأوبريت والإسكتش والديالوغ والمونولوج والأغنية السينمائية والدينية والقصيدة والطقطوقة والموال.وبلغ عدد مؤلفاته الموسيقية، 38 قطعة، وبلغ عدد شعراء الأغنية الذين لحن لهم 120 شاعرًا، أبرزهم أم كلثوم، ومنيرة المهدية، وفتحية أحمد، وصالح عبدالحي، ومحمد عبدالمطلب، وعبدالغني السيد، وأسمهان، وهدى سلطان، وفايزة أحمد، وسعاد محمد، ووردة، وميادة الحناوي ونجاة، وسميرة سعيد، وابتسام لطفي وطلال مداح، وعزيزة جلال، الذي قدم لها مجموعة من الأغاني العاطفية ولحن لها آخر عمل فني له: قصيدة الزمزمية وقصيدة "من أنا؟" وقصيدة أشواق لميادة الحناوي، لتكون بذلك عزيزة جلال آخر فنانة تقدم أعماله.بدأت حكاية حب رياض السنباطى للموسيقى عندما بلغ التاسعة من عمره، حيث ضبطه والده عند جارهم النجار هاربًا من المدرسة، يضرب على العود ويغني بصوته أغنية «الصهبجية» لسيد درويش فطرب لصوته، وقرر أن يصطحبه معه للغناء في الأفراح.استمع الفتى الصغير إلى عبدالحي حلمي ويوسف المنيلاوي وسيد الصفطي وأبو العلا محمد، وتتلمذ على أيديهم من دون أن يراهم، إلا أنه ظل دائما مدينا لوالده. لم تطل إقامة الشيخ السنباطي الكبير في فارسكور، فنزح إلى مدينة المنصورة عاصمة الدقهلية، وألحق ابنه بأحد الكتاتيب، ولكنه لم يكن مقبلا على الدرس والتعليم، بقدر إقباله وشغفه بفنون الموسيقي العربية والغناء.كانت بدايته الموسيقية، عندما أصيب السنباطى وهو في التاسعة من عمره بمرض في عينه، أحال بينه وبين الاستمرار في الدراسة، وهو ما دفع بوالده إلى التركيز على تعليمه قواعد الموسيقى وإيقاعاتها. وقد أظهر رياض استجابة سريعة وبراعة ملحوظة، فاستطاع أن يؤدي بنفسه وصلات غنائية كاملة، وأصبح هو نجم الفرقة ومطربها الأول وعرف باسم «بلبل المنصورة»، وقد استمع الشيخ سيد درويش لرياض، فأعجب به إعجابًا شديدًا، وأراد أن يصطحبه إلى الإسكندرية لتتاح له فرص أفضل، ولكن والده رفض ذلك العرض، بسبب اعتماده عليه بدرجة كبيرة في فرقته.احترافه للموسيقى بدأ في عام 1928، وكان قرار الشيخ السنباطي الأب، بالانتقال إلى القاهرة مع ابنه، الذي كان يرى أنه يستحق أن يثبت نفسه في الحياة الفنية، وتقدم بطلب لمعهد الموسيقى العربية، ليدرس به فاختبرته لجنة من جهابذة الموسيقى العربية في ذلك الوقت، إلا أن أعضاءها أصيبوا بنوع من الذهول، حيث كانت قدراته أكبر من أن يكون طالبًا لذا فقد أصدروا قرارهم بتعيينه في المعهد أستاذا لآلة العود والأداء، ومن هنا بدأت شهرته واسمه في البروز في ندوات وحفلات المعهد كعازف بارع.ولم تستمر مدة عمله بالمعهد، إلا ثلاث سنوات، وقدم استقالته بعدها حيث كان قد اتخذ قراره بدخول عالم التلحين، وكان ذلك في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي عن طريق شركة أوديون للأسطوانات التي قدمته كملحن لكبار مطربي ومطربات الشركة ومنهم عبدالغني السيد، ورجاء عبده، ونجاة على، وصالح عبدالحي.لحن السنباطى لأم كلثوم، رصيدًا كبيرًا من الأغاني المهمة، حصدا نجاحها معًا، واستمرت النجاحات قرابة الـ40 عامًا، وبدأت منذ الصغر وعمره 13 سنة، وعمرها 17، حيث كان والدها الشيخ إبراهيم البلتاجي صديق لوالده المنشد محمد السنباطي.كان التعاون بين رياض السنباطي وأم كلثوم مع بداية مشواره الفني عام 1935، كانت أغنية «أنشودة الربيع» هي باكورة التعاون بينهما، وكتبها أحمد رامي.غنت أم كلثوم أغنيات دينية للسنباطي، منها: «رابعة العدوية»، «على عيني بكت عيني»، «عرفت الهوى»، «يا صحبة الراح»، «تائب تجري دموعي ندمًا»، «حديث الروح».كما لحن السنباطي لأم كلثوم، الكثير من الأغنيات السياسية والوطنية، التي وصل عددها إلى 33 أغنية، أشهرها: «قصيدة النيل»، «مصر تتحدث عن نفسها»، «وقف الخلق ينظرون»، «مصر التي في خاطري»، «نشيد بغداد»، «منصورة يا ثورة أحرار»، «قصة السد»، «ثوار»، «راجعين بقوة السلاح»، «حق بلادك».غنت أم كلثوم لجمال عبدالناصر، 3 أغنيات، من ألحان السنباطي، الأولى بعد حادث المنشية عام 1954، بعنوان «يا جمال يا مثال الوطنية»، والثانية: عندما تنحى «ناصر» بعنوان «قم واسمعها من أعماقي» تناشده فيها بالبقاء في الحكم، والثالثة: في موت عبدالناصر كانت قصيدة من كلمات نزار قباني بعنوان «رسالة إلى عبدالناصر»، ولم تغن أم كلثوم بعد وفاة «ناصر» أي أغنية سياسية أو وطنية.وصلت أعمال السنباطى إلى 1000 لحن، كان رصيد أم كلثوم منها أكثر من 282 أغنية وقصيدة منها: "أراك عصى الدمع، ولسه فاكر، وحيرت قلبي معاك، وأقولك ايه عن الشوق، وليلى ونهاري، وطوف وشوف، والأطلال".وعلى الرغم من قوة العلاقة التي كانت بين أم كلثوم ورياض السنباطي، إلا أن تلك العلاقة مرت بأزمة وصلت إلى القطيعة بينهما لمدة 3 سنوات، بسبب اعتراض أم كلثوم على فقرة بأغنية «يا طول عذابي»، وطالبت السنباطي بتغييرها، بعد أنا قالت له: "أنها تكرار للقصبجي"، فاستاء السنباطي ورفض تغيير المقطع، وتركها وانصرف وبدأت بينهما القطيعة التي استمرت حتى عاد التعاون بينهما من جديد في أغنيتها «فاكر لما كنت جنبي».حصل "السنباطى" على العديد من التكريمات والجوائز، منها وسام الفنون من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1964، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى من الرئيس محمد أنور السادات، وجائزة المجلس الدولي للموسيقى في باريس عام 1964 وجائزة الريادة الفنية من جمعية كتاب ونقاد السينما عام 1977، وجائزة الدولة التقديرية في الفنون والموسيقى والدكتوراة الفخرية لدوره الكبير في الحفاظ على الموسيقى، من أكاديمية الفنون، 1977، وجائزة اليونسكو العالمية، وكان الوحيد عن العالم العربي ومن بين خمسة علماء موسيقيين من العالم نالوا هذه الجائزة على فترات متفاوتة، وكان عضوا لنقابة المهن الموسيقية، وعضوا في جمعية المؤلفين بفرنسا وعضوا للجنة الموسيقي بالمجلس الأعلى للفنون والآداب وعضوا لجمعية المؤلفين والملحنين.
مشاركة :