يقبل عدد متزايد من الفتيات في مصر على تعلم لعبة "بنجاك سيلات" القتالية الإندونيسية، التي عرفت طريقها إلى مصر عبر طلاب إندونيسيين أتوا للدراسة في الأزهر. وفي إحدى حلقات التدريب على هذا الفن القتالي في القاهرة، بدأت مباراة قوية بين فتاتين، وذلك من خلال قرع قرص نحاسي كبير، تماما كما في بعض أفلام السينما الآسيوية. وكانت إحدى المتنافستين ترتدي نقابا، وثوبا طويلا، وهو مشهد غير مألوف في الألعاب أو الرياضات القتالية المختلفة. رياضة لجميع الفتيات تقول صفية أسامة -18 عاما- وهي طالبة جامعية، إن رياضة القتال الإندونيسي المعروفة باسم بنجاك سيلات ، تعدّ الرياضة الوحيدة في العالم التي يمكن لجميع الفتيات ممارستها، "لأنها لا تشترط زيا محددا، وتسمح للاعبين بارتداء ما يناسبهم". وتضيف صفية أن الرغبة في الدفاع عن النفس دفعتها لتعلم تلك الرياضة، وتقول: "جميع الفتيات قد يتعرضن للتحرش. وقد ساعدتني تلك الرياضة ذات مرة عندما تعرضت لاعتداء في الشارع، بعد أن أمسك شاب بيدي وجذبها عنوة، فرفعت يده عني ولكمته في وجهه، مما أدى إلى سقوطه على الأرض". وتستدرك صفية بالقول إن قواعد اللعبة تحمي اللاعبين من التعرض لأي أذى. فنون القتال قد يكون لها دور في تطور اليد البشرية"حاصدة الأذرع" الباكستانية تنافس الرجال في الفنون القتالية وتعتمد رياضة بنجاك سيلات القتالية على توجيه الضربات وصدّها من خلال الاعتماد على أساليب وتقنيات مختلفة باستخدام الأيدي والأرجل، ولا يحق للاعب ضرب زميله في الوجه، أو في منطقة أسفل الحزام، لكن يمكنه فِعل ذلك إن تعرض لخطر في الشارع. وتقول منة الله محمود، مدربة وحكمة مصرية في اللعبة، إن الأخلاق أمر أساسي في تلك الرياضة، فيمكن أن يجتاز اللاعب اختبارات المهارة والقتال، ولكنه قد يتعرض للطرد من اللعبة بسبب سوء الأخلاق. نشأة اللعبة ابتكر الأجداد في إندونيسيا أساليب القتال المستخدمة في لعبة بنجاك سيلات لمواجهة الاستعمار الياباني والهولندي. ويروي روني الزبيري رئيس مدرسة فنون القتال الإندونيسي في مصر أن الرياضة انتقلت إلى مصر في التسعينيات من القرن الماضي عبر طلاب إندونيسيين يدرسون في الأزهر كانوا يمارسون تلك اللعبة. ثم أنشيء الاتحاد الرسمي لفنون القتال الإندونيسي عام 2003، لكنه كان يقتصر على مواطني إندونيسيا وماليزيا المقيمين في مصر. وفي عام 2011، بدأ السماح للمصريين وغير المصريين من المقيمين في البلاد بتعلم تلك الرياضة. تقول رقية السملوسي إنها بدأت ممارسة تلك الرياضة، فور السماح للمصريين بتعلمها، مع فتاة أخرى وثلاثة أولاد لتصبح أول مدربة مصرية في لعبة "بنجاك سيلات" عام 2017، كما تقول.تحديات وتحكي رقية أنها جاءت إلى القاهرة وحدها للدراسة، مما دفعها إلى تعلم رياضة تمكّنها من الدفاع عن نفسها. وتوضح أن التدريب يشمل دراسة تاريخ اللعبة وعلوم تتعلق بتشريح جسم الإنسان والتعرّف على نقاط الضعف التي يمكن الاعتماد عليها خلال القتال. وبحسب رقية، فإنه يتعين على مَن يريد أن يصبح مدرب بنجاك سيلات أن يجتاز اختبارات أخلاق وقوة تحكم واختبارات نفسية من خلال وضعه تحت ضغوط للتعرف على ردّ فعله. وتوجد مدرستان حاليا في مصر لتعليم بنجاك سيلات، هما مدرسة تابك سوتشي وتلاجو بيرو التابعتان للمركز الثقافي الإندونيسي في القاهرة. وللمدرستين فروع للتدريب في عدة محافظات مصرية. ويمكن للطفل ممارسة اللعبة لدى بلوغه سن الرابعة دون وجود حد أقصى للعمر طالما أن لياقة اللاعب تسمح بذلك. تقول أروى عاصم ذات العشر سنوات، إن التحديات على صعيد ممارسة تلك اللعبة كثيرة بدءا من مجرد الالتحاق بالرياضة الذي يتطلب اجتياز مقابلة والإجابة على الكثير من الأسئلة، وحتى ممارسة اللعبة نفسها قد تؤدي إلى التعرض لكدمات وإصابات. ويدير المباراة طاقم حكام مكون من: رئيس لجنة الحكم، وحكم وسيط يراقب أداء اللاعبين، وأربعة حكام يراقبون الأداء من أربع زوايا مختلفة. تقول سارة العربي، وهي حكمة في لعبة بنجاك سيلات، إن الحكم الوسيط يقف في ساحة المباراة بالقرب من اللاعبين وعليه تسجيل النقاط ومراقبة الضربات للتأكد من مدى التزامها بقواعد اللعبة، وما إذا كان اللاعب استخدم الأداة الصحيحة للضرب وأنه أصاب الهدف. وإذا اختلف الحكم الوسيط مع أحد من الحكام الآخرين، يُرجَّح رأي الأغلبية. وقد حصل نحو 30 مصريا، بينهم فتيات، على لقب مدرب في لعبة بنجاك سيلات القتالية.
مشاركة :