حذّر الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبوالغيط، أمس، من أن استمرار التصرفات الإسرائيلية الهوجاء يهدد بإشعال المنطقة، بصورة لن تكون في صالح أمن أو استقرار أي طرف، فيما رفعت اللجنة الرباعية العربية، المعنية بتطورات الأزمة مع إيران، مشروع قرار لاجتماع وزراء الخارجية العرب في دورته الجديدة حول تدخلات طهران في المنطقة، كما أعلن البرلمان العربي أنه يعد استراتيجية عربية موحدة، للتعامل مع دول الجوار الجغرافي. وتفصيلاً، قال أبوالغيط، خلال افتتاح أعمال مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية بالقاهرة، أمس، إن «لدى إسرائيل في اللحظة الحالية غطاء سياسياً توفره لها الولايات المتحدة، بما يمكنها من الاعتداء على الأراضي العربية في بعض دول المنطقة كما شهدنا خلال الأسابيع الماضية، إنه نوع من اللعب بالنار وسلوك استعراضي لا غرض من ورائه إلا الدعاية الانتخابية». وحذّر أبوالغيط من خطة لتصفية القضية الفلسطينية، قائلاً: «لقد كانت السنوات الثلاث الماضية زمناً ضائعاً بالنسبة للقضية الفلسطينية، فبدلاً من أن ننخرط في عملية سلمية جادة وفق مرجعيات واضحة، وجدنا أنفسنا ندور في حلقات مفرغة من انتظار خطط يُعلن عنها، ورؤى يجري التبشير بها، بينما الواقع على الأرض لا يبشر بخير أو يدعو للتفاؤل. إن الخطة الوحيدة التي نراها تُنفذ اليوم للأسف هي خطة تصفية القضية والتضييق الشديد على أصحابها». وأضاف: «تنطلق هذه الخطة من رؤية مقلوبة للوضع، مفادها أن المشكلة تكمن في الشعب الخاضع للاحتلال، لا في القوة القائمة به، أو في واقع الاحتلال نفسه». وتابع: «وهكذا يتصور أصحاب هذه الرؤى، أن الضغوط على الفلسطينيين والتضييق عليهم كفيلةٌ بحملهم على القبول بما لم يقبلوا به في السابق. وعوضاً عن العمل على إنهاء الاحتلال - وهو جوهر النزاع منذ عام 1967 - تصرّ بعض الأطراف على معالجة القضية بتقويض أركانها الرئيسة، التي تحظى بإجماع دولي». وتابع: «لقد مرَّ ما يقرب من عامين على اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل. فكم دولة حذت حذوها؟ دولة أو دولتان. إن الإجماع الدولي لايزال راسخاً بشأن كون القدس الشرقية أرضاً محتلة وقضية من قضايا الحل النهائي، لا يجري حسمها بالإعلانات الأحادية، ولا بنقل السفارات والمكاتب التمثيلية إليها». وأشار إلى أن الولايات المتحدة قطعت تمويلها عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فتداعت الدول لسد الفجوة التمويلية، لافتاً إلى أن واشنطن تحاول، اليوم، أن تلتف على التفويض الممنوح للوكالة بموجب قرار دولي صادر عام 1949. وقال: «يقيني أن التصويت على تجديد التفويض في شهري نوفمبر وديسمبر المقبلين سيعكس الإجماع العالمي الرافض لإنهاء دور الوكالة في إعاشة 5.5 ملايين فلسطيني، أو التلاعب بصفة اللاجئ لتفريغ قضية اللاجئين من مضمونها». وأكد أن استمرار حالة الاحتراب الداخلي في بعض الدول العربية، هو الخطر الأول الذي يتهدد الأمن القومي العربي، قائلاً إن «هذه الحروب، وكما شهدنا خلال الأعوام الماضية، تُضعف مناعة الجسد العربي. وتستدعي تدخل الآخرين في شؤوننا، وتفتح لهم الباب للتلاعب بمصائرنا عبر تقسيم البلدان إلى ميليشيات متصارعة وطوائف متناحرة. وما من غرضٍ لهذه التدخلات غير الحميدة سوى توسيع رقعة النفوذ، وإدارة معارك بالوكالة على أراضٍ عربية تسيل فيها دماء عربية لأهداف لا يُمكن أن تحمل خيراً للعرب». وأضاف أن «بعض هذه الصراعات ازداد تأزماً، فالجرح إن لم يُعالج انتشر وتوغل في الجسد»، مشيراً إلى المعارك العسكرية التي تشهدها المناطق المحيطة بالعاصمة الليبية طرابلس، والانقسامات الجديدة التي تهدد وحدة التراب اليمني. وقال إن «الطرف الحوثي لا يملك قراره، وإنما يتلقاه من دولةٍ أخرى، داعياً إيران لأن «ترفع يدها عن الساحة اليمنية، وأن تكف عن دعم الميليشيات بالمال والسلاح، وأن تتوقف عن تحويل الأرض اليمنية إلى منصة لتهديد أمن واستقرار الدول المجاورة». وأشار إلى أن «التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية اتخذت صوراً أكثر خطورة وتهوراً، في الشهور الماضية، إذ تجاوزت إشعال الأزمات داخل الدول إلى تهديد أمن الملاحة وإمدادات الطاقة في منطقة الخليج العربي». من جانبه، أكد وزير الخارجية العراقي، محمد علي الحكيم، أن الظروف المعقدة التي تمر بها المنطقة العربية، يجب ألا تنسينا قضية العرب المركزية وهي قضية فلسطين، مشدداً على موقف العراق الثابت لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، وإقامة دولته المستقلة. وقال الحكيم، في كلمته عقب ترؤسه أعمال جلسات مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، إن العالم ينشغل الآن بقضية أمن الممرات المائية في الخليج العربي، وتأمين تدفق الطاقة أو إنشاء قوة بحرية في منطقة الخليج العربي. وأضاف: «نحن لا نؤيد المخططات التي تؤدي لرفع حالة التوتر في المنطقة»، مشدداً على أن دول الخليج قادرة على حماية الملاحة، وتدفق الطاقة في هذه المنطقة العربية. واستعرض جهود بلاده بشأن مكافحة إرهاب «داعش»، مؤكداً أنه بحاجة الى دعم الأشقاء العرب، لاستئصال هذه الآفة والتصدي لها. وشدد على رفض العراق القاطع للوجود التركي على أراضيه، ويعمل على إنهائه بشتى الوسائل. وأدان الوزير العراقي اعتداء المحتل الإسرائيلي ضد الدول العربية، مؤكداً حقه في الدفاع عن النفس، إيماناً من العراق بمبادئ الدول العربية وميثاق الجامعة العربية. وفي وقت سابق، ترأس وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور أنور بن محمد قرقاش، أمس، اجتماع اللجنة الوزارية العربية الرباعية، المعنية بمتابعة تطورات الأزمة مع إيران. واحتضنت القاهرة الاجتماع الذي جرى بين أعضاء اللجنة الرباعية: (السعودية، والإمارات، ومصر، والبحرين)، إضافة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية، حيث تناقش الدورة الحالية الـ152 لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية العرب، أيضاً، التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وأمن الملاحة وإمدادات الطاقة في منطقة الخليج العربي، ومخاطر التسلح الإسرائيلي على الأمن القومي العربي والسلام الدولي، وإنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية، وغيرها من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. واستعرضت اللجنة تقريراً أعدته الأمانة العامة للجامعة العربية، حول متابعة تطورات الأزمة مع إيران، وسبل التصدي لتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء سياسياً واقتصادياً وإعلامياً. جاء ذلك قبيل انطلاق أعمال الدورة الـ152 لمجلس الجامعة، على مستوى وزراء الخارجية، أمس، برئاسة العراق خلفاً للصومال. في السياق نفسه، أعلن رئيس البرلمان العربي، الدكتور مشعل بن فهم السلمي، أن البرلمان العربي يعمل حالياً على إعداد استراتيجية عربية موحدة، للتعامل مع دول الجوار الجغرافي، مؤكداً أن الظروف الدقيقة التي يشهدها العالم العربي تستوجب وحدة الموقف العربي، والتصدي بحزم للاعتداءات الآثمة، والتدخلات الخارجية في الشؤون العربية. جاء ذلك في تصريح له بالقاهرة، خلال مشاركته في أعمال الدورة، حيث قال إنه في إطار إعداد استراتيجية التعامل مع دول الجوار الجغرافي، عقد البرلمان ندوة موسعة بالجامعة العربية شارك فيها الأمين العام للجامعة، أحمد أبوالغيط، وعدد من المسؤولين والخبراء العرب، مجدداً دعم البرلمان العربي لنصرة القضية الفلسطينية، مؤكداً أن شعار دورة انعقاد البرلمان العربي ووثائقه، هي «القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين». وتضمن جدول أعمال الدورة الحالية العديد من البنود الرئيسة، تأتي في مقدمتها القضية الفلسطينية، والصراع العربي الإسرائيلي، ودعم موازنة دولة فلسطين، وتقرير وتوصيات مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة الدورة الـ102. كما تضمن جدول الأعمال تقريراً عن أعمال المكتب الرئيس، والمكتب الإقليمي لمقاطعة إسرائيل، بين دورتي مجلس الجامعة (151-152)، والأمن المائي العربي، وسرقة إسرائيل للمياه في الأراضي العربية المحتلة، والجولان العربي السوري المحتل. كما ناقشت الدورة موضوعات أخرى تتناول التضامن مع لبنان، وتطورات الأوضاع في سورية وليبيا واليمن، واحتلال إيران للجزر العربية الثلاث: (طنب الصغرى، وطنب الكبرى، وأبوموسى) التابعة لدولة الإمارات في الخليج العربي. كما تبحث الدورة اتخاذ موقف عربي موحد إزاء انتهاك القوات التركية للسيادة العراقية، ودعم السلام والتنمية في جمهورية السودان، ودعم جمهورية الصومال الفيدرالية، ودعم جمهورية القمر المتحدة، والحل السلمي للنزاع الحدودي الجيبوتي - الإريتري.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :