تخلى مارك تكر عن حلمه في أن يصبح لاعب كرة قدم محترفا بعد أن أدرك أنه لم يكن جيدا بما فيه الكفاية ليصعد إلى القمة. لكن الرغبة في الفوز لا تزال هي سمة لاعب ولفرهامبتون وأندررز السابق، الذي انتقل إلى حياة مهنية مختلفة وأصبح واحدا من أنجح مسؤولي التأمين في العالم. يقول أحد زملائه السابقين: "إذا أردت أن تفهم مارك، فعليك أن تفكر فيه أولا وقبل كل شيء باعتباره لاعبا رياضيا. لديه روح تنافسية أعلى من أي شخص أعرفه". شعور الافتقار إلى النصر لدى "إتش. إس. بي. سي" HSBC، الذي يرأسه تكر، هو ما أدى إلى الإطاحة بالرئيس التنفيذي للمصرف أخيرا. طرد جون فلينت بعد مرور 18 شهرا فقط على توليه منصبه كان صادما بالنسبة للعاملين في الشركة المحافظة، إلا أن أولئك الذين يعرفون تكر على نحو أفضل لم يفاجئهم ذلك. يتذكر إدموند تسي، رئيس AIA، أن تكر "لم يكن لديه صبر على (الموظفين) غير المنجزين". عندما كان الرئيس التنفيذي لشركة التأمين الآسيوية بين عامي 2010 و2017 كان "يعطي الناس فرصة، لكن إذا لم يتمكنوا من تحقيق أي إنجاز خلال بضعة أعوام لا يتردد مطلقا في التغيير". ولد في لندن عام 1957 لأب مختص في أمراض القلب للأطفال وأم نحاتة وفنانة، وكانت روحه التنافسية واضحة منذ صغره، كما يقول مايكل ليفي، زميله من حزب العمال، الذي كان يقطن في نهاية الشارع الذي كانت تسكن فيه عائلة تكر عندما كان مراهقا. "إذا مارست لعبة رياضية معه، سيبذل كل جهده للفوز". بعد التخلي عن احتراف كرة القدم، درس تكر، وهو من مشجعي نادي تشيلسي المتعصبين، إدارة الأعمال في جامعة ليدز وأصبح محاسب ضرائب متدربا لدى شركة برايس هاوس كوبرز PwC. وفي عام 1986، انضم إلى "برودنشال" وشق طريقه من خلال سلسلة من المناصب العليا بشكل تدريجي في لندن وهونج كونج والولايات المتحدة. أصبحت هونج كونج موطن تكر الروحي، وقضى معظم حياته المهنية هناك، بما في ذلك عقد من الزمان رئيسا لأعمال شركة برو Pru في آسيا. على مر السنين، طور معرفة موسوعية بكل الأشياء الصينية، وبات يرى عالم التجارة من خلال منظور آسيوي. إنه مغرم بشكل خاص بالاستشهاد بمقولات أستاذ التأمل البوذي من القرن العاشر، فيشوان يوان، الذي قال إن الأساسيات الثلاثة في القيادة هي "الإنسانية والوضوح والشجاعة". بعد فترة قصيرة من عمله مديرا ماليا في "إتش. بي. أو. إس" HBOS، عاد إلى "برو" ليصبح الرئيس التنفيذي في عام 2005. وفي عام 2010، قاد عملية التعويم الناجحة بقيمة 20.5 مليار دولار لـAIA في بورصة هونج كونج، وكان إدراجا مربحا بشكل مذهل بالنسبة لمساهمي شركة التأمين، بما في ذلك تكر نفسه. منذ ذلك الحين، زادت القيمة السوقية للشركة أكثر من ثلاثة أضعاف. يقول تسي: "كان مديرا تنفيذيا متميزا وديناميكيا، وكان يحث دائما على الدفع قدما لجعل الشركة تعمل بكفاءة". يقول الذين عملوا معه إن لديه أخلاقيات عمل تتبع حركة ستيخانوفايت (اعتماد العمل الشاق لتحقيق أهداف كبيرة) كما أن قدرته على العمل في مناطق زمنية متعددة دون الحصول على قدر كاف من النوم أدت إلى مقارنات بمارجريت تاتشر التي كانت تنام أربع ساعات فقط في اليوم. يقول أحد زملائه: " أطلقنا عليه لقب "تكر تايم". كان دائما يرسل رسائل البريد الإلكتروني في منتصف الليل". ولأنه عريض المنكبين، فهو يمشي مشية يشبهها موظف سابق بـ "الثور المندفع"، ومن المعروف أن فتيل الصبر قصير لدى تكر. نظرا إلى براعته في التنفيذ، اعتقد بعض الزملاء أنه قد يكافح عندما ينتقل إلى منصب رئيس مجلس الإدارة وهو دور ذو طبيعة إشرافيه. يقول لي يوان سيونج، رئيس شركة التأمين بينج آن Ping An: "عندما غادر AIA وانتقل إلى إتش. إس. بي. سي، فوجئت قليلا. العمل في دور غير تنفيذي لا يبدو شيئا سيقدم عليه مارك. ولكي أكون منصفا، أعتقد أنه يعرف الحدود". تكر ليس من مرتادي الأندية الاجتماعية ولا يستمتع بتكوين علاقات اجتماعية مع عظماء لندن أو أعضاء النخبة المالية العالمية الآخرين. يشعر بعض المعاصرين أنه مناهض للمؤسسة لأنه لا يرتدي ربطة عنق أبدا. يقول الاقتصادي آدم بوزن، الذي كان يعمل في لجنة السياسة النقدية لبنك إنجلترا عندما كان تكر واحدا من المديرين في البنك: "الأمر لا يتعلق بالخجل، لكنه لا يسعى إلى الأضواء لغرض الشهرة فقط". مسألة ما إذا كان تكر قادرا حقا على شغل مقعد خلفي نوقشت مرة أخرى بعد فصل فلينت، إذ تساءل بعضهم عما إذا كان الفصل دليلا على أن الرئيس يريد إدارة الشركة بنفسه. أحد التنفيذيين السابقين في "إتش. إس. بي. سي" يقول: "إنه مصرف مارك الآن". جون سيموندز، نائب رئيس مجلس إدارة "إتش. إس. بي. سي" المنتهية ولايته، يصر على أن الأمر ليس كذلك، وأن تصميم تكر على قضاء مزيد من الوقت في غرب لندن مع زوجته جانيت وابنه وابنته، كلاهما في سن المدرسة الثانوية، يمنعه من إدارة المصرف بشكل يومي. يضيف: "كان واضحا جدا أن أولوياته هي الأسرة ثم كرة القدم، ثم عمله، بهذا الترتيب بالضبط، وقد فعل هذا حقا. إذا كان هناك أي شيء، أعتقد أن (قراره هذا) استغرق المنظمة وقتا طويلا لتقبله. كانوا يتوقعون منه أن يكون له دور تنفيذي بشكل أكبر". كان أول قرار رئيسي اتخذه تكر بعد أن أصبح رئيس مجلس إدارة "إتش. إس. بي. سي" في عام 2017 هو تعيين فلينت، الذي لديه ولاء والتزام للشركة، ويتمتع بخبرة 32 عاما وسيرة ذاتية مثالية. يقول أحد أصدقائه إنه يشعر بندم شديد على اتخاذه القرار الخاطئ. "يلوم نفسه على هذا القرار كل يوم". في بحثه الآن عن مدير تنفيذي بديل، لا يريد أن يخفق مرة أخرى. في حالة احتياجه لتذكيره بهذا، لديه لوحة في مكتبه، ورثها من سلفه مكتوب عليها: "المسؤولية تقع على عاتقنا".
مشاركة :