اختارت مدينة فاس تخصيص الدورة 21 لمهرجان الموسيقى الروحية العالمية للاحتفاء بإشعاعها الروحي والثقافي في أفريقيا باعتبارها أعرق العواصم التاريخية للمغرب الإسلامي، ومهد أول جامعة في العالم، وهي جامعة القرويين، التي درّس بها ابن رشد وابن الخطيب وابن خلدون والحاخام ابن ميمون، واستكمل فيها البابا سلفستر الثاني دراسته. ويقول عبد الرفيع زويتن، رئيس مؤسسة روح فاس ومهرجان الموسيقى الروحية العالمية: «اخترنا لهذه الدورة، التي ستنظم من 22 إلى 30 مايو (أيار) المقبل، موضوع العلاقات التاريخية والدينية لفاس مع أفريقيا. فعلى مدى أزيد من 12 قرنا من الزمن، شكلت فاس مركز إشعاع ثقافي وديني ومصدر إلهام بالنسبة لشمال وغرب أفريقيا، عبر امتدادات مدارسها الفكرية والروحية، ورحلات دعاتها وسفرائها وتجارها الذين حملوا الإسلام واللغة العربية إلى أعماق أفريقيا جنوب الصحراء». ويضيف زويتن: «من خلال استرجاع رحلات التجار والدعاة عبر طريق السلطان من فاس إلى تومبوكتو، ومنها إلى بقية بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، يهدف المهرجان إلى إذكاء الإشعاع الروحي لفاس في أفريقيا ووضعه في سياق النفس الجديد الذي أعطاه العاهل المغربي الملك محمد السادس للعلاقات مع أفريقيا، الذي يولي أهمية خاصة للبعد الإنساني في هذه العلاقات». ويشارك في هذه الدورة فنانون كبار من 20 دولة عبر العالم، بينها الصين والهند وأذربيجان وأميركا والعراق وإيران والإمارات العربية والبلدان المغاربية والأوروبية. وسيخصص الحفل الافتتاحي لأفريقيا، من خلال مشاركة فنانين أفارقة كبار وفرق أفريقية راقصة بأزيائها العجيبة، وعروض للصور الرقمية للمدن والمواقع الأفريقية على جدران مدينة فاس. وتستقطب حفلات المهرجان سنويا عشرات الآلاف من المشاهدين. في السنة الماضية، استقطبت الحفلات المفتوحة التي نظمت في موقع باب أبو الجنود التاريخي 50 ألف متفرج يوميا، بينما استقطبت حفلات باب الماكينة زهاء 30 ألف متفرج، واستقطبت حفلات متحف البطحاء 10 ألف متفرج، والسهرات التي نظمت في مواقع مختلفة من المدينة العريقة نحو 14 ألف متفرج. بينما حضر زهاء 2400 شخص الملتقى الفكري الذي نظم على هامش المهرجان. وتتوزع حفلات المهرجان بين حفلات مفتوحة للجمهور وحفلات معلقة تستهدف جمهورا خاصا من عشاق الموسيقى الروحية عبر العالم. ويتمحور الملقى الفكري لهذه السنة حول موضوع «فاس من منظور أفريقي» بمشاركة فلاسفة ومؤرخين وباحثين اجتماعيين ومفكرين، من خلال 5 ندوات صباحية. ستخصص الندوة الأولى لمقاربة فاس التاريخية كمفترق للطرق التجارية والروحية وجسر بين الأندلس وأفريقيا جنوب الصحراء. وتتناول الندوة الصباحية الثانية موضوع «أفريقيا والمقدس»، بمشاركة مدير معهد الموافقة لتكوين الرهبان والقساوسة في الرباط، والندوة الثالثة لموضوع التعدد اللغوي والثقافي في أفريقيا التي تعرف بعض بلدانها تعايش لغات مختلفة قد تصل إلى المائة كما هو الحال في الكاميرون، وتحاول الندوة الرابعة استعادة المسارات القديمة لقوافل التجارة والدعوة من خلال تراث الرحالة المغربي الحسن الوزان المعروف باسم «ليون الأفريقي» في الغرب باعتباره أحد المراجع التاريخية لتعرف الغرب على أفريقيا. أما الندوة الرابعة فستخصص للقضايا الساخنة في أفريقيا وعلى رأسها التربية والتعليم والصحة والأمن والتحديات السياسية والاستراتيجية الإقليمية والدولية. وطبعا، ستعرف هذه الدورة تنظيم ندوات إضافية خارج الملتقى الأساسي وذلك في المقر الجديد لمؤسسة روح فاس. وإلى جانب الفن والفكر يتضمن المهرجان كذلك جانبا رياضيا من خلال تنظيم سباق مفتوح حول أسوار المدينة العريقة لفاس وداخل أزقتها، الذي سيفوز الـ50 متسابقا الأوائل فيه بتذكرة مجانية لحضور جميع حفلات المهرجان.
مشاركة :