تشكل العوامل التي تستفيد من صناعة الاستيراد أولا أكبر جماعات الضغط ضد الإنتاج المحلي. فعلى سبيل المثال، تمنح تراخيص الاستيراد الحصرية احتكارا للواردات لفرد واحد أو وكالة وطنية واحدة. هذه التراخيص تثبط احتمالات ظهور إنتاج محلي. وبالفعل، فإن التراخيص وقوة الاحتكار المرتبطة بها تزيدان من الأسعار المحلية للسلع المستوردة والسلع المحلية المنافسة لها، ما يزيد من تكلفة المنتجين الذين يشترون هذه الواردات أو البدائل كمدخلات إنتاج. ومن الأساليب الجيدة لمواجهة احتكارات الاستيراد إقامة مزادات لتخصيص تراخيص الاستيراد مع تحديد تاريخ انتهاء لها. يمكن لتلك المزادات أن تحد من تحصيل الأرباح الزائدة من قبل الوكلاء غير المستحقين وتؤدي على الأقل إلى انخفاض الأسعار والتكلفة على المستخدمين والمستهلكين. ثانيا، تعزز إعانات الدعم الشاملة الهيكل المشوه للاقتصاد تجاه الاعتماد على الواردات، إذ تزيد هذه الإعانات على الواردات مثل الأغذية أو السلع الأساسية من الطلب عليها. علاوة على ذلك، فإن إعانات الدعم تزيد بشكل مصطنع من الطلب على منتجات المستوردين الحصريين ويمكن أن تكلف الحكومة كثيرا من الأموال يمكن إنفاقها في مجالات أخرى. وقد مولت أرباح الصادرات النفطية أو المساعدات الأجنبية إعانات الدعم الشاملة التي تدعم احتكارات الاستيراد. وعندما تكون المشتريات الحكومية ضخمة نسبيا، يكون الاحتمال كبيرا لحدوث فساد تبادل المصالح مع الجهات الفاعلة الخاصة. ويجسد قطاعا الزراعة والصناعات الغذائية المنافسة المشوهة بين الإنتاج المحلي والواردات الاحتكارية مع وجود إعانات دعم للمستهلك. وهذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة للقمح والأرز في كثير من البلدان الإفريقية. هناك بالطبع عوائق أخرى أمام تنمية الزراعة لتلبية الطلب المحلي، لكن إنهاء الواردات الاحتكارية واستبدال إعانات الدعم المستهدفة بالدعم الشامل من شأنهما مساعدة قطاع الزراعة على تلبية الاحتياجات المحلية. ثالثا، الاعتماد على الاستيراد يؤدي إلى عجز مزدوج مستمر؛ وهذا يعني أن عجز الموازنة يحرك العجز التجاري. فواردات السلع المدعومة مبالغ فيها على نطاق واسع. ويجري تهريب الواردات الزائدة إما إلى بلدان أخرى وإما استخدامها مدخلات في الصناعة التي تحصل بالتالي على ميزة غير حقيقية عندما لا تباع الواردات بالأسعار العالمية. هذا هو الحال بشكل خاص حين تقوم الحكومة بشراء الواردات وبيعها. ومن الأمثلة الجيدة على ذلك صناعة المشروبات الغازية التي تستفيد من السكر المدعوم، وتؤدي إلى عواقب صحية سيئة علاوة على ذلك. فإن تحرير الواردات وما يرتبط بها من سلاسل لوجيستيات وتوزيع، وخفض إعانات الدعم، سيساعدان على تسوية العجز المستمر الذي ابتليت به المنطقة منذ بداية أحداث الربيع العربي عام 2011 وانهيار أسعار النفط عام 2014. وما لم يتقلص ذلك العجز فقد يطلب من المواطنين مواجهة تخفيضات جذرية في التحويلات أو الخدمات الاجتماعية للحفاظ على ريع قلة قليلة غير مستحقة. يجب أن يكون التركيز على تحرير الاستيراد في صلب أي استراتيجية للتنمية في منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وينبغي أن يشجع ذلك على تنمية قطاع إنتاجي، ويكون قاعدة جيدة لتشجيع الصادرات. وحتى إذا لم يحدث ذلك، فإن خفض احتكارات الواردات سيظل ذا قيمة لأنه سيؤدي إلى انخفاض الأسعار والعجز.
مشاركة :