تناولت الصحف العبرية إعلان زعيم حزب الليكود ورئيس حكومة تسيير الأعمال في دولة الاحتلال الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، منتصف الأسبوع الماضي، عن نيته ضم غور الأردن لإسرائيل، في حال شكّل الحكومة المقبلة، فيما رأى كثير من المحللين أن هذا الإعلان جاء لأغراض انتخابية فقط.وتعهد نتنياهو، مساء الثلاثاء الماضي، بإعلان السيادة الإسرائيلية على منطقة الأغوار وشمال البحر الميت، إذا ما تم انتخابه وتكليفه بتشكيل الحكومة المقبلة، مشددا على أن ذلك سيتم بتنسيق كامل مع إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.وأضاف نتنياهو، أن ذلك يتطلب تكليفه بمهمة تشكيل الحكومة والتوصل لائتلاف حكومى يلتزم بهذه المبادئ (ضم الضفة)، بالإضافة إلى استعدادات عسكرية وأمنية. وقال نتنياهو في مؤتمر صحفى، جاء في إطار انتخابى دعائي، إن «التقديرات تؤكد أن إعلان الإدارة الأمريكية عن خطتها للسلام سيتم بعيد الانتخابات مباشرة»، مضيفا «ربما أيام معدودة بعد الانتخابات المقبلة». واعتبر نتنياهو أن ذلك يشكل تحديا تاريخيا وفرصة تاريخية كذلك لإسرائيل، متسائلا: «من سيقود المباحثات مع الرئيس ترامب، أنا، أم (رئيس قائمة «كاحول لافان»، بيني) غانتس»، وسط تصفيق من حضور معظمه من مسئولى حزبه، الليكود. وأضاف نتنياهو، أنه كان ينوى «إعلان السيادة الإسرائيلية على كافة الكتل الاستيطانية بالضفة الغربية، بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية، انطلاقا من المناطق التى تشكل أهمية إستراتيجية وأمنية لإسرائيل»، على غرار منطقة الأغوار التابعة للضفة الغربية المحتلة. وتابع، أنه ينوى إعطاء فرصة للإدارة الأمريكية بطرح «صفقتها»، ومن ثم يبدأ بإعلان السيادة الإسرائيلية على مناطق قال إنها تشكل أهمية «أمنية وتاريخية» بالضفة المحتلة، كما تعهد بضم الأغوار بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة في ١٧ سبتمبر الجاري.وزعم أن الأغوار تشكل «الجدار الحامى الشرقي، درع يضمن أننا لن نتحول لدولة عرضها بضعة كيلومترات، وهذا يتطلب أن ينتشر الجيش الإسرائيلى على طول الأغوار، وليس فقط في قطاع ضيق بجانب البحر (الميت)، آمل أن يكون الجيش الإسرائيلى دائما هناك، وأن يكون غور الأردن تحت السيادة الإسرائيلية إلى الأبد».وأضاف أن باستطاعته استخلاص اعتراف أمريكى بالسيادة الإسرائيلية على الأغوار، كما فعل فيما يتعلق بالجولان السورى المحتل. وشدد نتنياهو على أنه ينوى تقديم خطة شاملة لتعزيز الاستيطان اليهودى في منطقة الأغوار، وعلى سائر مساحة الضفة الغربية المحتلة. وعرض نتنياهو خريطة لمنطقة الأغوار بعد «الضم»، زاعما «أن الخريطة تضيف عمقا استراتيجيا لإسرائيل في الأراضى المحتلة، وتشمل جميع المواقع الإسرائيلية». وشدد على أنه لن يتم ضم البلدات والقرى الفلسطينية في المنطقة، وإنما سيتم السماح للفلسطينيين باستخدام «الطرق الإسرائيلية» التى قد تتيح لهم التوجه شرقًا أو غربًا.وقال نتنياهو: «يجب علينا أن نصل إلى حدود ثابتة لدولة إسرائيل، لضمان عدم تحول الضفة الغربية إلى منطقة مثل قطاع غزة». وأضاف أن «هذه فرصة ثمينة لنا، ولأول مرة تأتي، ولن تكون لنا حتى ٥٠ سنة مقبلة، أعطونى القوة لأعزز إسرائيل وأمنها، أعطونى القوة من أجل تحديد إسرائيل».وكتب المحلل السياسى في صحيفة «معاريف»، بن كسبيت، أنه «بإمكان نتنياهو فرض السيادة على غور الأردن في أى وقت. وهو ليس بحاجة لأغلبية في الكنيست. وليس بحاجة إلى مشروع قانون. ليس بحاجة إلى شيء. بإمكانه جمع الحكومة، طرح الاقتراح للتصويت، والمصادقة عليه بالإجماع وبذلك تنتهى القصة». وذلك، لأنه «بموجب قانون صادق عليه الكنيست، بواسطة اليساريين من حزب العمل، في ٢٧ يونيو ١٩٦٧، سمح لإسرائيل بضم أى مناطق كانت تحت الانتداب البريطاني. وعلى أساس هذا القانون، ضمت حكومة ليفى أشكول القدس الشرقية».ولفت إلى أن ضم هضبة الجولان السورية المحتلة كان مختلفا، وكانت هناك حاجة إلى سن قانون خاص، لأن الجولان لم يكن خاضعا للانتداب البريطاني، وإنما الفرنسي، ولذلك لم يكن مشمولا ضمن «أرض إسرائيل». وأضاف أن قرارا بضم الأغوار هو «قرار ينطوى على أهمية واسعة النطاق وهائلة، أمنيا وسياسيا واقتصاديا. وسينعكس على علاقات إسرائيل مع العالم العربى والخليجيات (دول الخليج)، وعلى العلاقات مع العالم، وعلى الوضع لدى الفلسطينيين، وعلى التوتر الأمني في المنطقة كلها. وسيؤثر على المعركة الدبلوماسية، وسينعكس على أى اتجاه ممكن».وأشار «كسبيت» إلى أنه أجرى فحصا تبين منه أن نتنياهو لم يجر مداولات أو مشاورات حول ضم الأغوار مع أية جهة أمنية إسرائيلية، ربما باستثناء رئيس الموساد، يوسى كوهين، المعروف بمواقفه المتماثلة مع سياسة نتنياهو وقربه منه.وحسب «كسبيت»، فإن أغلبية الإسرائيليين يؤيدون ضم الأغوار. «وعلى هذا الأمر، حاول نتنياهو تحقيق مكاسب سياسية (انتخابية). لكنه لم ينجح في ذلك، لأن الإعلان الدراماتيكى جاء من جهة ترامب، الذى أقال مستشاره للأمن القومي، ومن خلال إذلاله على الملأ، بعد دقائق من إعلان نتنياهو».ووفقا لـ «كسبيت»، فإن «التقديرات في أوساط مسئولين سياسيين، كانت أن نتنياهو طلب من ترامب اعترافا موازيا بضم غور الأردن، كالذى حصل عليه في هضبة الجولان. ترامب رفض. بولتون مارس ضغوطا على الرئيس، وعندها ترامب أقاله». وتعتبر هذه ضربة لنتنياهو، خاصة أنه في أعقاب المؤتمر الصحفى الذى عقده نتنياهو، وتحدث فيه عن كشف منشأة نووية إيرانية جديدة في أباده، جنوب أصفهان، أعلن ترامب أنه مستعد للقاء الرئيس الإيراني، حسن روحاني. ورأى كسبيت أن «ترامب توقف عن التعاون في أكثر مرحلة مصيرية بالنسبة لنتنياهو».
مشاركة :