الأمام الحسين عليه السلام ليس سبارتاكوسيا ثائراً

  • 9/14/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

محمد حمزة الجبوري (سبارتاكوس) كان عبدا من رقيق الإمبراطورية الرومانية، وزعيما ثائرا أصله من دولة تراقيا القديمة رغم اختلاف المؤرخين القدامى في نسبه العرقي، وقائد حرب الرقيق الثالثة خرج ليثأر لرقه ورق رفاقه كان هدفه أحادي الجانب لم يرقى أن يكون حتى مثالاً حسينياً واحداً هذا اذا سلمنا بحقيقة (سبارتاكوس) وعدم أسطوريتها ,فالحسين عليه السلام لم يكن رجل ثأرياً تترسب به ثأرية الجاهلية الأولى وقبليتها بل كان يسعى لدرء الصدام المسلح مع الطرف الآخر ما استطاع لتفادي إراقة الدماء أذن لم يكن مؤمناً البتة بمنطق القوة ,بل كان يسوق لمفهوم قوة المنطق ,المفهوم الأقرب للمنحى الإنساني ,ما يبين بجلاء ان الحسين عليه السلام إيقونة إنسانية قل نظيرها وشخصية استثنائية لم يسبق لها مثيل .يقول أحد الأدباء مخاطبا جبل الشهادة وأيقونة الرحمة الإنسانية : ورايتك النفس الكبيرة لم تكن حتى على من قاتلوك حقودافمن معطيات الملحمة العاشوارئية وآثارها الجلية التي انعكست على مجمل شعوب العالم _نظراً لكونيتها وصبغتها العالمية _ أنها دفعت عظماء العالم للتفاخر بهذه الملحمة الإنسانية الخالدة و أن ما رشح عنها من دروس تربوية مدعاة للبحث والتأمل وجديرة بالحذو والاتباع عابرة لقانون (الزمكان) ، فكربلاء ليس بجغرافيتها ،بل بثوريتها المدافعة عن مستقبل الشعوب وكرامتها وتحريرها من الرق والاستعباد الممتد على طول التأريخ ، من واجباتنا إزاء عظمتها عدم السماح بأي شكل من الأشكال أن تكون ثورة الامام الحسين (عليه السلام) وقضيته الخالدة مرتعاً للمرائيين والحمقى وواجهة من واجهات التسويق السياسي الأكثر جذبا وساحة لتصفية العقد النفسية وايلام النفس والعبث بالأجساد ,بل لابد من إدخار هذه الاجساد لأيام قد تكون أكثر ألماً ومضاضة ،فثقافة الرفض والممانعة الحسينية تستدعي تسويق الفكر الحسيني الخالد عالمياً عبر المسار الإنساني بعيداً عن العنفية والطقوسية وسطحية الأديان ،بمعنى آخر تدويل القضية الحسينية المقدسة وعدم حبسها في جدران التشيع ، ويتحتم على أحرار الأمة ومثقفيها الدفاع عن القضية الحسينية الرائدة ,لأنها قضية كل المظلومين والمشردين في العالم ،والتصدي بحزم لكل الخزعبلات والتوافه البعيدة عن مفهوم القضية وأهدافها وإعلان رفضها وإدانتها عالمياً ، لأن الجهل يودي إلى التقهقر والإنهزام ،والوعي الحسيني الرسالي مدعاة للتقدم وقهر الأعداء المتربصين في كل حدب وصوب ؛الفكر الرشيد يزعج الظلاميين ويقض مضاجعهم .من جانب آخر لابد من تفكيك الثورة الحسينية ودراستها بطريقة تربوية ،وإزالة بعض الشوائب التاريخية الخاطئة التي علقت بها ووصلتنا من رواة غير موثوق بسيرهم ،وجرح الروايات وتعديلها ،ليتسنى للجميع فهم كنه الثورة الحقيقي والإبتعاد عن الروايات الرامية لتقزيم الثورة وحصرها في جدران ضيقة تحول دون أطلاق أفقها للعنان العالمي ،وتعريف الرأي العام العالمي بحقيقة هامة مفادها : أن الأمام الحسين (عليه السلام) كان السباق لقيادة ركب الإصلاح الكوني ،وتخليص البشرية من عهود الظلام والتشرذم عندما شعر بأن الظلم يحاول أن يكتسح العدل ،فكانت ثورته بين معسكرين لا ثالث لهما : معسكر الخلاص في مقابل معسكر الأسر ، معسكر الذائدين عن الإنسان في مقابل معسكر أعداء الإنسان .ولأن الحسين (عليه السلام) الإمام المفترض الطاعة يعني بكلمة واحدة الإسلام بكل أشكاله ومناحيه لابد لنا كذلك من نشر فكرنا الإسلامي الأصيل إلى الآخر إنسانياً بعيداً عن العقدية والعمل بالمعطى الإنسانوي ،حينها سنشهد عالم متعايش يحمل الخطاب القرآني الأصيل الذي ينشد السلام والطمأنينة على ربوع البسيطة بأسرها .

مشاركة :