عرف عن الخليفة العباسي هارون الرشيد، والذي تحل اليوم السبت ذكرى توليه الخلافة، ثقافته الواسعة، إذ كان ذا أدب رفيع ولديه تذوق للشعر، وكانت مجالسه تمتلئ بالشعراء والعلماء والفقهاء والأدباء والموسيقيين، ويعد عصره من أزهى عصور الدولة العباسية في عدد من المجالات الإبداعية، وقد سردت الحكايات والقصص عن ثقافته وأدبه.وكتب الأديب أحمد أمين كتابا تحت عنوان "هارون الرشيد" تناول فيه الحياة الاجتماعية في عهد هارون الرشيد ولماذا ارتبطت حكاية ألف ليلة وليلة" بهارون الرشيد.ذكر أحمد أمين في هذا الكتاب أن الكثير يربط بين حكاية "ألف ليلة وليلة" بهارون الرشيد دون غيره من خلفاء بني أمية أمثال عبدالملك بن مروان، هشام بن عبد الملك، أو حتى من كبار بني العباس مثل أبو جعفر المنصور وكلهم أفخم وأعظم من الرشيد، لكن هذا ربما يرجع إلى أن "ألف ليلة وليلة" تُرجم في عصور مختلفة وزيد عليه في عصور مختلفة، فكان أول من ترجم عن الفارسية هذا القسم البغدادي في عصر الرشيد، فتملقه المؤلفون لظهور الكتاب في أيامه.قال "أمين" إن ترجمة ألف ليلة وليلة كانت على كل حال مسايرة لترجمة "كليلة ودمنة" لابن المقفع ترجمة من نوع خاص، فابن المقفع حين ترجم "كليلة ودمنة" أومأ إيماء خفيفة إلى ظلم الخلفاء والحكام وذلك بوصفه للملك العادل وما ينبغى أن يكون عليه ونقمته على الملك الظالم مما دعا إلى قتله واتهامه بالزندقة، لكن ترجمة "ألف ليلة وليلة" كانت ترجمة من نوع خاص لا هي بالحرفية ولا هي بالمعنى فقط، لكن ترجموا المعاني مصبوغة بالصبغة الإسلامية ولما رأى المترجم ما حدث لابن المقفع اتقاه وبالغ في الحفاوة بالرشيد.رأى أمين أن ارتباط "ألف ليلة وليلة" بالرشيد ربما يرجع لسبب آخر، وأن الرشيد لما عرف بمترجم الكتاب أفاض عليه من عطائه وفهم أن هذه خير دعاية له وأشادت الرواية بالرشيد في علمه وعدله ولهوه.وأوضح أنه كان من حسن حظ الرشيد رواج "ألف ليلة وليلة" رواجا عظيما عند الغرب، ووقوفهم عند قيمتها، خاصة أنهم رأوا أن فيها خير ما يمثل الحياة الاجتماعية في الشرق، لأنها توثق ما يروى من عقائد وحوار ومكر النساء فإذا بهم يعتنوا بها من نواح مختلفة.
مشاركة :