أكدت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية أن حملة القمع الوحشية التي يشنها نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضد اللاجئين السوريين المقيمين في بلاده، أجبرتهم على اتباع التكتيكات ذاتها التي كانوا يلجؤون إليها للنجاة بأنفسهم، من قبضة النظام في دمشق، قبل أن يفروا من وطنهم. وقالت الصحيفة، في تقرير مطول أعدته مراسلتها في إسطنبول رجاء عبدالرحيم، إن هؤلاء السوريين عادوا مثلاً لتوجيه رسائل تحذير لبعضهم بعضاً على مجموعات أنشؤوها على تطبيق «واتس آب»، وذلك على نحو مماثل لما كانوا يفعلونه خلال وجودهم في بلادهم، لتوخي الحذر من نقاط التفتيش التابعة للجيش الحكومي أو حملات المداهمة التي تشنها الشرطة. الاختلاف يتمثل الآن -بحسب «وول ستريت جورنال»- في أن هدف تلك الرسائل التحذيرية، بات يتمثل في التنبيه إلى وجود دوريات للشرطة التركية تجوب إسطنبول بحثاً عن السوريين المقيمين هناك، وذلك إثر «سحب تركيا بساط الترحيب الذي كانت مدته لهم في السابق.. بعدما عانى أردوغان من تراجع حاد في شعبيته على خلفية ملف اللاجئين». وأبرزت الصحيفة الأميركية في تقريرها التعهد الذي أطلقه الرئيس التركي بـ«تسريع وتيرة إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم»، وكذلك قوله قبل أيام قليلة إن نظامه «سيعيد قرابة مليون من نحو أربعة ملايين لاجئ سوري موجودين في تركيا» حالياً. وأشار التقرير إلى أن المسؤولين الأتراك «شرعوا الشهر الماضي بالفعل في تكثيف عمليات فحص الهويات، التي يخضع لها السوريون في إسطنبول.. وترحيل من يفتقرون منهم لبطاقات الإقامة المؤقتة التي تخولهم البقاء في المدينة، إما إلى محافظات أخرى أو إلى سوريا نفسها». ونقلت «وول ستريت جورنال» عن نشطاء سوريين قولهم، إن عدد من تم ترحيلهم خلال الحملة الأمنية الصارمة التي شنها النظام التركي خلال أغسطس ضد اللاجئين فاق الـ6200 سوري، أُعيدوا قسراً إلى المناطق الشمالية من وطنهم، رغم استمرار القتال الضاري هناك. وقال النشطاء، إن من بين من تعرضوا لهذا المصير المأساوي، أشخاصاً «كانوا يحملون بطاقات إقامة سارية». ولتجنب هذا السيناريو الكابوسي، يلجأ سوريون كثر إلى محاولة التظاهر بأنهم أتراك في تصرفاتهم وملبسهم، لكيلا تكتشف الشرطة المحلية هويتهم. ومن بين من يُقْدِمون على ذلك -وفقاً لتقرير «وول ستريت جورنال»- شاب يُدعى «محمد حمدون».. قال: «يتحاشى اللاجئ السوري الحديث في الهاتف بصوت مرتفع، بل ويتجنب رفع صوته حتى في داخل منزله، خشية أن يكون هناك من يسترق له السمع»، موضحاً «نتبع الأساليب نفسها التي تعلمناها في سوريا.. يبدو أنه محكوم علينا أن نظل دوماً مُطاردين». ويتفق تقرير «وول ستريت جورنال» مع هذا التشبيه، قائلاً إن الحياة «بالنسبة للكثير من اللاجئين السوريين.. المقيمين في المركز الاقتصادي لتركيا (إسطنبول) أصبحت أشبه بلعبة القط والفأر، في غمار محاولاتهم لتجنب المصير المؤلم المتمثل في ترحيلهم إلى سوريا». وأشار التقرير إلى أن سيناريو الترحيل ذاك يبدو مخيفاً بشدة بالنسبة لغالبية اللاجئين السوريين في تركيا، «ممن يخشون أن يتم اعتقالهم على يد قوات نظام الأسد، التي استعادت السيطرة على مناطق واسعة من البلاد» كما أن من يُرحلون إلى المناطق «التي لا تزال خاضعة لسيطرة المعارضة الضعيفة يعانون كذلك من انعدام الأمن، والهجمات المتواصلة التي تشنها القوات الحكومية، مثل الحملة العسكرية ضد المعارضين الموجودين في محافظة إدلب شمال غربي سوريا». وأشارت «وول ستريت جورنال» إلى حالة الخوف الشديد التي تعيش في ظلها سيدة سورية عمرها 26 عاماً، إلى حد أنها ظلت تتلفت حولها وهي تروي قصتها لمراسلة الصحيفة في أحد مقاهي إسطنبول، قائلة: «لا أستطيع العودة لمنطقة حرب.. لو كان الأمر يتعلق بي وحدي لتمكنت من التحمل. لكن لديّ طفلان، وعليّ أن أوفر لهما حياة أفضل من تلك التي أعيشها».
مشاركة :