أظهرت دراسات طويلة الأمد قامت بها الجامعتان الأميركية والبريطانية، أن الأطفال الذين يتعرضون إلى الإزعاج والتخويف من قبل زملائهم معرضون في شكل أكبر للإصابة بأمراض عقلية فيما بعد، بحسب صحيفة "ذا غارديان" البريطانية. وقارنت الدراسة التي نشرت نتائجها في مجلة مختصة في الطب النفسي بين الأطفال الذين يتعرضون إلى المضايقات من قبل زملائهم، وآخرون يتعرضون لها من قبل الكبار. ويقول واضعوا الدراسة إن تخويف وإزعاج الزملاء لبعضهم البعض يجب أن يعطى أهمية أكبر، موضحين أن هؤلاء الذين يتعرضون إلى الإزعاج في المدرسة أكثر عرضة بخمس مرات للإصابة بالاكتئاب والقلق واحتمال إيذاء النفس، عن هؤلاء الذين يتعرضون إلى الإزعاج في البيت ومن قبل الأهل. ويقول البروفيسور ديتر والك إن سوء المعاملة، ويعني بذلك سوء المعاملة الجسدي والعاطفي والاعتداء الجنسي والإهمال وأي معاملة قد تؤدي إلى ضرر فعلي أو محتمل لصحة أو كرامة أو عاطفة الطفل، تعتبر الأكثر أهمية فيما يتعلق بصحة الأطفال العقلية. وشملت دراسة سوء معاملة الأطفال في المنازل ما يقارب أربعة آلاف طفل من المملكة المتحدة، بينما شملت دراسة سوء المعاملة من قبل زملاء المدرسة ما يقارب ألف طفل من الولايات المتحدة. وجُمعت معظم المعلومات المتعلقة بسوء معاملة الأطفال في المنازل من الأمهات اللواتي سئلوا ما إذا كان الطفل قد تعرض إلى إساءة جسدية أو جنسية، وعما إذا كان الشريك قاسي المعاملة مع الطفل من الناحية الجسدية أو العاطفية. وتم سؤال الأطفال أنفسهم ما إذا كانوا تعرضوا إلى الإساءة من قبل الأهل بين سن ثمانية أعوام و13 عاماً. أما سوء المعاملة من قبل الزملاء في المدراس وغيرها فتم تقييمها من خلال مقابلات مع الأمهات والأطفال بين سن التاسعة و الـ 16، وسئل أطفال آخرون في سن الـ 18 عن القلق والاكتئاب ومحاولات الانتحار أو إيذاء النفس. وتقول البروفيسورة المساعدة في علم النفس التجريبي في جامعة "أوكسفورد" جينيفر وايلد، إن الدراسات لم تبحث لماذا تُعرّض الإساءة من قبل الزملاء إلى الإصابة بمشكلات صحية، لكن النتائج التي كشفتها هذه الدراسات مهمة للغاية لأنها تسلط الضوء على الآثار المدمرة لهذا النوع من الإساءة. وأضافت أن "الجهود الحكومية مركزة على معالجة سوء معاملة الأسرة من دون إعطاء أي اهتمام لسوء معاملة الزملاء، على رغم من أن نتائجه وتأثيراته على الصحة العقلية قد تكون أخطر بكثير".