ماذا وراء إقالة بولتون؟

  • 9/17/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الرئيس الأمريكي ترامب أقال مستشار الأمن القومي جون بولتون. القرار بدا مفاجئا وغير متوقع وأثار الكثير جدا من الجدل في أوساط الساسة والمحللين في أمريكا وخارجها. هذا الجدل تفجر لأن القرار يتعلق بصلب استراتيجية أمريكا وسياساتها الخارجية. وبطبيعة الحال، هذا الجدل وما أثير فيه يهمنا نحن في الدول العربية أكثر من أي أحد في العالم. أسئلة كثيرة أثيرت هنا: لماذا اتخذ ترامب هذا القرار؟.. ماذا وراءه بالضبط؟.. ماذا يعني بالنسبة إلى سياسة إدارة ترامب الخارجية، وخصوصا فيما يتعلق بمنطقتنا العربية؟ ترامب شرح بنفسه أسباب الإقالة. قال إن بولتون: «ارتكب عدة أخطاء كبيرة، وفي الحقيقة كانت علاقاتي معه جيدة جدا، لكنه لم يستطع أن يجد لغة مشتركة مع مسؤولين في إدارتي أعتبرهم مهمين جدا». وأضاف ان مواقف بولتون حول كثير من القضايا لم تتطابق مع أهداف أجندة الولايات المتحدة الخارجية، موضحا أن من بين الأخطاء التي ارتكبها بولتون خلال عمله في إدارة الرئيس الأمريكي الحالي، مقترح تطبيق «السيناريو الليبي» مع كوريا الشمالية. وذكر ترامب: «كان تصريحه حول النموذج الليبي بالنسبة إلى الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، غير صائب. انظروا إلى ما حدث لـ(الزعيم الليبي الراحل) معمر القذافي. كان عليه ألا يدلي بمثل هذا التصريح، وهذا الأمر دفعنا إلى الخلف». كما أشار إلى أنه لم يتفق مع رأي مستشاره السابق بشأن الأزمة الفنزويلية. ولا شك أن ما ذكره ترامب على هذا النحو صحيح، وأن ما أشار إليه هي أسباب وجيهة تبرر الإقالة من وجهة نظره. لكن الأمر العجيب أن ترامب تعمد تجاهل اكبر أسباب الإقالة على الاطلاق ولم يشر إليه في تصريحاته، وهو المتعلق بالخلاف حول إيران والتعامل معها. هذا الجانب كشفت عنه المصادر الصحفية والسياسية الأمريكية، وخصوصا صحيفة «واشنطن بوست» وموقع «بلومبيرج». «واشنطن بوست» تحدثت عن الخلافات بين ترامب وبولتون، وهي التي أشار إليها الرئيس بالفعل، لكنها قالت نقلا عن المقربين من بولتون إن القشة التي قصمت ظهر البعير فيما يتعلق بعلاقة ترامب وبولتون كانت خلال مناقشة الملف الإيراني في اجتماع عُقد، الإثنين الماضي، بين قادة مجلس الأمن القومي وبولتون وترامب في البيت الأبيض؛ حيث أثار ترامب احتمال رفع بعض العقوبات عن إيران كوسيلة لتحفيزها على خوض محادثات مع الولايات المتحدة، وهو ما عارضه مستشار الأمن القومي. نفس المعلومة أكدها موقع بلومبيرج نقلا عن ثلاثة مصادر على معرفة بالأمر. وذكر أن ترامب أراد من اقتراح رفع العقوبات عن إيران أن يمهد الطريق للقاء مع الرئيس الإيراني روحاني وإطلاق مفاوضات مع إيران، وانه أقال بولتون في اليوم التالي مباشرة لاعتراضه على هذا الاقتراح، ولرفضه أصلا فكرة عقد لقاء بين ترامب وروحاني. إذن، وبحسب هذه المصادر الأمريكية، هذا هو السبب الأكبر والمباشر لإقالة بولتون.. انه رفض رغبة الرئيس ترامب بتخفيف العقوبات عن إيران تمهيدا لإجراء مفاوضات معها، ورفض فكرة أن يجتمع الرئيس مع روحاني قريبا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. هذا أمر له مغزى كبير بالنسبة إلينا في الدول العربية يجب أن نتأمله مليا. هذا يعني أننا لسنا إزاء مجرد إقالة لمسئول أمريكي كبير بسبب خلافات في المواقف، لكننا إزاء تحول جوهري في موقف وسياسات إدارة ترامب تجاه إيران وتجاه قضايا المنطقة. للقضية جوانب مهمة أخرى لا بد أن نناقشها في مقال آخر بإذن الله.

مشاركة :