حوار – عبدالله القطان اشتهرت بلوحتها “تحالف المجد”؛ كونها تجمع بين ثلاثة أجيال؛ وهي اللوحة التي نالت إعجاب خادم الحرمين الشريفين؛ الملك سلمان بن عبدالعزيز؛ ما اعتبرته تشريفًا لفنها.. إنها الفنانة التشكيلية نبيلة أبوالجدايل، التي تؤمن بأن الفن يساعد المرء على أن يعيش أكثر من حياة مختلفة، وأن الحياة من دون فن وجمال، تصبح جافة، وترى في حوارها مع ” رواد الأعمال”، أن الموهبة أهم مرحلة في حياة الفنان، مع صقلها بالدراسة والتعلّم المستمر..من هي نبيلة أبوالجدايل؟ فنانة سعودية تشكيلية، وسفيرة العمل الإنساني بمركز الملك سلمان للإغاثة. تلقيت تعليمي في مدارس التربية الإسلامية بالرياض، وحصلت في عام ٢٠١٦م على بكالوريوس التصوير والفن الرقمي، من جامعة نورث إستيرن بمدينة بوسطن الأمريكية، بالإضافة إلى دراستي فن السينما بجامعة هارفارد، والذي استمديت منه فكرة المزج بين عالمي الرسم والصورة، في تخيل مشاهد اللوحات، وإحياء القديم منها بألوان وأبعاد جديدة.متى اكتشفتِ شغفك بالفن، ومن الذي حببه إليكِ؟ منذ مرحلة الطفولة؛ حيث يرتكز الأمر على العين اللاقطة للموهبة، فيرجع الفضل في هذا- بعد الله سبحانه وتعالى- إلى أمي الكاتبة ثريا الشهري، فجودة الإنسان بحسب جودة من يحيط نفسه بهم، وهذا رزقي من الله بأن منّ عليّ بهذه الإحاطة بلا جهد مني. وأكثر ما أدين به لأمي، هو عدم استخفافها بأفكاري؛ بل وبحثها معي عن سبل تطويرها وتنفيذها؛ إذ أتذكر شرحها المتأني لي لمجموعة لوحات الأمير الفنان خالد الفيصل والبالغ عددها سبع عشرة لوحة (ليثوغراف) كانت قد اقتنتها من معرض سموه ذي الريع الخيري عام ١٩٩٥م والذي كان بعنوان “ألوان الحروف”. وحين أسترجع أسئلتي البدائية لها، وأجوبتها بلغة مفهومة لمن هم في مثل سني عن اختيار الأمير الفنان للألوان وزوايا الرسم وفكرة اللوحة، وكيف ترجم الأمير الصور الشعرية التراثية رسمًا تشكيليًا معبرًا، مضيفًا إليه من معاناته وشخصيته؛ ليتحول إلى إبداع آخر. حين أقارن إجابات والدتي آنذاك، بما اكتسبته وتعلمته لاحقًا من خلال دراستي الأكاديمية للفن، أستوعب اليوم أن والدتي فنانة بالفطرة، كما أكاد أجزم أن ريشة الأمير الفنان خالد الفيصل هي مدرستي الأولى في الفن، بالرغم من جميع المتاحف العالمية التي زرتها بلوحاتها التي تأملتها.ما التحديات التي واجهتك قبل اختيار الفنون كتخصص دراسي؟ إنها تحديات مخزونة في الوعي الثقافي لمجتمعاتنا؛ حيث لا يكون الفن هو احترافك، بل هواية، بدليل أن بداية دراستي الجامعية كانت في ريادة الأعمال تحديدًا، ولأنني لم أجد نفسي بين ثنايا أدبياتها وأرقامها، فقد اخترت أن أصقل موهبتي الأصيلة وتحويل تخصصي الجامعي إلى الفنون. ولا أنسى أن والدتي كانت أول من شجع خطوتي وقراري هذا. وهكذا- ولله الحمد- أكون قد جمعت بين الريادة والفن. الموهبة والدراسةبرأيك أيهما أهم.. الموهبة أم الدراسة والتعلّم؟ لابد أولًا من وجود الموهبة، ثم بلورتها بالدراسة والتعلّم المستمر؛ بالاطلاع الدائم على القديم والحديث في المجال الفني، مع مراعاة أن الانضباط في التعلّم والرقابة الذاتية في عدم التهاون هي مسؤولية الفنان وحده؛ ومن هنا يتمايز فنان عن آخر. رسم الشخصيات الوطنيةلماذا تخصصتِ في رسم الشخصيات الوطنية واللوحات التاريخية؟ اتجهت لرسم لوحاتي الجدارية على الحرير؛ لتجسيد الملوك وولاة الأمر، اقتناعًا بضرورة توثيق التاريخ السعودي بفن يليق به، وبأنامل وطنية. مهمة السينماماذا أضافت دراسة السينما لذوقك الفني؟ تعتمد أغلب لوحاتي على اختيار الفكرة، وإخراج المشاهد والزوايا، وتوثيقها على الحرير، فتبدو اللوحة وكأنها صورة فوتوغرافية اُلتقطت في المكان المرسومة فيه. ومن الأهمية بمكان، رسم هذه اللوحات خاصة في رسم القديم، الذي لم يحظ بفرصة رسم شخصياته، أو توثيق تصويره؛ لقلة الإمكانيات في ذلك الوقت.. أليست هذه هي مهمة السينما أيضًا؟! فتلك هي القيمة التي أُضيفت لذوقي الفني. لوحة “سلمان الإنسانية”ما الذي يجمع بين عملك في مجال الإغاثة، واحترافك للفنون؟ عملي الإغاثي في زيارة المخيمات، وإبراز الجانب الإنساني لمعاناة الإنسان، ومحاولة التخفيف من ألمه، ومساعدته على تخطي محنته؛ هو مجهود في صميمه إنساني بحت، زادته المشاعر والعاطفة. وهو ذات المنبع الذي ينهل منه الفنان الحقيقي؛ حيث تُستثار لديه الخفايا الوجدانية؛ لإخراج فنه بشكل إبداعي. وقد جرت العادة على استثمار وجود الفنانين في التعريف بالقضايا، باعتبارهم شخصيات عامة، فتصل الرسالة المعنية بشكل أوسع وأشمل. على سبيل المثال، لوحتي الحريرية المعنونة بـ “سلمان الإنسانية”- والتي قدمت لخادم الحرمين الشريفين؛ الملك سلمان بن عبدالعزيز في افتتاح منتدى الرياض الدولي الٌإنساني عام ٢٠١٨م- حاولت من خلالها إظهار اللمحة الأبوية لخادم الحرمين باحتضانه طفلًا، راعيت في اختيار ملامحه السمات العامة لأي طفل يمكن أن تراه، ولا تكون محدودة بمنطقتنا مع نظرات الملك الحانية عليه، فتختصر على الناظر حجم العطاء والرحمة المبذولين وتختزلها في لوحة، فالفن أداة تواصل إنسانية وعالمية في آن واحد.ما أكثر شيء اكتسبته من خلال دراستك للفنون بالخارج؟ الفن يساعد المرء على أن يعيش أكثر من حياة مختلفة وجديدة عليه، وحين يقتنع بأن الفن يولد معه، فلا يعاند فطرته، فالحياة قد تصعب من دون فكر، لكنها تستحيل من دون فن وجمال؛ إذ تتحول إلى تصحّر وجفاف لا يتماشى مع بشريتنا. حين يؤمن الإنسان بأهمية الفن والارتقاء به، فإنه يشعر حينها بتقدير المجتمع للفنون وأهلها؛ ما ينعكس بدوره على الأفراد؛ فيكون جزءًا من حياتهم. وأعني بكلامي وجود الفن في الخارج في كل مكان: في العمارة، والأزياء، والرسم، والأدب، وغيرها، إلى أن تحتل مطبوعات الفن وكتبه، صالات الانتظار والمقاهي والفنادق؛ فيحاصرك الفن ويدخل بلا وعي منك في تركيب شخصيتك واختياراتك، فالتنمية لا تكون اقتصادية أو اجتماعية فحسب، بل ثقافية وفنية أيضًا، فكيف يرتقي ذوق الأفراد والمجتمعات إلا برقي فنونها؟!حدثينا عن لوحتك الشهيرة التي جمعت الملك المؤسس، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان؟ وما الفكرة التي أردتِ توصيلها من خلال تلك اللوحة؟ رسمت لوحة “تحالف المجد” في مطلع عام ٢٠١٦م، وكان وقتها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد؛ حيث قدمت اللوحة للملك سلمان في قصره بالرياض؛ حيث علمت بعدها أنها نالت استحسانه؛ ما أعتبره تشريفًا لفني. أما سبب انتشار هذه اللوحة وشهرتها، وكذلك لوحتي “رؤية ٢٠٣٠م”؛ كوني – حسب ما أعتقد- أول من جمع الأجيال الثلاثة في لوحة تشكيلية، وخاصة حين تولى الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد؛ ما جعل اللوحة أكثر منطقية ومناسبة للوضع القائم؛ فذلك ما أردت توصيله على امتداد الأجيال.
مشاركة :