إذا وجهنا سؤالاً افتراضيًا لأي موظف داخل مؤسسة ما عن إبداعاته وابتكاراته في عمله، فربما يُجيب قائلاً «أنا لست مخترعًا أو عالمًا كي أُبدع وأبتكر، إن ما يحدث في عملي أشبه بالروتين القاتل، وكل ما أحرص عليه أن أُنهي ساعاته بسلام»، إن هذه العبارة كفيلة بأن تدفع أي مؤسسة أو شركة نحو الفشل في العمل، حين لا يستطيع موظف ما أن يُقدم عملًا إبداعيًا أو متميزًا في مجاله المهني، فهناك البعض من الموظفين يجدون أنفسهم في كثير من الأحيان عالقين في روتين عمل جاف يُعطل طاقاتهم بشكل يؤثر في مستوى أدائهم وإبداعهم. ولأن الإبداع هو الركيزة الأساسية لنجاح الشركات والمؤسسات؛ يمكن تنميته بجعله أحد أهداف المسؤولين عن تلك الشركات أو المؤسسات، ومن ثم الاستعانة بالخبراء والمتخصصين لعقد العديد من الدورات التدريبية للموظفين على: كيف يكون الإبداع والأساليب التي يُمكن استخدامها للوصول إليه؟ وتُعتبر الثقة من أهم الصفات التي يلزم وجودها بين الموظفين والإدارات العليا بالمؤسسات والشركات، فهي التي تُسهم في إظهار المهارات، ويُمكن القول إن الأهم من كل هذا وذاك، أن تمنح الإدارات العليا الفرصة الكاملة للموظفين التي تُمكنهم من إجراء التجارب لإبداعاتهم وتقييمها ومكافأتهم على ذلك والاستعداد لتحمل إخفاقاتهم. وبعد العبارة التي ذكرناها سلفًا نُفاجأ بالعبارة التالية التي ينتقل بها الموظفون والشركات انتقالة سريعة نحو التقدم وتحقيق الأهداف؛ حيث يقول ستيف جوبز: «لا يهمني أن أكون أغنى رجل.. قدر ما يهمني أن أعود للفراش في المساء وأنا أشعر بأنني قمت بشيء رائع»، في هذه العبارة يحث ستيف جوبز جموع الموظفين على الإبداع والابتكار في جميع المهام المُسندة لهم؛ حتى يتحقق الهدف. والحقيقة المُطلقة أن ما يُقدم من قبل الأشخاص ليس جديدًا وإنما له جذور متشعبة وقديمة يُستمد منها الأفكار والعمل على تطويرها، ومن هنا يأتي الإبداع الذي يُسهم في استمرار النجاح بل القدرة على التنافسية التي قد تضمن البقاء على المدى البعيد. لكل منا سماته الخاصة التي تُميزه عن غيره في عملية الإبداع والابتكار، ولكن هناك أسس ومتطلبات لا يُمكن التخلي عنها؛ لتكتمل العمليات الإبداعية وإضافة الأشياء الجديدة التي تُعزز من مكانة الأشخاص في العمل. أسس ومتطلبات العمليات الإبداعية – الذكاء: هو من أهم الصفات التي لابد أن يتحلى بها الفرد. – استنباط الأمور: فلا يكتفي بالظواهر فقط، بل يحللها ويثير التساؤلات والتشكيك بشكل مستمر في كل مجريات الأمور. – الثقة بالنفس: من العوامل التي تُساعد على الإبداع والابتكار؛ هي ثقة الموظف بالنفس وقدرته على تحقيق أهدافه. – التأهيل والثقافة: لابد أن يتحلى الفرد بقدر كبير وعال من الثقافة والتأهيل. – قدرة الموظف الفائقة على تنفيذ الأفكار الإبداعية والابتكارية التي يحملهابين طياته. – لديه علاقات اجتماعية واسعة ويتعامل مع الآخرين فيستفيد من آرائهم. – أن يركز على العمل الفردي؛ لإظهار قدراته وقابلياته في موقع عمله. – يفضل أن يعمل الموظف في بيئة لا وجود فيها لقوانين وأنظمة، وغير مُقيد بلوائح وقوانين قد تُعيق عملية الابتكار والإبداع بداخله. – غالبًا يميل المبدعون والمبتكرون إلى الفضول والبحث وعدم الرضا عن الوضع الراهن. الإبداع الطريق الأمثل للنجاح لابد أن تتوفر دراسة حقيقية داخل بيئة العمل لإتاحة الظروف الميسرة لممارسة العمل الإبداعي، ورفع كفاءة الموظفين المبدعين، وتحديد خصائص المناخ المشجع على التفكير المحفز الذي يزيد من دافعية الموظفين المبدعين، فهذا وذاك يُسهم في تحقيق أهداف الشركات والمؤسسات. إذن، هناك العديد من الجوانب الأساسية التي يجب أن تقوم عليها الدراسات التي تعزز من ثقافة توليد الإبداع والابتكار داخل الشركات والمؤسسات. الجانب المعرفي يُعتبر الجانب المعرفي من أبرز الجوانب التي توضح المفاهيم المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالعملية الإبداعية؛ كالقدرات العقلية ومعرفة المعوقات التي قد تقف حائلة ضد التطوير. لذا، يتوجب على الشركات والمؤسسات التي تحرص على تعزيز ثقافة الإبداع، توفير الجوانب المعرفية لموظفيها والاستعانة الخبراء والمتخصصين؛ لمدهم بمزيد من المعلومات والتجارب الواقعية الناجحة. البُعد التدريبي يمكن في هذا الجانب معرفة الأساليب التي تهدف إلى التدريب على مهارات الأداء الإبداعي،؛ حيث إن هناك الكثير من العوامل التي تسهم في النشاط الإبداعي. إذن، فالإبداع صفحة أحادية، وليس هناك عامل واحد يقوم عليه الابتكار والإبداع؛ بل هناك مجموعة من العوامل التي تُسهم في النشاط الإبداعي؛ ومن بين تلك العوامل: العامل العقلي والعامل المزاجي والوجداني والعامل التشجيعي، فجميعها تُصاحب الأداء الإبداعي. المناخ الإبداعي دعونا نتفق في بداية هذه النقطة، على أنه لا يُمكن تحقيق البُعدين السابقين إلا في ظل مناخ إبداعي وابتكاري يتسم بالحرية، وخالٍ من أي قيود لجميع الموظفين في بيئة العمل. وعلى رواد الأعمال وأصحاب الشركات أن يحرصوا على توفير المناخ الملائم لجميع أفراد العمل المُبدعين والمبتكرين وتشجيعهم على تنفيذ الأفكار وتوفير كل الإمكانيات التي تُمكنهم من تنفيذ ذلك، والثناء على الأفكار المُبتكرة. حب ما تعمل حتى تُبدع تُعد صفة الحب من أهم الدوافع التي تقود أي فرد إلى النجاح والتميز في جميع المجالات، وإن كان بوسعك أن تُحب عملك؛ فبوسعك الإبداع والابتكار في موقع عملك، فما أجمل أن نُحب ما نقوم به لأننا بالتأكيد سنُبدع ونبتكر ونتفوق في عملنا. إن الكثير من الأشخاص يقضون الجزء الأكبر من حياتهم في مجالات العمل، فإذا لم نكن نحب ما نعمل فإن الجزء الأكبر من حياتنا سيكون مملاً وغير مُفيد؛ لذا يتوجب علينا أن نحب ما نعمل؛ لأن العمل يعطي للمرء قيمة في المجتمع ويكسبه ظاهرة الإبداع والابتكار. اقرأ أيضًا: الابتكار أهم خطوات النجاح.. كيف يتحقق ذلك؟
مشاركة :