مقارنة مثيرة ـ أوجه التشابه والاختلاف بين ألمانيا والصين

  • 9/21/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

من الصعب المقارنة بين بلدين مختلفين من حيث الانتماء الجغرافي والتاريخي والثقافي، غير أن هناك اختلافات جوهرية مثيرة بين ألمانيا والصين كما تستعرض ذلك ميغان شوا من خلال تجربة شخصية تسردها في المقال التالي. فوارق عظيمة! لا يمكن للأمر أن يكون أكثر اختلافا، هذا ما أشعر به حين المقارنة بين ألمانيا والصين. فعلى سبيل المثال هناك فرق من حيث حماية خصوصية حياة الأفراد ومراقبة الأماكن العامة. أعيش في مدينة شنغهاي منذ عام كعضوة في فرع جامعة نيويورك. ولدت ونشأت كما والداي في سنغافورة وهي بلد استوائي يبلغ عدد سكانه خمسة ملايين نسمة. عندما وصلت إلى شنغهاي، المدينة التي يزيد عدد سكانها عن 24 مليون، استغرق الأمر مني بعض الوقت للتعود على نمط الحياة في الصين. وقبلها عشت كطالبة ومتدربة لبعض الوقت في دويتشه فيله (DW) بألمانيا حيث كانت تجربتي هناك مختلفة تماما. الحفاظ على المسافة الخاصة بالأفراد! تحتضن شنغهاي نحو سبعة أمثال عدد سكان برلين. يتم استخدام كل زاوية صغيرة. حركة المرور مخيفة، خصوصا وأن الصين تقوم بمزامنة العطلات الرسمية والأعياد في كل أنحاء البلاد بحيث يتحرك الجميع وفقًا لنفس التقويم الزمني سواء في العطل أو في العمل. في محطات المترو، تساعد الحواجز في توجيه الحركة الجماعية، فهي تشبه تلك الموجودة في مزارع الماشية. لأن الكثير من الناس يسافرون ويتحركون في الوقت نفسه، فمن المستحيل الحفاظ على مسافة معقولة بين بعضهم البعض. الأمر كان مختلفًا تمامًا في مدينة فرايبورغ بألمانيا، حيث شاركت في تظاهرة توجيهية لطلاب يسعون للدراسة في بلدان أخرى. الموضوع كان حول "آداب التعامل في الفضاء العام بألمانيا". ومن القواعد المهمة، ضرورة الحفاظ في الأماكن العامة على مسافة قدرها طول الذراع مع لأشخاص آخرين.  أما في الصين، فيمكن أن يفهم شخص ما ثالث الفجوة التي تظهر بين شخصين كدعوة لملئها، خاصة في ساعات الذروة. فملامسة الأجساد لبعضها البعض في المترو أمر ضروري أحيانا. فيما يجب الاعتذار على ذلك وعلى الفور في ألمانيا لكل شخص لمسته عن طريق الخطأ، أما في الصين فلا يوجد رد فعل في مثل هذا الموقف. في شنغهاي، يتعين على المشاة في الشارع العام تقاسم الطرق مع سائقي الدراجات الكهربائية الذين يسارعون إلى توصيل طلبات الطعام للزبائن في ازدحام بلا رحمة مع المارة. الألمان المحبون للنظام والانضباط يهزون رؤوسهم في مثل هذا الموقف، وربما يرفضونه. الألمان حريصون على حماية الخصوصية الاختلاف الجوهري الآخر بين ألمانيا والصين هو الموقف من كاميرات المراقبة. عندما سمع أصدقائي الألمان أن حتى حدائق شنغهاي، وهي أماكن للتجول والاسترخاء، تخضع لكاميرات المراقبة، وجدوا ذلك "مفاجئا" و "غير معقول". فنظام المراقبة في الصين سيتسع ليشمل 570 مليون كاميرا بحلول عام 2020. أما عدد كاميرات المراقبة بألمانيا فغير معروف، وعادة ما يتم تثبيتها في المواقع التي تشهد إقبالا كبيرا. وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "دي فيلت" الألمانية، كان لدى برلين عام 2017 حوالي 14.700 كاميرا، في حين كانت بريمن المدينة الأقل استعمالا لكاميرات المراقبة بحوالي 109 جهاز. أما مجموع الكاميرات في محطات القطار فيقارب 64.000 كاميرا. تقييم سلوك المواطنين من أجل تبسيط شبكة المراقبة، تقوم الحكومة الصينية حالياً بتوسيع نظام الائتمان الاجتماعي من خلال مراقبة سلوك المواطنين في الأماكن العامة، وذلك بتوزيع نقاط الائتمان. ويتم تقييم سلوك المواطنين من حيث الانضباط في الدفع وعادات التسوق، والخطأ في ركن السيارة أو خرق إشارات المرور وبالطبع الالتزام بالولاء للحزب الشيوعي الحاكم. وهكذا تُوزع علامات من فئة "أعلى الدرجات" و "درجات منخفضة". وتتم معاقبة أولئك الذين لا يتصرفون بطاعة وتشجيع للآخرين الذين يملكون عددا أكبر من نقاط الائتمان. تستخدم الحكومة الصينية مجموعات البيانات الضخمة التي تجمعها شركات مثل  Alibaba و Ctrip و  Huawei و Tencent من عملائها، المجمعة عبر وسائط مختلفة مثل الهواتف الذكية. سواء كانت اختيارات الطعام أو الأنشطة الترفيهية أو العطل، فإن مجموعات البيانات هي منجم ذهب لإنشاء أنماط من السلوك. وبالتالي فإن الصينيين لديهم ما يكفي من الضغط لدفع فواتيرهم في الوقت المحدد والالتزام بالقانون. ميغان شوا / ح.ز

مشاركة :