في ألمانيا توجد فرص عمل متنوعة في تكنولوجيا المعلومات، غير أن التحدي في كيفية اقتناصها. مشروع مدرسة ري دي/ ReDi للاندماج التكنولوجي يعرّفنا على نموذج نجح في تحقيق طموحات لاجئين بمجالات لا تقتصر على التدريب والوظيفة. عالم جديد ومثير، يتسارع كل ثانية، إمكانيات عظيمة، وفضاءات واسعة، يمكّنك من الطيران، أو الغوص في المحيط، وربما زيارة مكانك المفضل من غرفة جلوسك، أو القفز من لغة برمجة لأخرى، لتخلق عالمك الخاص بنفسك. عالم التكنولوجيا، عالم متجدد ومتسارع، وفي ظل الصعوبات التي يواجهها الشباب حالياً، وانعدام الفرص أمام بعض اللاجئين منهم، فإن مشاريع عدة حول العالم تحاول ربطهم بالتكنولوجيا وخلق فرص ملائمة لهم. وباعتبار ألمانيا كأكبر سوق للبرمجيات في أوروبا، فإن عدداً من اللاجئين استطاعوا اغتنام فرص الاندماج التكنولوجي من أجل اختراق سوق العمل، والذي يفتح المجال لفهم مدى أهمية المجال التكنولوجي في ألمانيا، وإن كان بالإمكان خلق فرص حقيقية للاجئين. "الاندماج يبدأ بكلمة مرحبا" في يوم دافئ من عام 2015 بأحد مخيمات اللاجئين في برلين، قام عدد من الشباب المتحمسين بإنشاء مدرسة ري دي/ ReDi للاندماج التكنولوجي بعدما لاحظوا أن هناك الكثير من طلاب المعلوماتية بين اللاجئين ممن لديهم الرغبة بمواصلة دراستهم، والمساهمة في سوق العمل الألماني. مشروع الأطفال في مدرسة ري دي/ ReDi للتعريف بتكنولوجيا الروبوتات. "انطلاقاً من الحاجة إلى كسر قواعد الاندماج، وفتح المزيد من الفرص للاجئين خرجنا بفكرة الاندماج التكنولوجي"، تشير مديرة فرع ميونخ للمدرسة صوفي جونكي لـ DW عربية، وتضيف أن المشروع اهتم بتقديم دورات بالبرمجة وعلم الحاسوب، وتطوير القدرات التقنية والتكنولوجية للطلاب مجاناً، وإدماج اللاجئين بسوق العمل التكنولوجي. ويذكر لنا الخبير في مجال الأتمتة وسلامة المعلومات وليد الباجي أن الاندماج التكنولوجي أحد أهم فروع إدماج اللاجئين، إذ أكد أن هناك حاجة إلى مبرمجين، وعمال ومهندسين في ميدان التكنولوجيا في ألمانيا. "واجهت صعوبات في دورات الحاسوب بمدرسة الاندماج الخاصة بي"، هكذا يستهل زيد زعيم حديثه لـDW، إذ إلى جانب تعلمه اللغة الألمانية، فإن مدرسته تقدم دروساً في الحاسوب، وأمام العراقيل التي واجهها، قرر الانضمام إلى مدرسة ReDi لتطوير معلوماته الحاسوبية. قام زيد بتعلم لغات البرمجة وتصميم المواقع، وهناك تعرف على أحد المتطوعين، ممن نصحه بالمشاركة في أحد المخيمات التكنولوجية، وقدم له الإرشاد للبدء بمشروعه الأول، لإعادة بناء مدينة تدمر الأثرية افتراضياً من خلال تقنية مكسد رياليتي/ Mixed Reality، مما يسمح للمستخدم بالتجول في مدينة تدمر من خلال نظارة ثلاثية الأبعاد. زيد لم يكن الوحيد ممن أسس لنفسه قاعدة انطلاقاً من الاندماج التكنولوجي، رامي الريحاوي وهو أحد الطلاب انضم إلى المدرسة منذ البداية: "كنت أعيش في ملعب كرة سلة، محاطاً بـ 200 سرير، ولكن لم أستطع أن أبقى في مكاني، لهذا انضممت للمدرسة". درس رامي علم الحاسوب في سوريا لمدة عامين، ولجأ إلى ألمانيا متخلياً عن حلمه بدراسة البرمجة، ولهذا قرر أن يستغل فرصة الاندماج التكنولوجي في برلين، "بدأت بتعلم تصميم المواقع، ووفرت لنا المدرسة خبراء من شركات تكنولوجية عملاقة". الأمسيات التكنولوجية التي قدمتها ري دي/ ReDi كانت باباً من أجل الحديث عن الشركات الناشئة، وتؤكد جونكي أن التعليم التكنولوجي يقدم دروس برمجة ومعلوماتية، وورش عمل، ولقاءات وزيارات لشركات تكنولوجية، ومؤتمرات واستشارات مهنية. استطاع رامي من خلال التدريبات التي حصل عليها أن يدخل إلى عالم البرمجة، "قبل بداية كل درس كنا نلتقي شركات تبحث عن متدربين، وهنا حصلت على فرصتي الأولى"، عمل رامي بعدها كمتدرب بشركة كبرى لثلاثة أشهر، وبعد أن أنهى فترة تدريبه حصل على عقد دائم، "خلال فترة التدريب انهار موقع الشركة، وقمت بعدها بإنشاء اختبارات من أجل فحص سلامة الموقع، وبهذا أسست قسم إدارة الجودة للشركة". الاندماج التكنولوجي يعتبر المدخل الأول للكثير من الطلبة في عالم التكنولوجيا، وكذلك مدخلهم إلى متطلبات سوق العمل والحياة الاجتماعية والعملية في ألمانيا، "تمكنت من إلقاء النظرة الأولى على عالم التكنولوجيا"، تقول لنا لونا بندكجي وهي إحدى طالبات ري دي/ ReDi السابقات، لجأت إلى ألمانيا عام 2014، وتتابع دراستها كطالبة ماجستير هندسة في برلين، "تطوعت في مشروع الأطفال في ري دي/ ReDi، وقمنا من خلاله بتعريفهم على عالم الروبوت". صناعة التكنولوجيا في ألمانيا.. سوق بالمليارات يذكر الباجي أن المجال التكنولوجي هو من أكثر الميادين الطموحة في المستقبل، ويضيف بالقول: "يلقى المجال التكنولوجي حضوراً عالياً ويقدم أجوراً عالمية"، وبناء على المعطيات الاقتصادية فإن صناعة التكنولوجيا في ألمانيا تمثل ربع سوق البرمجيات الأوروبية، مع معدل نموٍ سنوي مستمر. وعلى الرغم من المنافسة العالمية فإن الشركات التكنولوجية الصغيرة والناشئة في ألمانيا تتمتع بحضور واضح. وعليه فإن الاندماج التكنولوجي فيها يفتح المجال أمام الراغبين من اللاجئين إلى خوض غمار هذا السوق، واستغلاله، "في هذا المجال يجث إثبات الذات، والعمل بجد" كما تقول لونا. مرام سالم
مشاركة :