ذكرت مصادر صحفية صومالية مطلعة أن رئيس جهاز المخابرات الصومالي فهد ياسين سافر إلى العاصمة الفرنسية باريس لشراء أجهزة تجسس وتنصت على المكالمات الهاتفية لجميع المعارضين السياسيين والإعلاميين. وأضافت المصادر لـ«الاتحاد» أن أجهزة التجسس تستهدف أيضاً مراقبة هواتف مسؤولي الدولة الصومالية، وكبار قادة الجيش والشرطة والقضاة، فضلاً عن متابعة ورصد جميع تحركاتهم اليومية لصالح حركة «الشباب» الإرهابية، وذلك بمبلغ قدره 3.5 مليون دولار. وقال الجنرال عبدالله عبدالله، نائب رئيس جهاز المخابرات الصومالي السابق، إن فهد ياسين يسعى جاهداً للحصول على أجهزة متطورة للتجسس على السياسيين والتجار الصوماليين، للحصول على معلومات بشأنهم بهدف ابتزازهم لأغراض سياسية للتأثير على الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة. وأضاف الجنرال عبدالله لـ«الاتحاد» أن مساعد ياسين ويُدعى مختار حسين قام بزيارة فرنسا عدة مرات والتقى بعدة شركات أمنية متخصصة في صناعة تلك الأجهزة، وتفاوض معهم لعقد صفقة لشراء أجهزة تنصت، ولكن قوبل بالرفض، لاسيما أن هناك قراراً صادراً من الأمم المتحدة بمنع بيع أي معدات أمنية للصومال فضلاً عن عقوبات دولية مفروضة عليها بمنع شراء معدات عسكرية خوفاً من تسربها إلى الحركات الإرهابية في الصومال، مشيراً إلى أنه إذا أرادت الحكومة عقد صفقة أمنية أو عسكرية عليها إخطار مجلس الأمن الدولي للحصول على موافقته أولاً. وأوضح أنه للخروج من هذا المأزق القانوني قام رئيس الجهاز الحالي بزيارة لإحدى الدول الأفريقية مؤخراً وربما سيتم استخدام اسمها في إصدار شهادة مستخدم لشراء تلك الأجهزة ومن ثم سيتم تمريرها إلى مقديشو، قائلاً: «هذا تحايل على القانون الدولي». وأشار عبدالله عبدالله إلى أنه إذا نجح ياسين في إتمام الصفقة وحصل على هذه المعدات المتطورة، بالطبع سيكون المستفيد الأول منها هي حركة «الشباب» الإرهابية التي يُعد رئيس جهاز المخابرات الحالي عضواً فيها، فتلك التقنيات الحديثة سوف تعزز من قدرات الجهاز الاستخباراتية وتنفيذ عمليات إرهابية نوعية ضد خصومهم من السياسيين والتجار والمجتمع الدولي أيضاً في الصومال. ووصف نائب رئيس المخابرات الصومالي السابق الوضع الأمني في بلاده بـ«المتدهور» لاسيما عقب التغييرات الأمنية والعسكرية التي أقرها الرئيس محمد عبدالله فرماجو، نهاية شهر أغسطس الماضي. وأضاف عبدالله لـ«الاتحاد» أن جميع الأجهزة الأمنية بما فيها «جهاز المخابرات، والشرطة» تم اختراقها بالكامل من عناصر حركة «الشباب» الإرهابية، وتم تعيينهم في مناصب قيادية بتلك الأجهزة، مما أدى إلى تدهور أمني في العاصمة مقديشو والصومال بشكل عام، أسفر عن اغتيال عمدة مقديشو في مكتبه العميد عبدالرحمن عمر عثمان، شهر يوليو الماضي، وحتى الآن لم تجر الحكومة تحقيقاً موسعاً يليق بهذا الحدث الضخم، بل تم التغطية على القضية وإغلاقها نهائياً من دون التوصل لمعلومات عن مخطط أو منفذ حادث الاغتيال. وأوضح أن جهاز المخابرات الصومالي أصبح تحت سيطرة حركة «الشباب» بنسبة مئة في المئة، مشيراً إلى أن «الشباب» توغل دورها في البلاد حتى أصبحت تجمع الضرائب بالقوة من التجار في الأسواق ومن الموانئ. وحذر نائب رئيس المخابرات الصومالي السابق، من تأثير تدهور الوضع الأمني في مقديشو على دول الجوار (إثيوبيا، كينيا، وجيبوتي)، لاسيما أن العناصر الإرهابية أصبحت تعمل تحت غطاء حكومي. وأوضح عبدالله أن الحكومة الحالية ورطت نفسها في صراع مع أقاليم الدولة (جوبا لاند، بونتلاند، وجلمدغ) أدى لتدهور الأوضاع السياسية في البلاد، مؤكداً أن الحكومة قدمت الدعم المادي والعسكري لما يسمى «الجيش الحر الصومالي» الذي يقوده العقيد المنشق (عاري) لمحاربة حكومة أرض الصومال في إقليم «سناغ شرق»، كما قامت حكومة فرماجو بحصار أرض الصومال سياسياً، واقتصادياً، وأمرت المنظمات الإغاثية والتنموية بعدم التعامل معها، والتي كانت تخضع لاتفاقية الوضع الخاص منذ 2012، وتسمح للمنظمات الدولية بالتعاون المباشر مع أرض الصومال. وأكد أنه لا توجد أي مساع سياسية حقيقية من جانب الحكومة بشأن عقد الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها العام المقبل، وأشار إلى أن التغييرات الأمنية والعسكرية الأخيرة أقرها الرئيس من أجل استخدامها في أغراض سياسية لقمع المعارضين من جانب، ولخدمة مصالحه إذا عقدت الانتخابات في موعدها من جانب آخر. وعن دور البرلمان الرقابي تجاه النظام والحكومة، أكد أن الحكومة استطاعت تهميش وإقصاء البرلمان من الحياة السياسية، وتم تعيين معظم النواب في مناصب وزارية أو حكومية بالدولة لضمان ولائهم، ومن ثم أصبح البرلمان لا يمارس دوره الخدمي أو الرقابي على الحكومة.
مشاركة :