أبوظبي - صدر عن أكاديمية الشعر في لجنة إدارة البرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي كتاب “شاعر وقصيدة” من جزأين للأديب خليل عيلبوني في حجم من القطع المتوسط، يقع الجزء الأول في 355 صفحة والثاني في 336 صفحة، ويتناول الإصدار بجزئيه نماذج مميزة من شعراء أربع مراحل مفصلية مرّ بها الشعر العربي في تاريخه، مقسّمة إلى أربعة أبواب هي: باب الشعر الجاهلي وباب الشعر الإسلامي الأموي وباب الشعر العباسي وباب الشعر الأندلسي. وما يميّز الكتاب هو انتقاؤه أبرز شعراء العربية في كل عصر فيقوم بالتعريف بالشاعر تعريفا وافيا، ثم يورد له قصيدة من أشهر قصائده، وترتبط بحادثة شهيرة وقعت له أو نظم بسببها القصيدة. ومن الشعراء الذين اختارهم الكاتب في “باب الشعر الجاهلي” بالجزء الأول من الكتاب: امرؤ القيس وطرفة بن العبد والنابغة الذبياني وزهير بن أبي سلمى وعنترة العبسي. بينما اختار من الشعر الإسلامي الأموي الشعراء حسّان بن ثابت وكعب بن زهير ومالك بن الريب وقيس بن الملوّح وكُثيْر عزة وليلى الأخيلية وجميل بثينة وعمر بن أبي ربيعة. أما الشعرء العباسيين فاختار منهم المتنبي والإمام الشافعي وديك الجن الحمصي وأبوفراس الحمداني وأبوالعلاء المعري. وضم الجزء الثاني من الكتاب أمراء الشعر الأندلسي، ومنهم المعتمد بن عبّاد وابن زيدون وابن حزم الأنداسي وابن شهيد وابن هانئ وابن عبدربه وابن عمّار وابن حمديس وابن خفّاجة ولسان الدين بن الخطيب. الكتاب يختار شعراء من كل حقبة ليروي سيرهم ويقدم قصيدة لكل واحد منهم، مقدما رحلة شعرية شيقة وقد حرص الكاتب على بناء شخصية كل شاعر راصدا مساره الحياتي، اعتمادا على أشهر مصادر الأدب العربي القديمة، ومن أمثلة ذلك ما كتبه عن أبي العلاء المعري “الجزء الأول” بدءًا من طفولة الشاعر وفقدانه للبصر إلى المكانة العلمية لأسرته واعتكافه على نيل معارف عصره، ثم تطرّق الكاتب إلى دخول أبي العلاء مرحلة الفلسفة في حياته بتحريمه على نفسه أكل اللحم، وفي شعره بكتابته “اللزوميات” التي دلّت على وجود خلافات كبيرة بين هذا الشاعر وبين أهل عصره. وعلى هذا الديدن سار الكاتب في تقديم شاعر آخر من “الجزء الثاني” هو شاعر الأندلس ابن زيدون، ابن مدينة قرطبة الذي أغرم ببنت الخليفة المستكفي المعروفة باسم ولّادة، واصطفاه الحاكم ابن جوهر سفيرا له، وحيكت حوله المؤامرات والدسائس فذاق طعم فراق أحبته، ومن السجن أنشد أعذب القصائد التي شاع صيتها عبر العصور ومنها قصيدته الأشهر (أضحى التنائي بديلا عن تدانينا، وناب عن طيب لقيانا تجافينا)، ويورد الكاتب تفاصيل مهمة عن الخلاف الذي حدث بين الشاعر ومحبوبته ولّادة، وهو الخلاف الذي أنتج أعذب إبداعات ابن زيدون. ولعل اللغة الوسطية التي اختارها الكاتب هي ما جعل هذا الكتاب محط اهتمام عامة القرّاء وليس فقط المتخصصين منهم، وذكر الدكتور إبراهيم أحمد ملحم الذي كتب مقدمة للكتاب “إن اللغة التي يُخاطب بها المؤلف القارئ هي لغة غير متعالية، بمعنى أن القارئ الجماهيري يستطيع أن يفهمها دون عناء”. وتأتي الأهمية الجوهرية لهذا التأليف في كونه كتابا تثقيفيّا يعرّف الأجيال الجديدة بعمالقة الشعر العربي بأسلوب مبسّط فيه من التشويق ما فيه، وفيه من الأحداث التاريخية والاجتماعية التي عاشها الشعراء ما يثير الخيال والعجب، وبعد كل ذلك يضع الكاتب أجمل القصائد الخالدة بين أيدي القرّاء. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :