شيرا أوفايد * عندما أعلن ستيف جوبز حربه على «أندرويد» كانت هواتف آيفون تمثل 15% من الأجهزة الذكية المباعة، ب 175 مليون جهاز، والآن فإن «أبل» تستحوذ تقريباً على نفس الحصة ب 1.4 مليار هاتف خلال 2018، ويعمل «أندرويد» في 80% من الأجهزة التي تُنتَج حالياً.على الرغم من النجاح منقطع النظير الذي حققته «أبل» وبلوغها مستويات قياسية جعلت منها الشركة الأعلى قيمة على مستوى العالم، تحت إدارة مؤسسها ستيف جوبز، فإن التهديد الذي كانت تمثله الشركة لنظام تشغيل أندرويد كان كبيراً، لدرجة أن جوبز كان يستعد لمقاضاة مايكروسوفت بخصوص هذا البرنامج، بحجة أنه منسوخ عن برامج هواتف آيفون الخاصة ب«أبل»، وكان جوبز واضحاً جداً في هدفه المتمثل في تدمير نظام أندرويد، ولكنه غادر الحياة قبل أن يتمكن من تحقيق هدفه.وبالنظر إلى النفوذ والقوة الكبيرة التي كان يمتلكها جوبز، إضافة إلى عبقريته وذكائه الحاد، فإن كثيرين ممتنون جداً لأن الوقت لم يُسعفه لتدمير نظام أندرويد الذي لولاه لربما كانت الهواتف الذكية في نفس المستوى الذي شهده جوبز آخر مرة، ولم تكن لتشهد هذا التطور الكبير الذي أدى إلى جمع معظم الأجهزة الإلكترونية التي كانت موجودة قبل نحو عقدين من الزمن في جهاز واحد بحجم الكف. انقضى الآن نحو عقد من الزمن منذ ظهور أول أجهزة رئيسية تعمل بنظام الأندرويد، وهي «سامسونج جالاكسي» التي أصبحت اليوم لاعباً رئيسياً في سوق الهواتف الذكية منذ ذلك الحين، وتستأثر بحصة سوقية استهلاكية هي الأكبر مقارنة بالمنافسين، وهو ما يؤكد الطفرة الكبيرة التي حققها البرنامج كواحد من أكثر الأنظمة الرقمية التي سجلت نمواً مطرداً خلال العقد الماضي. وعلى الرغم من أن «أبل» كانت السبب الرئيسي وراء قيام ثورة الهواتف الذكية في العالم، فإن «أندرويد» كانت العنصر الأساسي في انتشار الهواتف الذكية بصورة عامة. يشير البعض إلى أن التطور الكبير الذي شهدته الهواتف الذكية خلال العقد المنصرم كان سيحدث حتى بدون نظام الأندرويد، ولكن الحقيقة هي أنه بدون هذا النظام، فإن الهواتف الذكية وخدمات الإنترنت المرتبطة بها حالياً، كانت ستأخذ وقتاً أطول بكثير للوصول إلى ما هي عليه اليوم، ولكانت الأنشطة الرقمية والإلكترونية الموجودة حالياً متأخرة لسنوات طويلة. عندما أعلن ستيف جوبز حربه على نظام أندرويد، كانت هواتف آيفون تمثل 15% من إجمالي أعداد الأجهزة الذكية التي تم بيعها قبل ذلك الوقت بعام واحد، والتي كانت تبلغ 175 مليون جهاز، والآن، فإن «أبل» تستحوذ تقريباً على نفس حصتها المذكورة سابقاً من السوق العالمية للهواتف، بيد أن مبيعات الهواتف الذكية قفزت إلى نحو 1.4 مليار هاتف خلال عام 2018، ويعمل نظام أندرويد في نحو 80% من الأجهزة الجديدة التي تُنتَج حالياً.وعند الحديث عن الطفرة الكبيرة التي شهدها قطاع الهواتف الذكية والخدمات الرقمية، لا بد من الإشارة إلى العديد من العوامل التي عززت من وتيرته، مثل شركة «جوجل» التي انتشرت برامجها وتطبيقاتها مثل النار في الهشيم، وشركة سامسونج الكورية التي استطاعت مواكبة التطور السريع بطريقة متميزة بعد أن استفاقت من سباتها، إضافة إلى الصين التي كان لها دور بارز في تغيير التوجهات الاستهلاكية للناس من خلال الكثير والكثير من المنتجات، وهو التحالف غير المقصود الذي أدى إلى تحولات جذرية غير مسبوقة.جاءت بعد ذلك الصين التي أسهم نموها الاقتصادي القوي في تطور سريع ومفاجئ لشبكات الإنترنت المتنقلة السريعة في كل ركن من أركان البلاد. وكان لدى «سامسونج» في البداية مركزاً قوياً في الصين، قبل أن تنجذب الطبقة الحضرية المزدهرة إلى شركة «أبل»، ولكن كان أكبر الفائزين من «أندرويد» هي شركات الهواتف الذكية المحلية مثل «هواوي» و«شاومي» التي أنشأت إصدارات مخصصة من أندرويد من دون تطبيقات جوجل. وبالطبع جاء نظام «أندرويد» مع سلبيات، حيث إن نفس الصفات التي جعلت الأجهزة المتصلة بالإنترنت مميزة للغاية لأكثر من عقد من الزمن، مثل إلغاء «البروكسي» وسهولة الوصول إلى المعلومات، وربط الناس أصحاب وجهات النظر المختلفة، باتت تهدد الديمقراطية والسلامة العامة والصحة النفسية. وبالنسبة لشركة «جوجل»، فإن إرث «أندرويد» أصبح فوضوياً تعتريه التساؤلات. ففي العام الماضي أعلن المنظمون في الاتحاد الأوروبي أن «جوجل» تقدم نظام «أندرويد» مجاناً، ولكنها تنتهك قوانين الاتحاد الأوروبي المتعلقة بمكافحة الاحتكار، وفرضت عليها غرامات مالية بمليارات الدولارات بسبب تفضيلها لخدماتها الخاصة بالتسوق على حساب منافسيها، إضافة إلى إضرارها بقواعد المنافسة في إعلانات البحث على الإنترنت. دخل الهاتف الذكي منتصف عمره، وفقاً للمعايير السريعة لعالم التكنولوجيا. وتقدر شركة «آي دي سي» تراجع مبيعات الهواتف في عام 2019، للعام الثالث على التوالي. وبينما يراهن الفنيون على ما يكمن وراء الهاتف الذكي، فإن احتمال أن يكون لنظام أندرويد دور رئيسي في المستقبل ضعيف جداً. والمستقبل الذي تكون فيه الاتصالات اللاسلكية سريعة ورخيصة للغاية، بحيث يمكن دمج الإنترنت في كل سيارة، وكرسي مكتب، وجهاز واقع افتراضي، ونظارة وغير ذلك، فإن أي جهاز تقريباً يمكن أن يصبح وسيلة اتصال مذهلة جداً. *كاتبة مقالات متخصصة في التكنولوجيا
مشاركة :