أعلن المتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية، يحيى العريضي، أن "النظام السوري يتهرّب، ليس فقط من اللجنة الدستورية، بل من كل القرارات الدولية وقرارات الأمم المتحدة وتدخل المبعوث الأممي". وقال العريضي لـ"العربية.نت" إن "انتظار أي تقدم مع النظام في عمل هذه اللجنة هو ضرب من الخيال، لأن النظام لا يرسو على برّ ونسي أنه غير مؤهل لقيادة البلد". كما رجح أن "حصول أي تغييرات إيجابية من جانب النظام مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا لن يتم إلا بضغوط من الروس"، لافتاً إلى أن "الروس هم المسؤولون عن بقاء بشار الأسد، وهم بحاجة لجنى ثمار سياسية لن تأتي إليهم إلا من بوابة اللجنة الدستورية". وأضاف: "يبدو أن اللجنة الدستورية، التي من المقرر أن تضم 150 ممثلاً عن النظام السوري والمعارضة وشخصيات أخرى تحددها الأمم المتحدة من خبراء المجتمع المدني، لن تبدأ مهامها في وقت قريب رغم أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، قد أعلنا قبل أيام عن بدء عملها قريباً". وتتهم المعارضة النظام باستمرار بعرقلة تشكيل هذه "اللجنة" التي تُعد، بحسب الأمم المتحدة، مدخلاً أساسياً للعملية السياسية الرامية إلى حل النزاع المستمر منذ أكثر من 8 أعوام، بينما يرفض النظام وضع دستور جديد للبلاد ويدعو إلى "مناقشة تعديلات على الدستور الحالي" رغم أن القرار الأممي 2254 الخاص بسوريا يتحدث عن "وضع مسودة دستور جديد". "تعطيل لقرارات الأمم المتحدة" من جانبه، قال المحامي السوري وعضو "هيئة الدفاع عن معتقلي الرأي والضمير في سوريا"، ميشال شماس، إن "المشاركة في اللجنة الدستورية تعطيل لقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بسوريا وخروج عنها، لأن مجلس الأمن حدد في بيان جنيف خطوات الحل في البلاد". وأوضح شماس لـ"العربية.نت" أن "من أولى هذه الخطوات وقف إطلاق النار، وثانياً إطلاق سراح المعتقلين لدى جميع الأطراف، وثالثاً إقامة هيئة حكم انتقالية، ورابعاً وعلى أساس تحقيق هذه الخطوات الثلاث، يمكن أن يعاد النظر في النظام الدستوري والمنظومة القانونية، وأن تُعرض نتائج الصياغة الدستورية على الاستفتاء العام، ثم تتم الانتخابات". وتابع: "ما يعني أن العملية الدستورية تأتي في المرحلة الرابعة وليس كما يجري اليوم. وكل القرارات والبيانات الصادرة عن مجلس الأمن والهيئات الدولية أكدت على التقيد بتنفيذ هذه الخطوات في بيان جنيف 2012". كذلك أشار إلى أن "ما يجري الآن هو كمنْ يضع العربة قبل الحصان، وهذا سيؤدي إلى تشويه الحل في سوريا وتصويره على أنه مجرد خلاف دستوري"، لافتاً إلى أن "المشاركة في أعمال اللجنة تشكل إهانة بالغة لكافة تضحيات السوريات والسوريين الذين ثاروا على نظام الأسد. كما تشكل إهانة لقضية المعتقلين والمختفين قسرياً، والأخطر أن مشاركتهم سوف تساعد روسيا وتركيا وإيران في الالتفاف على المرحلة الانتقالية المنصوص عنها بالقرار 2254 وبيان جنيف". وعلق شماس على تشكيل اللجنة الدستورية بالقول إن "ما رُشِح عن الأسماء المشاركة يكفي للقول إن نظام الأسد يمتلك فيها النسبة الأكبر"، مضيفاً: "في حين يجب أن يشكل المختصون الأغلبية في عضوية أي لجنة دستورية لأنهم الأقدر والأكثر معرفة في هذا المجال. ويجب أن يضاف إليهم عدد من الشخصيات الوطنية المشهود لها بالسمعة الطيبة". "ليست أهلاً لذلك" من جهته، قال الحقوقي جوان يوسف إن "عمل هذه اللجنة لم يبدأ بعد، وأكاد أقول إنها لن تعمل ولا يمكن النظر إلى هذه الخلطة بوصفها لجنة دستورية تستطيع أن تضع دستوراً للبلاد، لأنها ليست أهلاً لذلك، فهي لا تملك المؤهلات باستثناء بعض أفرادها". وذكر يوسف لـ"العربية.نت" أن "هذه المجموعة تم إعدادها بتوافقات سياسية بين الأتراك والنظام وروسيا وليس للسوريين أي دور في اختيارها، بمعنى هي أقرب إلى مجموعة سياسية لا تملك ضمانات ولا تفويضا من السوريين، وهي لا تمثل بشكل أو آخر كيانات سياسية تحمل مشروعاً سياسياً" . وتابع: "عادة الدساتير يكتبها أصحاب اختصاص لهم تجربة وخبرة في المجال الدستوري والقانوني، أو تشكلها كيانات سياسية من أصحاب خبرة، أما في ما يتعلق باللجنة الحالية فلا ينطبق عليها هذا المعيار". "لا مشاركة كردية" وأشار إلى أنه "لا توجد مشاركة كردية في هذه اللجنة، والشخصيات الثلاث الموجودة في قائمة الأمم المتحدة والمعارضة لا تشكل أي تأثير، لا من حيث الخبرة والتجربة ولا من حيث الوزن السياسي ولا من حيث العدد". كذلك شدد على أنه "لا يمكن أن تستقر سوريا دون مشاركة فاعلة من الأكراد في مستقبلها، وهذا يشمل الدستور والحل السياسي والعدالة والإدارة والاقتصاد، ومهما قيل عن منظومة الإدارة الذاتية فإنها تدير أكثر من ثلث مساحة سوريا، وقد استطاعت على الرغم من كل المحيط العدائي أن تنجز إدارة مدنية وإن لم تكن بمستوى الطموح، لكنها الأفضل على صعيد سوريا". كما لفت إلى أن "تجاهل دور الإدارة الذاتية مفهوم ضمن سياقات التداخل الإقليمي والدولي في السباق السوري وبشكل واضح وصريح الدور التركي الذي يوظف كل جهوده وموقعه الجيوبوليتيكي في استبعاد الأكراد من العملية السياسية. وحتى الآن نجحت أنقرة في ذلك لكنها فشلت في تحجيم دورهم الواقعي والفعلي في الجغرافيا السورية، وفشلت أيضاً في إخراجهم من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب". يشار إلى أن الأمم المتحدة تسعى لتشكيل هذه اللجنة منذ أشهر. وقررت كل من تركيا وروسيا وإيران أن تباشر أعمالها في أقرب وقت ممكن خلال القمة الثلاثية التي عقدت الاثنين الماضي في أنقرة. واتجه مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، الاثنين، إلى العاصمة دمشق، لاستكمال مباحثاته مع النظام بهذا الخصوص، حيث من المقرر أن يلتقي وزير خارجية النظام وليد المعلم.
مشاركة :