قبل أقل من أسبوع على عقد الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الأخيرة، أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في سياق حملته الانتخابية للفوز بها، عن “نيته” فرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن وشمال البحر الميت، في حال تشكيله الحكومة الإسرائيلية القادمة، حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن نتنياهو اكتفى بالإعلان عن “النوايا” بينما كان قد قرر قبل مؤتمره الصحفي “الإعلان الفعلي” عن ضم هذه الأجزاء من الضفة الغربية وليس ضغط بعد فوزه في الانتخابات، وحسب هذه الوسائل أنّ هذا التراجع يعود إلى ربطٍ هائل مورس عليه من قبل رئيس الشاباك نداف أرغومان ورئيس هيئة الأركان أفيف كوخافي، ذلك أن مثل هذا الإعلان يجب أن تسبقه مشاورات أمنية وسياسية مكثفة ولا يمكن النظر إليه إلاّ في سياق مصالح شخصية لرئيس الوزراء إضافة إلى أنه كان يجب أن يتم بحث الأضرار والسيناريوهات وردود الفعل المتوقعة قبل الإقدام على مثل هذه الخطوة. ونحن نستعيد هذا الإعلان الذي تم قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فإننا نحاول دراسة آفاق الخلاف حول مسألة ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها بين فريقين أساسيين أفرزتهما الانتخابات الأخيرة، فريق نتنياهو وفريق غانتس والوقوف على سياسة كل منهما إزاء عملية “الضم” أو “الفصل” في حال فوز نتنياهو أو فوز غريمه غانتس لتشكيل الحكومة أو في حال تشكيل حكومة وحدة موسعة تضم الفريقين، خاصة وأن العديد من الآراء في فلسطين ترى أن لا فرق بين الفريقين فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية خاصة في سياق ضم الضفة الغربية أو أجزاء منها. في أواخر العام 2017 كانت اللجنة المركزية لحزب الليكود بزعامة نتنياهو قد صادقت على قرار يفرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنات الضفة الغربية المحتلة، إلاّ أن التصويت على مشروع هذا القرار تم إعاقته بقرار من نتنياهو نفسه بذريعة أن هناك تفاهمات مع واشنطن بهذا الشأن، وقبل قرار الليكود هذا، وتحديداً أواخر العام 2015 تم تقديم قرابة 22 مشروع قانون تدعو إلى فرض السيادة الإسرائيلية كلياً أو جزئياً على مستوطنات الضفة الغربية وخاصة في المنطقة “ج” وذلك بالتوازي مع عملية ضم محمومة واستيطان مبرمج. لذلك فإن نوايا نتنياهو حول ضم أجزاء هامة من الضفة الغربية خاصة الأغوار وشمال البحر الميت تأتي انسجاماً مع تأثيرات وهيمنة التكتل اليميني الذي يقود اسرائيل حتى الآن لذلك تعتبر عملية الضم جزءاً لا يتجزأ من سياسية إسرائيلية حاول نتنياهو أن يستثمرها في سياق تطلعه إلى الفوز في الانتخابات البرلمانية. وإذا كانت هذه هي سياسة الليكود وتكتل اليمين بزعامة نتنياهو حول مسألة ضم الضفة الغربية فما هو موقف تكتل أزرق – أبيض المنافس من هذه المسألة ؟!. بديلاً عن مصطلح “ضم” يجري استخدام مصطلح “الانفصال” عن الضفة الغربية لدى معظم الأدبيات السياسية التي يؤيدها عدد متزايد من قادة الأجهزة الأمنية السابقين من جنرالات وكبار الضباط ولعل أهم وأبرز ما يؤكد ذلك تلك الخطة التي تقدم بها معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي للانفصال عن الفلسطينيين والذي ساهم في إعدادها رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق بيني غانتس الزعيم الحالي لتكتل أزرق – أبيض ووزير الدفاع السابق موشي يعلون ومستشار الأمن القومي السابق بيورا آيغورا الذي صاغ هذه الخطة. تشير الدراسة – الخطة إلى أن الجيد لإسرائيل ومستقبلها يتجسّد بالانفصال عن الفلسطينيين بهدف الإبقاء على إسرائيل يهودية وديمقراطية آمنة وأخلاقية ومنع التهديد الوجودي المتمثل في الدولة ثنائية القومية وضرورة استغلال إسرائيل فرصة وجود الرئيس ترامب في البيت الأبيض قبل احتمالات مغادرته العام القادم للإقدام على خطوة الانفصال هذه سواءً بالاتفاق مع الفلسطينيين أو من جانب إسرائيلي فقط إذا اقتضت الضرورة ترى هذه الخطة التي نشرت في أكتوبر – تشرين أول العام الماضي أن يترك قطاع غزة لحالة ودون تحديد موقف إزاء القدس كما تقضي الخطة بالإبقاء على المستوطنات الكبرى وما يعادل 35% تحت السيادة الإسرائيلية والإبقاء على 65% من الضفة الغربية للفلسطينيين ليقيموا عليها ما شاؤوا من هياكل وعلى إسرائيل تقديم العون لهم إذا رغبوا في ذلك كما تقضي في استمرار بناء إسرائيل في المستوطنات مع وقف هذا البناء في المستوطنات النائية لترك فرصة أمام حل الدولتين مفتوحاً لكن مع احتفاظ إسرائيل وأجهزتها الأمنية والعسكرية بالوصول غير المقيّد إلى المدن والبلدات الفلسطينية لمحاربة الإرهاب كما جاء في الخطة. كيف يرى كل طرف من أطراف المعادلة الإسرائيلية الجديدة، تكتل اليمين بزعامة نتنياهو وتكتل يمين الوسط بزعامة غانتس العلاقة مع الفلسطينيين ضم الضفة أو الانفصال عنها، هذا الفرق يجب أن يكون مطروحاً على السياسة الفلسطينية وهي تعالج كيفية التعامل مع الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية الأخيرة.
مشاركة :