«إمارات المستقبل» تعانق الفضاء

  • 9/25/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يشهد قطاع الفضاء الوطني نقطة تحول نوعية بمشاركة هزاع المنصوري، أول رائد فضاء إماراتي، اليوم، في مهمته لمحطة الفضاء الدولية، والتي تشكل نتاجاً لمجموعة من الجهود المتواصلة التي تأسس من خلالها القطاع قبل 5 سنوات، لتكون الإمارات بذلك مثالاً دولياً في القدرة على تحقيق المنجزات خلال فترة زمنية وجيزة بوجود الرؤية الحكيمة لدى القيادة الرشيدة بأهمية الفضاء، باعتباره الملهم للشباب نحو آفاق المعرفة والعلوم، إضافة إلى الأهمية النوعية للابتكارات والاستخدامات الفضائية في إيجاد الحلول للتحديات الأرضية، وتوظيف الابتكارات بهدف الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية. ويرتكز القطاع اليوم على 4 عناصر رئيسة لاستمراريته، وتتمثل في وجود برنامج الإمارات لرواد الفضاء والهادف إلى استقطاب رواد آخرين أسوة بهزاع المنصوري، وسلطان النيادي أول رائدي فضاء، ووجود قانون للفضاء والذي سيتم اعتماده قبل نهاية العام الجاري، وإطلاق استراتيجية لجذب الكوادر الوطنية لدراسة المواد والعلوم ذات الارتباط بالفضاء، إضافة إلى العمل على إيجاد البيئة الجاذبة للشركات في القطاع الخاص للاستثمار في القطاع عبر الخطة الوطنية للاستثمار الفضائي، وهي جميعاً العناصر التي جاءت نتيجة للتعاون الخاص بين وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء وغيرها من الجهات الداعمة للقطاع. بدأت قصة الإمارات بالفضاء، عبر اللقاء التاريخي الذي جرى عام 1976 عندما التقى الأب المؤسس المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مع فريق «وكالة ناسا» المسؤول عن رحلة أبولو إلى القمر، حيث كان هذا اللقاء حافزاً لتوجيه الإمارات اهتمامها بالفضاء منذ 3 عقود ورسم خارطة طريق الأمل نحو المستقبل المشرق للقطاع الذي تتم قيادته عبر كفاءات وطنية شابة. وشهد القطاع تطوراً لافتاً في السنوات الـ 5 الأخيرة من خلال الإعلان عن تأسيس وكالة خاصة بالفضاء في الدولة عام 2014، وإطلاق خطة شاملة لإنجاز مجموعة من الأهداف وتشمل أن تكون الإمارات ضمن الدول الكبرى في مجال علوم الفضاء قبل عام 2021 وبناء قدرات علمية ومعرفية إماراتية في علوم استكشاف الفضاء الخارجي، وتقديم إسهامات علمية جديدة للبشرية في مجال استكشاف الأجرام السماوية البعيدة وتعزيز دور تكنولوجيا الفضاء في الاقتصاد الوطني، من خلال تنظيم وتطوير القطاع الفضائي الوطني، وإعداد وتنمية الكوادر الوطنية لدعم القطاع والمساهمة في تطويره، ودعم مفهوم البحث والتطوير والابتكار، وإطلاق مشروع إرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ، بقيادة فريق عمل إماراتي في رحلة استكشافية علمية تصل إلى الكوكب الأحمر في عام 2021، حيث يعد «مسبار الأمل» المنجز الحضاري الذي ستحتفل به الدولة، تزامناً مع الذكرى الـ50 لقيامها، وسينطلق المسبار في رحلة، بدءاً من يوليو من عام 2020، بهدف دراسة غلافه الجوي وأسباب تلاشيه، والذي سيتم مشاركة بياناته مع مجتمع علمي يضم أكثر من 200 جهة ومركز بحثي حول العالم. الأطر التأسيسية وفي عام 2015، جاء تأسيس مركز محمد بن راشد للفضاء بهدف تحقيق مهام منها: دعم الأبحاث والمشروعات والدراسات المتعلقة بعلوم الفضاء، بما يدعم توجهات الإمارات في دعم هذا القطاع، وتكوين كفاءات علمية وطنية ومعرفية من خلاله والإعداد والتنفيذ والإشراف على كل مراحل إرسال مسبار الإمارات لاستكشاف كوكب المريخ.وشهد شهر يونيو من العام ذاته، الإعلان عن استراتيجية وكالة الإمارات للفضاء، والتي شملت تعزيز الاستثمار في أنظمة الاتصالات الفضائية واستكشاف الأرض والفضاء، وخدمات نقل البيانات والبث التلفزيوني عبر الفضاء والاتصالات الفضائية المتنقلة، والعمل على تنظيم القطاع وتطوير الكوادر الإماراتية لتغدو رائدة لهذا القطاع على مستوى العالم، انطلاقاً من رسالة مفادها بأن أبناء الإمارات قادرون على الابتكار والتحدي، وخوض غمار المنافسة. وتواصلت الأطر التأسيسية لقطاع الفضاء، من خلال السياسة الوطنية لقطاع الفضاء في عام 2016 بهدف تنظيم وإدارة وتطوير واستغلال الإمكانات والقدرات الوطنية بالشكل الأمثل، حيث بنيت توجيهات الاستراتيجية الوطنية على عدد من العوامل، وتشمل دعم الأمن الوطني، وتحسين عمليات رصد الكوارث والاستجابة لها، وغيرها. ووصل العمل في قطاع الفضاء إلى ذروته مع إطلاق برنامج الإمارات لرواد الفضاء في عام 2017، بهدف اختيار أول رواد فضاء من الدولة للمشاركة في مهام فضائية عبر محطة الفضاء الدولية، حيث بلغ عدد المتقدمين لبرنامج الإمارات لرواد الفضاء في المرحلة الأولى 4022 شخصاً، فيما كانت نسبة المرأة 34%، وبلغ عمر أصغر متقدم 17 عاماً، والأكبر 67 عاماً، ووصل عدد تخصصات المتقدمين إلى 38، حيث تم اختيار هزاع المنصوري، وسلطان النيادي كأول رائدي فضاء. وشهد العام الماضي، إطلاق القمر الصناعي «خليفة سات»، وهو أول قمر صناعي يتم تصنيعه بأياد إماراتية بنسبة 100% وتطويره داخل الغرف النظيفة في مختبرات تقنيات الفضاء في مركز محمد بن راشد للفضاء، حيث يتم استخدام صوره في مجموعة متنوعة من متطلبات التخطيط المدني والتنظيم الحضري والعمراني، ما يتيح استخدام أفضل للأراضي وتطوير البنية التحتية في الإمارات . الاستراتيجية الوطنية وخلال مارس الماضي، تم الكشف عن تفاصيل الاستراتيجية الوطنية لقطاع الفضاء 2030، والتي تعمل على تحقيق 6 أهداف رئيسة، وهي توفير خدمات فضائية منافسة ورائدة عالمياً وتعزيز القدرات المحلية المتقدمة في البحث والتطوير والتصنيع لتكنولوجيا الفضاء، وإطلاق مهمات فضائية علمية واستكشافية ملهمة، وترسيخ ثقافة وخبرة وطنية عالية في مجال الفضاء، وتشكيل شراكات واستثمارات محلية وعالمية فاعلة في صناعة الفضاء، ووضع بنية تشريعية وتحتية داعمة تواكب مختلف التطورات المستقبلية للقطاع، من خلال 20 برنامجاً و80 مبادرة مختلفة، إضافة إلى إطلاق 5 أقمار صناعية جديدة حتى عام 2021. ويشهد العام الجاري اعتماد أول قانون للفضاء، وينص على 54 مادة، بهدف وضع إطار تشريعي ينظم القطاع الفضائي لخلق بيئة تنظيمية ملائمة لتحقيق أهداف السياسة الوطنية للفضاء بالدولة، عبر تحفيز الاستثمار وتشجيع مشاركة القطاع الخاص والأكاديمي في القطاع الفضائي والأنشطة ذات الصلة به، إضافة إلى دعم تطبيق تدابير الأمن والسلامة وحماية البيئة اللازمة لتعزيز الاستقرار والاستدامة طويلة الأمد للأنشطة الفضائية والأخرى ذات الصلة، بجانب دعم مبدأ الشفافية، والتزام الدولة بتنفيذ أحكام المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالفضاء الخارجي التي تكون الدولة طرفاً فيها. ولم تتوقف جهود الدولة عند تطوير القطاع محلياً، بل امتدت الجهود ليتم الإعلان عن تأسيس المجموعة العربية للقطاع، والتي تضم 11 دولة عربية حالياً، كما سيتم الإعلان خلال العام الجاري عن انضمام 4 دول أخرى، انطلاقاً من من رؤية دولة الإمارات وتوجيهات القيادة الرشيدة الداعمة للعمل العربي المشترك، وتسخير كافة الإمكانات الناجحة بذلك، نظراً لاعتماد لقطاع الفضائي على التكتلات والتجمعات الوحدوية التي من شأنها نقل الخبرات وتبادلها وإشراك الكفاءات، بما يطور من البنية التحتية للدول. وستعمل دول المجموعة العربية في مقر المركز الوطني للعلوم وتكنولوجيا الفضاء على تصنيع أول قمر صناعي عربي مشترك وهو «813»، حيث سيعمل على تصميم وتصنيع القمر الصناعي الجديد عدد من المهندسين والشباب العرب خلال 3 أعوام، ليكون عمر القمر الافتراضي نحو 5 أعوام على مدار قطبي بارتفاع 600 كيلومتر، وسيرسل البيانات إلى محطة أرضية في دولة الإمارات ومحطات استقبال فرعية في بعض الدول العربية لتستفيد منها مختلف الجهات البيئية والبلديات والمؤسسات المعنية بالقطاع الزراعي والتخطيط العمراني. العام الجاري شهد اقتصاد الفضاء في الإمارات تنوعاً ونمواً ملحوظاً خلال الفترة السابقة، حيث بلغ إجمالي الاستثمار في المشاريع الفضائية للدولة أكثر من 22 مليار درهم وتعدى معدل نموه الـ 10 في المائة خلال العامين الماضيين، كما وصل عدد المنشآت العاملة ضمن اقتصاد الفضاء إلى 57 منشأة، كما يعمل بالقطاع اليوم أكثر من 1500 موظف. ومع وصول دولة الإمارات إلى العام الخامس في الاستثمار بقطاع الفضاء، شهد مطلع العام الجاري، إطلاق الخطة الوطنية لتعزيز الاستثمار الفضائي، بهدف زيادة مساهمة قطاع الفضاء في تنويع اقتصاد الدولة وتشجيع الاستثمارات الأجنبية على الدخول في صناعة الفضاء الوطنية. المستقبل المشرق تمتلك الإمارات اليوم سجلاً حافلاً بالمنجزات في القطاع، حيث توجد 3 جامعات تقدم درجات تخصصية في الفضاء والعلوم المرتبطة به، عبر «جامعة الشارقة» التي تقدم ماجستير علوم وتقنيات قانون الفضاء، وجامعة الإمارات التي بدأت في تقديم ماجستير وبكالوريوس علوم الفضاء، إضافة إلى «جامعة خليفة» التي تستمر في تقديم ماجستير علوم الفضاء، بهدف رفد القطاع بالكوادر الوطنية المؤهلة من أصحاب الكفاءة والمعرفة. وأطلقت الدولة خلال السنوات الماضية 10 أقمار صناعية، بينما توجد أقمار أخرى في مرحلة التصنيع. وانضمت الدولة إلى نحو 30 اتفاقية مع كبريات الوكالات والهيئات الدولية، كما وقعت 4 اتفاقيات رئيسة، وتستضيف الدولة العام المقبل، المؤتمر الدولي للفضاء 2020.

مشاركة :