من المحتمل أن يكون هذا بمثابة مفاجأة لكثير من الأمريكيين، الذين تشبع كثير منهم بـآراء "الخبراء" على الصحف والمجلات وفي التلفزيونات، حول تصوير إيران كوحش مرعب وأنها خطر على العالم، لكن قد تكون الحقيقة غير ذلك تمامًا.في مقال بصحيفة "واشنطن إكزامينر"، يقول الكاتب دانييل ديبتريس" أن المرء قد يعذر لاعتقاده ذلك، إذا ما أنصت لوزير الدفاع الأمريكي في برنامج "أمام الأمة" الأحد الماضي، وهو يصور إيران كقوة عظمى، بقوله إنها تعمل في خمس دول، كما لو كانت تلك البلدان مستعمرات تتلقى أوامر مباشرة من المرشد خامنئي.وقد يفاجأ العديد من الأمريكيين لحقيقة أن إيران أقل قوة ورعبًا بكثير مما يروج له من طرف بعض مراكز التفكير وبعض وسائل الإعلام.فالاستماع إلى وزير الخارجية مايك بومبيو سوف يجعلك تعتقد أن الإيرانيين على بعد بضع سنوات قصيرة من اكتساح الشرق الأوسط بأكمله مثلما فعل الإسكندر الأكبر في القارة الآسيوية.يُنظر إلى إيران على أنها طاغوت عسكري تسعى لفرصة لبسط سيطرتها على الأراضي ونصب علمها في جميع أنحاء الشرق الأوسط.لكن إيران ليست عملاقًا طوله 10 أقدام كما تصور غالبًا، ليس لديها القوة، والثروة، والشركاء، ولا القدرة على أداء ما يمكن أن يعتبر عملا سحريا.وعلى الرغم من كل الاهتمام والموارد التي توليه واشنطن لطهران، فإن البلاد ليست سوى نظام مصاب بجنون العظمة.ويبالغ المسؤولون الأمريكيون كثيرًا في قوة "فيلق الحرس الثوري"، لأسباب مفهومة، فعلى رأسه، الجنرال قاسم سليماني، وهو "قائد وضيع وانتهازي وتكتيكي عسكري متمكن" بحسب وصف الصحيفة.وقد أنقذ "فيلق القدس"، الذراع العملياتي لـ "الحرس الثوري" في الخارج، بشار الأسد في سوريا من أن يلقى مصير معمر القذافي.كما أن أيدي المنظمة ملطخة بدماء أمريكية، حيث زودت الميليشيات الشيعية في العراق وحركة طالبان في أفغانستان بالأسلحة والأموال والمتفجرات.وكان يمكن أن يكون حزب الله في لبنان، والحوثيون في اليمن أقل قدرة بكثير اليوم لو لم تتدفق النقود الإيرانية إليهم.وعلى الرغم من أن الاستنتاجات النهائية حول الهجوم الذي تعرضت له هذا الشهر البنية التحتية النفطية في المملكة العربية السعودية لم تنشر بعد، إلا أن هناك احتمال كبير أن يكون "الحرس الثوري" متورطًا فيها بطريقة ما.وحسب الكاتب، فإن قدرات الجيش الإيراني هي "مزحة"، فقد طوقت العقوبات القوات الجوية الإيرانية وعزلتها عن التكنولوجيا العسكرية الغربية.وتعود طائراتها الحربية اليوم إلى فترة السبعينات، وهي معدات لا يمكن الاعتماد عليها في حالة اندلاع نزاع مباشر.ومن المرجح أن تكون الطائرة التي أطلقتها إيران في العام الماضي، تحت اسم الجيل الرابع، نسخة من طراز إف 5، الأمريكية في السبعينات.وسيتم طرد القوارب الصغيرة التي تشكل القوات البحرية الإيرانية من المياه في حال اندلاع الحرب.وتنفق إيران أقل من منافسيها في الخليج، ووفقًا للأرقام التي نشرها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، كانت النفقات العسكرية التراكمية لمجلس التعاون الخليجي في عام 2017 أكبر بثمانية أضعاف تقريبًا من النفقات العسكرية لطهران.كما أن اقتصاد إيران ليس بهذه الروعة، إذ يبلغ الناتج المحلي الإيراني 454 مليار دولار، وهو أصغر من ناتج ولاية جورجيا الأمريكية، وبتعبير آخر، فإن الناتج المحلي الإجمالي لإيران هو ما يقرب 2% من إجمالي الاقتصاد الأمريكي.وتتباهى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهم أقوى المنافسين لإيران في المنطقة، بإجمالي ناتجهما المحلي وهو أكثر من ضعف ما يمكن لطهران أن تحلم به في الظروف الحالية.ومن كل ماسبق فان كل هذا لا يعبر عن بوادر قوة عظمى صاعدة في الشرق الأوسط، بل يعبر عن بلد يكافح من أجل أن يكون جيشا حديثا، ويجذب الخبرات ويثبت عملته.ولهذا، فإن تواضع القوة الإيرانية لايقلل أو يبرر سلوكها السيئ أو يقلل من التهديد الذي تمثله لجيرانه، لكن على واشنطن أن تبدأ في رؤية إيران كما هي، نظام يستمد سلطته من أخطاء غيره وليس من قوته العسكرية أو الاقتصادية، وهو بهذا، يجب أن يوضع في حجمه المناسب، ولايمكن التقليل من أهمية ضربة إيران الإرهابية لمنشأتي بقيق وهجرة خريص، فالرد مهم، مع العلم إن تضخيم صورة إيران أمر غير مناسب. وأخيرًا، فإذا علمنا أن السلاح الجوي السعودي تبلغ عدد طائراته ضعف تلك التي لدى إيران، وأنه يملك مقاتلات حديثة من أقوى الطرازات الدولية، مقابل طيران حربي إيراني لم يحدث بالشكل الكافي منذ سبعينيات القرن الماضي، فالنتيجة تصب نحو تفوق السعودية عسكريًا على إيران، ما يجعل نشوب حرب بينهما، سقوط مدوي للنظام الإيراني، وفق أكثر الاحتمالات.
مشاركة :