يعصف بالولايات المتحدة حالياً، زلزال سياسي، بعدما تصاعد، أمس الأربعاء، الصراع الدائر بين الرئيس دونالد ترامب، والديمقراطيين، بعد أن نشر البيت الأبيض مضمون المحادثة الهاتفية، المثيرة للجدل للرئيس مع نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، الذي طالبه فيها بتحقيقات حول جو بايدن منافسه المحتمل في انتخابات الرئاسة المقبلة، أعلن معها مجلس النواب، فتح تحقيق رسمي في هذا الشأن، وبدأ الخطوات الأولى في إجراءات عزل ترامب بتهمة بارتكاب أفعال مشينة، ب«خيانة القسم»، و«تهديده للأمن القومي»، بينما ندد الأخير بما وصفها ب«حملة مطاردة نتنة» ضده، نافياً ممارسته أي ضغط على أوكرانيا، مطالباً خصومه بالاعتذار.وأعلنت رئيسة مجلس النواب الديمقراطية، نانسي بيلوسي، فتح تحقيق رسمي في هذا الصدد، قائلة إن ترامب نكث قسم اليمين بسعيه للحصول على مساعدة دولة أجنبية لتقويض ترشح بايدن. وقالت بيلوسي في مؤتمر صحفي، في واشنطن، إن «تصرّفات رئاسة ترامب كشفت عن الحقائق المشينة لخيانة الرئيس لقسمه، وخيانته لأمننا القومي، وخيانته لنزاهة انتخاباتنا». وأضافت: «لذلك، أعلن أنّ مجلس النواب يفتح تحقيقاً رسمياً لعزل الرئيس». وأضافت: «يجب محاسبة الرئيس. لا أحد فوق القانون». وطالبت القائمة بأعمال مدير الاستخبارات الوطنية، بتسليم شكوى من مسرب معلومات بحلول اليوم، مضيفة أن حجب الشكوى يعد «انتهاكاً للقانون». وأردفت: «حجب التحقيق في الشكوى يعد انتهاكاً للدستور. الإجراءات التي اتخذها الرئيس حتى الآن انتهكت الدستور بشكل خطر».القضية التي أشعلتها شكوى من عميل استخباراتي، دفعت بيلوسي، وعدداً من قادة الحزب الديمقراطي الرافضين لخوض إجراءات عزل ترامب، إلى تغيير موقفهم، بعد اتهامات جديدة قالت إن ترامب عرض على أوكرانيا مساعدة في مقابل إيذاء بايدن منافسه إلى البيت الأبيض.والإجراءات التي تعد أول خطوة في عملية معقدة لا تتمتع بفرص كبيرة في إخراج ترامب من البيت الأبيض، فتحت فصلاً جديداً في السياسة الأمريكية محفوفاً بالمخاطر، قبل 14 شهراً فقط على انتخابات الرئاسة، والكونجرس.من جهته، ندّد ترامب بالإجراءات الأخيرة لعزله، معتبراً إياها «حملة مطاردة نتنة». وقال في تغريدة على «تويتر»: «يوم بمثل هذه الأهميّة في الأمم المتحدة، كثير من العمل وكثير من النجاح، لكن الديمقراطيين قرّروا إفساد كلّ شيء. حملة مطاردة نتنة. أمر سيئ جداً لبلدنا». وأضاف، أنّ الديمقراطيين «لم يروا أبداً محضر الاتصال. حملة مطاردة خالصة»، واصفاً ما يحدث بإنه «تحرّش بالرئاسة»، لكنه يزيد من حظوظه في الفوز في الانتخابات المقبلة.وحاول ترامب تفادي إجراءات العزل، بسماحه بالكشف عن فحوى المكالمة، وغرد في وقت سابق: «سترون أنه كان اتصالاً ودياً جداً، ولائقاً تماماً. ما من ضغط، وخلافاً لجو بايدن وابنه، لا مقايضة». وأقر بمناقشة مسألة بايدن مع زيلينسكي، لكنه نفى أن يكون اشترط تقديم مئات ملايين الدولارات في شكل مساعدة لكييف، مقابل إجراء تحقيق بحق بايدن.وعقب نشر مضمون المكالمة التي طلب فيها ترامب تحقيقات من أوكرانيا حول بايدن، لكنه لم يمارس ضغوطاً، أطلق الرئيس الأمريكي تغريدات عدة إلى خصومه، وكتب: «هل سيعتذر الديمقراطيون بعد رؤية ما قيل في المكالمة مع الرئيس الأوكراني؟ يجب أن يفعلوا ذلك إنها مكالمة مثالية وقعت عليهم وقع المفاجأة». وأضاف: «لم يُعامل رئيس في تاريخ بلادنا بطريقة سيئة للغاية مثلي. إن الكراهية والخوف يسيطران على الديمقراطيين. ولا يفعلون شيئاً. يجب ألا يتم السماح بحدوث هذا لرئيس آخر».من جهة أخرى، اعتبر البيت الأبيض إن بدء إجراءات عزل ترامب «دمر أي فرصة لتقدم العملية التشريعية لشعب هذا البلد من خلال تركيز كل طاقته على الهجمات السياسية الحزبية». وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، ستيفاني جريشام، في بيان، أن «هجماتهم (الديمقراطيين) على الرئيس وجدول أعماله ليست حزبية فقط، بل أيضاً مثيرة للشفقة، وتنم عن إهمال في واجبهم الدستوري».من جهته، نفى زيلينسكي، ممارسة أي ضغوط عليه بشأن القضية، وصرح لقناة «روسيا 24» الروسية: «لا أحد يمكنه الضغط علي لأنني رئيس بلد مستقل».ونادراً ما يطلق هذا الإجراء المدوي بحق رئيس أمريكي، لكن فرص أن يؤدي إلى عزل ترامب قليلة. وعلى الرغم من القضايا العديدة التي هزت السنوات الأولى من رئاسته، لكن هذه الضربة السياسية تعدّ أكثر هجوم مباشر ضد الملياردير الأمريكي الذي يخوض صراعات أخرى مع خصومه بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الماضية، واحتمال عرقلته سير العدالة في تحقيقات المحقق الخاص روبرت مولر بشأن القضية. (وكالات)
مشاركة :