البؤساء.. رواية عكست ثورة المسحوقين ضد الأرستقراطية الفرنسية

  • 9/26/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

عكست رواية الكاتب والشاعر الفرنسي فيكتور هيجو “البؤساء” ثورة المسحوقين ضد الأرستقراطية الفرنسية كثورة ثانية بعد الثورة الفرنسية، وهي ثورة المسحوقين ضد الأثرياء الناهبين لخيرات البلاد على حساب فقراءها. وأصبحت هذه الرواية ملهمة لعدد من صناع السينما في أكثر من لغة من ضمنها اللغة العربية إلى جانب الاستفادة من خطوطها العريضة في الزمن المتغير ضمن تنوعيات لها علاقة في التطور الذي شهدته المجتمعات، ومن بين هذه التنويعات الفيلم الفرنسي الذي حمل نفس الاسم “البؤساء”المشارك في فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان الجونة السينمائي. الفيلم يستند إلى الرواية في تقديم رؤية للمجتمع الفرنسي الباريسي الآن، حيث تشكل الأقليات العرقية التي ينتمي لها مخرج الفيلم ليج لي، إلى جانب الأقليات الدينية المهاجرة إليها من بلاد مختلفة أحد أركان المجتمع الفرنسي واحد اشكالياته ايضا. سكان هذه الضواحي من المهاجرين وقفوا وراء مجموعة من الأحداث العنيفة التي وقعت في العاصمة الفرنسية تعبيرا عن رفضهم الواقع البائس الذي يعيشونه في عام 2005 وهم مهيئون ايضا لمزيد من العنف إذا ما استمرت ظروفهم على وضعها البائس. وهنا يكمن الاختلاف بين بؤساء هيجو وبؤساء لي، الأول كانت صراع طبقي فرنسي فرنسي والثاني صراع طبقي يأخذ منحى فرنسي إلى جانب ايضا العرقي والديني، فمن جهة كونه فرنسيا، فإن غالبية مجتمعات المهاجرين تعيش في أوضاع سيئة ويحملون الجنسية الفرنسية يضاف اليها الانسحاق للأقليات عرقية ودينية ينظر جزء من المجتمع الاساسي إليها أنها تنازعها ثروتها وخيرات بلادها. يصور الفيلم هذا العالم العنيف من خلال عيون ثلاثة رجال من الشرطة يمثلون المجتمع الفرنسي بينهم شرطي من أصل افريقي واخر جديد انضم لهم في أول جولة له ضمن المجموعة، ويتعرف خلالها على زعماء الضاحية المأهولة بالمهاجرين من بلاد عدة من أفريقيا وغيرها إلى جانب المسلمين من شمال افريقيا . ومن بينهم العمدة الذي يعود إلى أصول أفريقية إلى جانب قادة جماعة من الإخوان المسلمين  وآخرين من أصحاب النفوذ بقوة البلطجة والدعارة والمال القليل المتوفر. والى جانب ذلك يصور عالم المراهقين والشباب في هذه المنطقة الذين يتجهون الى العنف والتسرب من المدرسة ومن بينهم الفتى المحرك للأحداث “عيسى” إلى جانب مراهق آخر يلعب دورا مهما من خلال عشقه للتصوير واستخدامه طائرة صغيرة (دورون) في هذه الهواية للتجسس على الفتيات الى جانب تسجيل ما يجري في المنطقة. يفجر الأحداث سرقة الفتى عيسى شبل اسد من سيرك مما يهيء لمعركة بينهم ومجتمع الأقلية الأفريقية، ويتدخل رجال الشرطة في الوقت المناسب ويفضوا الاشتباك بوعد إعادة الشبل المسروق للغجر. يتوصل رجال الشرطة الى السارق فيتم اعتقال عيسى وبدأ البحث عن الشبل يحاول عيسى الهرب يطلق عليها النار الشرطي من أصل أفريقي في الوقت الذي يكون فيها الفتى عاشق التصوير بتصوير كل هذه الأحداث. ويتوصل رجال الشرطة انه تم تصويرهم خلال اطلاق النار فيلاحقون الفتى الذي يسلم بطاقة الذاكرة لزعيم الإخوان في المنطقة مما يؤجج الصراع يتم نقل الفتى الجريح الى زعيم البلطجة والدعارة حيث يتم رعايته بعد ان قام الشرطي الجديد بتضميد جراحه. يتقابل في اللقاء الشرطة من جهة وزعيم الإخوان المسلمين وزعيم الأقلية الأفريقية وزعيم البلطجية لتظهر ملامح جديدة من الصراع بين الأقليات نفسها وبين رجال الشرطة من جهة أخرى، فمنهم من يقف مع الشرطة ومنهم من هو مستعد للصراع للحفاظ على بطاقة الذاكرة وفضح مسلكية الشرطة. يتم العثور على الشبل وتسليمه للغجر لينهي جانبا من الصراع الا ان العنف يتفجر عندما يقرر عيسى ان ينتقم من الشرطة فتبداء جولة عنيفة بين الشرطة والصبية الذين وقفوا الى جانب عيسى ويصاب احد رجال الشرطة ويتم محاصرتهم في احد المباني. ينتهي الفيلم والشرطي الجديد كان يحاول أن يلتزم بالقانون طوال الفترة بعكس زميليه وهو الذي قام بتضميد جراح عيسى وهو ايضا من قام بتضميد جراح الشرطي المصاب وهو يوجه مسدسه الى عيسى، بينما يحمل عيسى زجاجة حارقة يوجهها إلى رجال الشرطة. النهاية المواجهة أو حل الاشكاليات التي يعاني منها الأقليات، ولكنها هل تحل المشكلة الأوسع في المجتمع الفرنسي العلاقة بين الفقر والغنى والعدالة الاجتماعية في توزيع الثروات هذا سؤال اخر نعود فيه الى بؤساء هيجو اكثر منها بؤساء ليج لي.

مشاركة :