المرضى بحاجة إلى جلسات علاج نفسي بعد جراحة إنقاص الوزن

  • 9/27/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يهتم الأطباء المشرفون على عمليات إنقاص الوزن بمسألة ما إذا كانت العمليات الجراحية قد نجحت أم فشلت، وما قد يلحقها من تأثير على وزن المريض. لكن أغلبهم يغفلون الجانب النفسي الذي قد يتسبب في عواقب أكثر خطورة على صحة المريض العقلية وحتى حياته. لندن - يشير بحث جديد إلى أنه بعد إجراء عملية جراحية لفقدان الوزن، من المحتمل أن يحتاج المرضى إلى خدمات رعاية الصحة العقلية، بما في ذلك العلاجات النفسية. وأفاد باحثون في تقرير نشر في المجلة الطبية “جاما سايكيتري” بأنهم استندوا في بحثهم على بيانات خاصة بحوالي 25000 مريض. وكشفوا أن هناك علاقة تربط بين جراحة إنقاص الوزن وزيادة نسبة التنقل إلى غرف الطوارئ بأكثر من ثلاثة أضعاف وزيادة مخاطر الإصابة بأمراض نفسية أيضا بمقدار ثلاثة أضعاف في الأعوام التي تلت الجراحة. وقال ديفيد مورغان، وهو أخصائي في طب الطوارئ والعناية المركزة في مستشفى سانت جون أوف غود سوبياكو في سوبياكو بأستراليا، “تشكل دراستنا تحذيرا للمشرفين على جراحات البدانة يحثهم على إيلاء المزيد من الاهتمام والمتابعة لصحة مرضاهم العقلية”. وأضاف “من المحتمل أن يكون المرضى الذين لديهم تاريخ مسبق للإصابة بأمراض نفسية كبرى أو أقدموا على إيذاء أنفسهم أو تعرضوا لاضطرابات الأكل أكثر عرضة للخطر ويجب أن تتمتع صحتهم العقلية بفترة من الاستقرار، لا بد من تقييم حالتهم قبل الشروع في الجراحة ثم تتم متابعتهم بانتظام من قبل فرق متخصصة بعد إتمام عملية إنقاص الوزن”. وقال مورغان لرويترز هيلث، في رسالة بالبريد الإلكتروني، “من المعروف أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة لديهم معدلات احتمال الإصابة بالأمراض العقلية أعلى مما لدى عامة الناس”، “لذلك، فإن لهؤلاء المرضى حالة نفسية هشة وكل ما يأملونه هو أن توفر لهم الجراحة منافع صحية وتجميلية في الآن نفسه”. ولاحتساب عدد المرات التي بحث فيها المرضى عن مساعدة طبية لعلاج مشكلات تتعلق بالصحة العقلية بعد الخضوع لجراحة إنقاص الوزن، قام مورغان وزملاؤه بتحليل سجلات 24766 مريضًا خضعوا لعملية جراحية لفقدان الوزن في غرب أستراليا بين عامي 2007 و2016. وشملت البيانات المتعلقة بالصحة العقلية استخدام الرعاية الصحية لمدة 10 سنوات في المتوسط ​​قبل الجراحة وخمس سنوات بعدها. وأخذت السجلات من فرع البيانات التابع لوزارة الصحة في أستراليا الغربية والذي يتتبع البيانات الصحية الخاصة بدولة أستراليا بأكملها. وكان متوسط ​​عمر المرضى عندما خضعوا لعملية جراحية 42.5 سنة، وكان 19.144 منهم -أو ما يقدر بـ 77.3 بالمئة- من النساء. ووجد الباحثون أن 3.796 مريضًا -أو 16.1 بالمئة من المرضى- طلبوا المساعدة من إحدى خدمات الصحة العقلية مرة واحدة على الأقل، حيث قام 1.401 منهم بذلك فقط قبل الجراحة و1.025 شخصًا قبل الجراحة وبعدها و1.550 شخصا فقط بعد الجراحة. وبمقارنة الزيارات التي حدثت قبل وبعد الجراحة، وجد الباحثون أن المرضى كانوا أكثر عرضة بمعدل 2.3 مرة للحصول على الرعاية في عيادة بعد ذلك و3 مرات أكثر عرضة للذهاب إلى أقسام الطوارئ و3 مرات أكثر قد انتهى بهم الأمر إلى الخضوع للعلاج النفسي في المستشفى. ووجد الباحثون أيضا زيادة خمسة أضعاف في المرضى الذين ينتهي بهم المطاف في أقسام الطوارئ جراء إيذاء النفس المتعمد. وأشاروا في التقرير إلى أنه من بين 261 حالة وفاة في الفترة التي أعقبت الجراحة، كانت 25 حالة -أو 9.6 بالمئة- نتيجة للانتحار. وكانت دراسة سابقة نشرت في مجلة “جاما سيرجري” الطبية الأميركية أن البدناء الذين خضعوا لعمليات جراحية لتخفيض وزنهم، يواجهون احتمال الإقدام على محاولة انتحار بنسبة 50 بالمئة أكثر مقارنة بمرحلة ما قبل العملية. وقد تعمق العلماء في الملفات الطبية لـ8.815 من سكان مقاطعة أنتاريو الكندية كانوا قد خضعوا لعمليات إنقاص وزن مثل عملية ربط المعدة، بين عامي 2006 و2011. وتمت متابعة هؤلاء الأشخاص لمدة 6 سنوات، أي قبل إجراء العملية بـ3 سنوات وبعدها بـ3 سنوات أيضا. ومن ضمن هذه المجموعة أدخل 111 شخصا إلى قسم الطوارئ في المستشفيات بسبب 158 محاولة انتحار في المجموع. وأوضح العلماء أن ثلث هذه المحاولات كانت قبل العملية والثلثين في السنوات الثلاث التي تلتها، أي بزيادة نسبتها 50 بالمئة. وأشار معدو الدراسة إلى أن غالبية محاولات الانتحار قام بها أشخاص عانوا في السابق من اضطرابات نفسية. وكانت دراسات أخرى أظهرت أن عمليات الانتحار كانت أكثر لدى الأشخاص الذين خضعوا لعمليات جراحية مشابهة. ولم تنجح هذه الدراسات في معرفة إن كان ذلك نتيجة العملية الجراحية أو بسبب النسبة العالية من المشكلات النفسية المرتبطة بالبدانة. وكشف باحثون أن عددا كبيرا من البدناء أعربوا عن تحسن في معنوياتهم وتقديرهم لأنفسهم بعد الجراحة، إلا أن فئة قليلة عانت من تدهور في حدة الاكتئاب وفي مستوى الاضطرابات الغذائية التي تواجهها. وشدد الباحثون الكنديون على أن محاولات الانتحار كانت في غالبيتها بين السنة الثانية أو الثالثة من خضوع المرضى للعملية مما يظهر ضرورة حصول متابعة أطول لهؤلاء. وقد أجريت حوالي 200.000 عملية جراحية لإنقاص الوزن في الولايات المتحدة عام 2014. وقد سمحت بتراجع كبير في الوزن لدى غالبية البدناء فضلا عن تخفيض مرض السكري من النوع الثاني خصوصا. وأوضح مورغان أن العديد من العوامل زادت من احتمال طلب المساعدة النفسية، من بينها: إنقاص الوزن كان أقل مما كان متوقعًا والمضاعفات بعد الجراحة الأولية تطلبت المزيد من التدخل الجراحي. وقالت الدكتورة وين لوندبلاد -أستاذة مساعدة في الطب النفسي بجامعة بيتسبرغ- إن الدراسة الجديدة “تؤكد بشكل أساسي حقيقة أن المرضى الذين يخضعون لجراحة إنقاص الوزن يلتجئون أساسا إلى البحث عن رعاية ومتابعة للصحة العقلية وأنه من الضروري أن يأخذ الأخصائيون ذلك في الاعتبار”. وأضافت لوندبلاد “ينبغي لمقدمي الرعاية الصحية أن ينتبهوا عندما يتعاملون مع شخص سبق أن أجرى عدة عمليات جراحية لإنقاص الوزن، فقد يكون أكثر عرضة لمواجهة مشكلات تتعلق بالصحة العقلية”. وأشارت لوندبلاد إلى أن النتائج الجديدة لا تعني أن مشكلات الصحة العقلية يجب أن تمنع المريض من إجراء عملية جراحية لإنقاص الوزن. لكن الباحثين يلفتون إلى أنه “إذا كان شخص ما يعاني من مرض نفسي لم تتم معالجته، فعلى الأخصائيين العمل على علاجه قبل المضي قدما نحو الجراحة”.

مشاركة :