بينما كنت أركب بجانب أحدهم، وإذا به (يسفط) سريعا بالسيارة ويوقفها بجانب الرصيف، وظننت لأول وهلة أن الكفر قد بنشر، أو أن خللا ميكانيكيا طرأ ولم أنتبه له، أو أن (حصرا) قد داهمه على حين غرة وعجز عن السيطرة عليه، فقرر أن يفرغ مثانته في الخارج (واللي ما شاف يتفرج)، فكان لا بد وأن أسأله: خير إن شاء الله؟!. فقال بكل برود: أبدا أريد أن أتكلم مكالمة سريعة ومهمة بالتلفون، فمن الخطر الجسيم أن يتحدث إنسان بالتلفون وهو يسوق السيارة. الواقع أنه نزل من عيني، فقلت له: الحقيقة أنك حنبلي أكثر من اللازم، فأنا لا تحلو لي المكالمات إلا عندما أسوق، خصوصا إذا أردت أن أتخانق مع أحدهم، أو أجري مكالمة عاطفية حميمة، فقال: إنك نموذج متخلف ورديء، وأمثالك هم الذين يتسببون في هذه الأيام بأغلب الحوادث، بلعت (شتيمته) تلك قائلا له: شكرا. هذا الموقف حصل قبل شهر تقريبا، وبالأمس كنت أتصفح إحدى الجرائد، ووقعت عيني على تقرير يتحدث عن (عشرة من أغرب قوانين المرور في العالم)، وإليكم بعضا منها: فمنها أنهم في (تايلند) يضعون غرامة قصوى لمن يسوق وهو كاشف صدره دون أن يرتدي قميصا، سواء كان (رجلا أم امرأة)، لا أكذب عليكم أنني فهمت واقتنعت ببياخة تعرية الرجل لصدره مثلا، ولكنني إلى الآن لم أفهم واستوعب حشر المرأة في هذا القانون؛ لأنني من كثرة مشاهدتي للنساء وهن يقدن السيارات، لم تقع عيني في يوم من الأيام على امرأة تقود السيارة وهي كاشفة، إلا إذا كانت خارجة لتوها من مستشفى المجانين. وفي (كوستاريكا)، وهي بلاد الموسيقى والرقص، (يكلبشون) ويضعون بالسجن من يرفع صوت الأغاني وهو يمر بجانب المستشفيات والمدارس، أما عندنا ــ والحمد لله ــ أمورنا كلها (سهود ومهود)، فالميكروفونات والبواري والأغاني والموسيقى تصدح بأعلى ما يكون أمام هذه الأماكن بالذات، ويا ويل اللي يقول لهم اخرسوا. وفي (النرويج) يحظر على كل من يكون في السيارة أن يدخن، وعندنا (يا حليلك) تجد رب العائلة ومعه أطفاله، وهو يدخن ويشفط (السيجارة وراء السيجارة)، بل إن أحدهم أعرفه لا يخجل من أن يقول متباهيا إنه يضع في سيارته (شيشة) كهربائية، ولا يحلو له المزاج إلا وهو (يكركر) بها في السيارة، و(المعزبة) بجانبه تضحك وتترقوص. وفي (قبرص)، يدفع غرامة مقدارها (35) دولارا، كل من يرفع يده ضد الآخرين بإشارات بذيئة، تذكرت هذا عندما سقط علي أحد الشباب المتهورين بسيارته وكاد يصدمني، وعندما ضربت له البوري لكي أنبهه، ما كان منه إلا أن يحاذيني ويفتح النافذة وهو يشير لي بأصابعه بإشارة مفهومة وغير مستساغة، ثم يتبعها قائلا لي: (يا خرو..)، وعندما لاحظ أنني لم أفهم كلمته أعادها لي مرة ثانية بصوت صارخ سمعه كل من كانوا في السيارات من حولي (يا خرو..) ــ ساعتها، عرفت أنه معجب (بعادل إمام) في مسرحية (شاهد ما شفش حاجة)، فهززت له رأسي علامة الحيرة والأسف. Meshal.m.sud.1@gmail.com
مشاركة :