أكدت مصادر مطلعة أمس أن الاتحاد الأوروبي بدأ يفقد بشكل متسارع ثقته بأن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون يمكنه التوصل لاتفاق بحلول موعد 31 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، بسبب وصول محادثات الخروج الأوروبي "بريكست" إلى طريق مغلق في ظل تضارب في المفاهيم. وأوردت وكالة أنباء "بلومبيرج" الأمريكية أن المسؤولين الأوروبيين ينظرون إلى خطاب جونسون التحريضي كعائق وإن كانوا لم يفقدوا الأمل في إمكانية حدوث انفراجة خلال الأسابيع الخمسة المقبلة. وتتلاشى ثقة الاتحاد الأوروبي باستراتيجية رئيس الوزراء البريطاني السياسية وقدرته على الفوز بموافقة البرلمان بشكل سريع، وفقا لأربعة أشخاص مطلعين على المفاوضات. وبغض النظر عن الاختلافات الجوهرية، لا يتفق الجانبان بشأن موقف الجهود المبذولة للحيلولة دون خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية دون اتفاق. وفي الوقت الذي ذكرت فيه الحكومة البريطانية أن المحادثات تحرز تقدما، يرى الاتحاد الأوروبي أن مقترحات جونسون تفتقر إلى التفاصيل والجدية. من جهة أخرى، ذكرت جماعة ضغط خاصة بالشركات والأعمال الصغيرة في بريطانيا أمس أن متوسط تكلفة الاستعداد للخروج من الاتحاد الأوروبي يبلغ نحو 2000 جنيه استرليني (2470 دولارا) لكل شركة. ونقلت وكالة "بلومبيرج" للأنباء عن مايك شيري، رئيس اتحاد الشركات الصغيرة قوله إن "10 في المائة فقط من الشركات استعدت لمرحلة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي". ونشر اتحاد الشركات الصغيرة أمس نتائج استطلاع آراء 1062 شركة بشأن استعداداتها لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأوضح شيري أن "الغموض الذي يكتنف عملية الـ"بريكست" هو السبب وراء بطء عملية الاستعداد .. في حين أن الحكومة البريطانية قامت بتسريع وتيرة خطة الطوارئ، التي تقوم بتنفيذها، إلا أن كثيرا من الشركات لا ترغب في إنفاق مواردها المحدودة اعتمادا على نتائج قد لا تحدث". وتسلط هذه النتائج الضوء على التحديات، التي تواجه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في الوقت الذي يحاول فيه تجهيز البلاد للخروج من الاتحاد الأوروبي بحلول 31 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. في المقابل، ذكر تقرير أن شركات الأدوية في بريطانيا ليست مستعدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. وذكر المكتب الوطني للمحاسبة أنه بحلول 20 أيلول (سبتمبر) الماضي، كانت شركات الأدوية لديها مخزون يكفي 72 في المائة فقط من احتياجات خطوط تصنيع الدواء. وأضاف التقرير، الذي أوردته وكالة "بلومببرج" للأنباء أنه في منتصف شباط (فبراير) الماضي، كان المخزون يكفي لتغطية احتياجات 91 في المائة من خطوط إنتاج الدواء في بريطانيا. وذكر مسؤول حكومي بريطاني أن تقرير المكتب الوطني للمحاسبة بشأن حجم المخزون في 20 أيلول (سبتمبر) تقرير قديم، وأوضح أن حجم المخزون يكفي حاليا 72 في المائة من الاحتياجات، فيما أكدت متحدثة باسم وكالة الرعاية الصحية والاجتماعية في بريطانيا أن المخزون يتزايد بشكل يومي. وحذر مكتب المراجعة الوطنية البريطاني من أنه "ما زال هناك أعمال كبيرة للقيام بها" لضمان ألا تواجه البلاد نقصا في الأدوية، حال الخروج دون اتفاق. وأضاف المكتب "هناك مخاطر في تأخير الإمدادات الخاصة بالرعاية الصحية والاجتماعية، حال مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي دون اتفاق". ووسط توقعات بـ"حالات أسوأ"، تشير إلى تقليص بنسبة تراوح بين 40 و60 في المائة في تدفق السلع عبر القنال الإنجليزي، بين جنوب إنجلترا وفرنسا، أعرب المكتب عن قلقه من أن إدارة الصحة والرعاية الاجتماعية تفتقر إلى معلومات حول مستويات المخزون. وطالب المكتب الإدارة بضمان وجود قدرة شحن كافية للسلع ذات الأولوية والتأكد من أن قطاع الرعاية الاجتماعية، بما فيه دور الرعاية، لديه خطط طوارئ. وفي سياق التوابع، تأثرت سوق العقارات سلبا في بريطانيا بتداعيات "بريكست"، وسط تراجع الأسعار بخاصة في العاصمة لندن المعروفة بأسعارها المرتفعة جدا. وتقول بياتريس كابوش، مديرة شركة "بارنز يوكاي"، إن "السوق متوقفة"، وتكاد أسعار البيع لا تتحرك في البلاد، ففي شهر تموز (يوليو)، لم تزد إلا بمعدل 0.7 في المائة على مدى سنة، في أبطأ وتيرة لها منذ نهاية 2012، ويعزو الخبراء هذا التباطؤ إلى "بريكست" الغموض الذي ينجم عنه منذ ثلاثة أعوام. وترى يال سلفين، الخبيرة الاقتصادية في المكتب البريطاني لمؤسسة "كاي. بي. إم. جي" المتخصصة في دراسة الأسواق، أن "سوق الإسكان راكدة منذ 2016"، وهو ذاته تاريخ استفتاء "بريكست". وأوضحت أن السبب يكمن "في التغيرات الطارئة في الضريبة على الممتلكات، ولكن أيضا بسبب الغموض، الذي يلف بريكست". وأدى هذا الوضع إلى تأجيل كثير من المشترين عمليات الشراء خشية دفع مبالغ باهظة في وقت قد تهبط الأسعار بحال حصول "بريكست" دون اتفاق. وفي الطرف الآخر للمعادلة، لا يرغب البائعون في تصفية ممتلكاتهم ويفضلون الاحتفاظ بها، ولو فارغة، في وقت تواجه البلاد أزمة سكن. وفي لندن، تراجعت الأسعار 4 في المائة في الفصل الأول من 2019، بحسب المؤشر الوطني لأسعار السكن، وهو أكبر تراجع منذ 2009 والأزمة المالية. ويشير مكتب الدراسات "بانتيون ماكرواكونوميكس" إلى أن سوق العقارات البريطانية لامست أدنى مستوى، فيما من المنتظر أن "تخرج تدريجيا من حال الركود، التي تسبب فيها بريكست" وسط توقعات بنمو 1.2 في المائة العام المقبل، ولكن شرط "ألا يتحقق أبدا بريكست دون اتفاق".
مشاركة :