أكد إمام وخطيب المسجد الحرام د. ماهر المعيقلي، أن اليأْس والقُنوط، من كبائر الخطايا والذنوب.» تفاؤل وأملوقال في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس: إن الذين يعمرون الأوطان، ويبنون الحضارات، هم أكثر الناس تفاؤلا وأملا، أما المُتشائِمون، فهم لا يعمرون أرضا، ولا يبنون وطنا، ولا يصنعون حضارة، وإن مما يعين على التفاؤل، ويثبت الأمل، تقوية الإيمان في القلب، ولا يكون ذلك، إلا بمعرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلى، وتلاوة كتابه وتدبره، والتصديق بوعده، والإكثار من ذكره ونوافل عبادته، والتأمل في سيرة نبيه صلى الله عليه وسلم.» إحسان الظنوأوصى المسلمين بإحسان الظن بربهم، وأن يؤملوا الخير ويتفاءلوا به، ولا يجعلوا لليأس طريقا لقلوبهم، ففي الحديث الصحيح: «قَال الله عزّ وجلّ: أنا عند ظنّ عبدي بي، فليظنّ بي ما شاء» قَال القرطبي في المفهِم: «معنى ظنّ عبدي بي، ظنّ الإجابة عند الدعاء، وظنّ القبول عند التوبة، وظن المغفرة عند الاستغفار، وظن المجازاة عند فعل العبادة بشروطها، ولذلك ينبغي للمرء، أَن يجتهِد في القيام بما عليه، موقنا بأن اللَّه يقبله ويغفر له، لأنه وعد بذلك، وهو لا يخلف الميعاد، فإن اعتقد أو ظنّ أنّ اللّه لا يقبلها، وأنّها لا تنفعه، فهذا هو اليأس من رحمة اللَّه، وهو من الكبائر، ومن مات على ذلك وكل إِلى ما ظن».» رجاء وتوكلولفت الشيخ المعيقلي إلى أن اليأس والقنوط والتشاؤم، صفات مقيتة، وسمات سيئة، تضعف الإيمان، وتغضب الرحمن، وتورث الحسرة والندامة، فمن أساء الظن بربه، ولم يتحرّ الخير في قوله، عوقب بسوء ظنه ولفظه، فإن البلاء غالبا موكل بالمنطق.ودعا المسلمين إلى تقوى الله والتوكل عليه، وأن يؤمّلوا ويتفاءلوا بتوفيقه ونَصْرِهِ، وأن يؤمنوا بقضائه وقدره، فمن توكل على ربه، وأحسن الظن به، وتفاءل بمستقبل أمره، وسعى لتحقيق غايته؛ سلك طريق الفلاح والنجاح، بقلب مطمئن بالإيمان، ونفس راضية عن الرحمن، فلا تزيده المحن، إلا إشراقا وتفاؤلا، ورجاء وتوكلا.» دافع للعملوأبان أن التيمن والتَّفَاؤُل، وَتَأْمِيلَ الْخَيْرِ وصلاحِ الأمر، مِنْ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ تعالى، والثّقة به جل وعلا، وهو دافع للعمل، بل ولإحسانه وإتقانه، فلذا غمر التفاؤل حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وربّى عليه صحابته الكرام، ورسّخ ذلك بقوله وفعله، فكان إذا سـمع اسما حسنا، أو كلمة طيبة، أو مرّ بمكان طيب، انشرح صدره، واستبشر بما هو عازم عليه، تفاؤلا وأملا، وحسن ظن بالله تعالى، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنّ النبي صلى اللَّه عليه وسلم، كان يعجبه، إذا خرج لحاجته أن يسمع: يا راشد، يا نجيح، وسمع صلى الله عليه وسلم كلِمة من رجلٍ فأعجبته، فقال: «أَخَذْنَا فَأْلَكَ مِنْ فِيكَ»، أي: تفاءلنا من كلامك الحسن، تيمّنا به.وبين الشيخ المعيقلي أنه في سفر الهجرة، لما قدم صلى الله عليه وسلم المدينة، نزل في عُلوها، تفاؤلا بعلو دينه، وكان من هديه صلى الله عليه وسلم إذا استسقى، قلب ردائه بعد الخطبة، تفاؤلا وأملا، بتحوّل حال الجدب إلى الخصب، مشيرا إلى أن سهيل بن عمرو لما جاء، ليتفاوض مع النبي صلى اللَّه عليه وسلم في يوم الحديبية، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه متفائلا: «لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ»، فكان كما أمّل، حيث كان مجيء سهيل، سبب خير للإسلام والمسلمين بل كان صلى الله عليه وسلم، يغيّر الأسماء المنافية للتفاؤل.
مشاركة :