كشف خبراء عاملون في صناعة السياحة لـ«الشرق الأوسط» أن تدخل الدولة عبر ذراع التمويل لتنمية السياحة، بعد جملة التشريعات والتنظيمات التي تقوم عليها البلاد حالياً لتشجيع السياحة، سيحدث نقلة منتظرة على صعيد تهيئة البنى التحتية والإمكانيات الخدمية وتوفير البيئة المهيئة لجذب السياح إلى المملكة.وتزامناً مع إطلاق السعودية التأشيرة السياحية لأول مرة في تاريخها، أفصحت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني عن تأسيس صندوق تمويل برأسمال قوامه 15 مليار ريال (4 مليارات دولار) سيعمل على تنمية القطاع الخاص وتشجيعه على الاستثمار السياحي من خلال تقديم تسهيلات مالية لمشروعات تتعلق بقطاع السياحة والأنشطة المنضوية تحته.وبحسب تصريحات رئيس مجلس إدارة هيئة السياحة أحمد الخطيب، فإن تأسيس الصندوق يتماشى مع خطط المملكة لرفع مساهمة القطاع السياحي في الاقتصاد الوطني من نحو 3 في المائة في الوقت الراهن إلى نحو 10 في المائة بحلول عام 2030. في ظل ما يتوفر في البلاد من فرص واعدة تدفع لمزيد من المشروعات والاستثمارات.وقال مهيدب المهيدب، المدير التنفيذي لشركة الصرح للسياحة، لـ«الشرق الأوسط»، إن التأشيرة السياحة كانت مطلباً للعاملين في النشاط منذ أكثر من عقدين من الزمن، لافتاً إلى أن الجهود التي بذلت تجد النور وتفتح أبواب المملكة للزائرين من بلدان عديدة في العالم، مؤكداً أن المملكة تحوي مواقع وأمكنة يمكن أن تجذب الكثيرين من السياح إلى داخل البلاد.وأفاد المهيدب - وهو خبير سياحي وأحد أبرز العاملين في المجال - بأن مواقع كـ«مدائن صالح» كانت على ألسنة السياح في العالم من خلال الاحتكاك بهم وترويج السياحة لهم في المملكة، داعياً في الوقت ذاته إلى العناية بملف البنى التحتية في المملكة طالما أن الدولة فتحت مسار الدعم والتمويل لمشروعات السياحة.وأفاد المهيدب بأن المطالب بضرورة تدخل الدولة لدعم الاستثمار السياحي للقطاع الخاص كان إحدى الركائز التي يدعو لها العاملون في قطاع السياحة في البلاد، مشدداً على أن الاجتماعات واللقاءات التي ينظمها المشتغلون في القطاع تؤكد أن دعم الدولة هو حجر أساس لقيام صناعات وأنشطة تدعم البنى التحتية لنجاح السياحة.ويرى المدير التنفيذي لشركة الصرح للسياحة أن وجود صندوق تمويلي سيحقق نجاحاً ملموساً في حال تفاعله مع الفرص التي ستقدم له، وأبدى مرونة عالية مع المشروعات المقترحة، مستشهداً بتجربة صناديق التمويل التابعة للدولة كالصندوقين العقاري والصناعي اللذين قفزا بنشاطات التشييد السكاني والمصانع وانعكس آثرهما جلياً على الاقتصاد.وتوقع المهيدب أن ينعكس فتح التأشيرة على صناعة السياحة المحلية وبالتالي على الشركات العاملة في نشاط السياحة والسفر السعودية، متوقعاً دخول الشباب والشابات بشكل كبير في هذه الصناعة، كما يرشح أن يتضاعف التوظيف في المكاتب المتخصصة 10 مرات عن الأعداد العاملة حالياً.ويرى المهيدب أن التحديات الماثلة أمام صناعة السياحية والاستثمار بها ما يتعلق بالظروف السياسية، إذ إن السياحة من أشد القطاعات الاقتصادية تأثراً بالأخبار الجيوسياسية في الوقت الذي هي أسرع الأنشطة قياماً من كبوة أي ظروف أو مناخات متوترة.من جهته، أكد لـ«الشرق الأوسط» أحمد بن محمد بن غيث، المدير التنفيذي لوكالة ابن غيث، أن التوجهات الأخيرة المتضمنة قرارات كالتأشيرة السياحية وإطلاق صندوق تمويلي جمعيها ستصب في صالح الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن الصندوق يعد رافعة ضرورية لدعم ما يحتاجه القطاع وفتح آفاق مبادرات في مجال صناعة السياحة.وأشار ابن غيث إلى أن الاتجاه الأخير نحو صناعة السياحة السعودية سيقوم بدفع قطاعات حيوية في الاقتصاد، كالفنادق وشركات الاتصالات والنقل والترفيه والمجمعات التجارية، مستطرداً بالقول: «سنحتاج بعض الوقت إلى حين ظهور الأثر الاقتصادي».وأفاد المدير التنفيذي لوكالة ابن غيث السياحية عن توقعه بمدى متوسط يتراوح بين 3 و5 سنوات حتى ظهور الأثر الاقتصادي من السياحية، مشيراً إلى أن البنى التحتية الحالية كبيرة وستفي بالغرض في ظل ترقب المزيد من المشروعات والأعمال الضخمة قريباً، لافتاً إلى أن صناعة التنظيم والإرشاد في سياحة البراري وزيارة المواقع البرية في فصول الشتاء والربيع بمواقع صحاري كـ«الدهناء» و«الربع الخالي» يمكن أن تكون إحدى الوجهات ذات الجذب الأكبر.وأوضح ابن غيث أن شباب الأعمال والمبادرين ورواد المشروعات سيجدون فرصة ذهبية حالياً بوجود صندوق مختص بتنمية السياحة يقوم على توفير التسهيلات المالية، حيث لا يزال الباب مشرعاً أمام الاستثمار في العقار السياحي والمرافق ونشاطات المطاعم والنقل.يذكر أن صندوق التنمية السياحية سيجاور صناديق تمويلية تتبع للدولة، وهي صندوق التنمية الاجتماعية، وصندوق التنمية العقارية، وصندوق التنمية الزراعية، وصندوق التنمية الصناعية السعودي.
مشاركة :