ربما كانت خسارة مانشستر يونايتد أمام وستهام يونايتد بثنائية نظيفة يوم الأحد الماضي هي أسوأ لحظة بالنسبة للمدير الفني النرويجي أولي غونار سولسكاير منذ توليه مهمة قيادة الفريق قبل 9 أشهر، باستثناء الهزيمة المذلة أمام إيفرتون برباعية نظيفة في أبريل (نيسان) الماضي. وقال سولسكاير بعد مباراة وستهام يونايتد: «لقد قلت هذا مرات كثيرة، نحن في مرحلة إعادة بناء للفريق، واللاعبون يبذلون كل ما في وسعهم». وفي الحقيقة، هناك مشكلة أساسية في هذا التصريح من جانب سولسكاير، لأنه من المعروف في عالم كرة القدم أنه عندما تقدم للاعبين الأعذار بعد أي خسارة أو تعثر، بحجة أن النادي في مرحلة انتقالية وإعادة بناء، فإنهم سوف يلقون باللوم على هذه الحجج والأعذار بعد ذلك. ويجب الإشارة إلى أن مصطلح إعادة البناء أو الفترة الانتقالية يعني أن الأمور ستتحسن تدريجياً، وتصبح أفضل في نهاية المطاف في مرحلة ما غير محددة في المستقبل، لكن في الوقت الحالي قد تكون هناك مطبات على الطريق، وهي العبارة التي استخدمها سولسكاير بعد الخسارة أمام وستهام يونايتد بشكل يروج لفكرة تقبل الخسارة والتسامح معها. ومن هذا المنطلق، فلن يكون من الغريب أن نرى المدير الفني النرويجي يخرج علينا قريباً ليتحدث عن عدم القدرة على المنافسة على الأهداف التي كان قد حددها النادي من قبل، وهو الأمر الذي يسمح للنادي بالانحراف عن المسار الصحيح! إنه ليس تشبيهاً مباشراً، لكن لنتذكر ما حدث عندما أعلن المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون، في بداية موسم 2001-2002، أنه سيترك منصبه بنهاية الموسم؟ لقد أكد فيرغسون نفسه أن عدداً كبيراً من اللاعبين قد «لانت عزيمتهم» بعد تصريحه بأنه سيرحل عن الفريق بنهاية الموسم، وهو الأمر الذي أجبره على تغيير رأيه، وإعلانه أنه سيستمر مع الفريق. ومن الواضح الآن أن مانشستر يونايتد قد انحرف عن المسار الصحيح، وأن فترة شهر العسل بالنسبة لسولسكاير، التي بلغت ذروتها بعد فوز الفريق على باريس سان جيرمان على ملعب «حديقة الأمراء» بـ3 أهداف مقابل هدف وحيد في دوري أبطال أوروبا في مارس (آذار) الماضي، وهي الليلة التي بدا حينها أن كل شيء ممكن، قد انتهت منذ فترة طويلة. وعندما فاز مانشستر يونايتد في تلك الليلة، كان سجل سولسكاير مع الفريق في جميع المسابقات كما يلي: 14 فوزاً، وتعادلان، وخسارة وحيدة. وكانت هذه الخسارة الوحيدة في مباراة الذهاب أمام باريس سان جيرمان. ومنذ ذلك الحين، فإن مانشستر يونايتد تحت قيادة سولسكاير حقق الفوز في 5 مباريات، وتعادل في 4، وخسر في 10 مباريات، في جميع المسابقات. وفي الدوري الإنجليزي الممتاز، فاز الفريق في 4 مباريات، وتعادل في 4، وخسر في 7؛ أو بمعنى آخر: جمع الفريق 16 نقطة من 15 مباراة! وبهذا المعدل، فإن الفريق سيحصل على مدار الموسم الذي سيلعب خلاله 38 مباراة 40.5 نقطة، وهو ما يعني عملياً أن الفريق قد يكون ضمن المراكز المؤدية للهبوط من الدوري الإنجليزي الممتاز! وقد تداول الآلاف من مستخدمي موقع «تويتر» مقطع فيديو بعد خسارة مانشستر يونايتد أمام وستهام يونايتد، وانتشر هذا المقطع انتشار النار في الهشيم. ويبدو أنه يُظهر مدافع مانشستر يونايتد فيل جونز، الذي كان يجلس في المدرجات بعد استبعاده من قائمة الفريق، وهو يتمتم غضباً من جمهور وستهام يونايتد الذي كان يغني بكلمات من بينها أن «سولسكاير سيقال من منصبه في الصباح». ونقلت عدسات التلفزيون نائب رئيس مانشستر يونايتد، إد وودوارد، وهو يقول لجونز: «نحن أمام عدسات التلفزيون، توقف». وفي الحقيقة، من الصعب معرفة السياق الحقيقي لما يحدث داخل مانشستر يونايتد. لكن على أي حال، يبدو أن الأمور لا تسير بصورة جيدة، وتتماشى مع الانطباع العام بوجود قدر كبير من الفوضى، التي كانت واضحة عندما اضطر ماركوس راشفورد للخروج مع الملعب بعد إصابته بشد عضلي، ونظرة سولسكاير إلى مقاعد البدلاء ليبحث عن بديل لراشفورد! لقد كان الفريق يفتقد لخدمات أنطوني مارسيال بسبب الإصابة، كما لم يسافر ماسون غرينوود، البالغ من العمر 17 عاماً، مع الفريق بسبب معاناته من التهاب اللوزتين. ولم يجد سولسكاير خياراً آخر سوى الدفع بلاعب خط الوسط المهاجم جيسي لينغارد، وأن يطلب منه أن يلعب كمهاجم وهمي! ومن السهل أن يربط البعض بين إصابة راشفورد ومشاركته في عدد كبير من المباريات مع مانشستر يونايتد خلال الموسم الحالي. وشارك راشفورد في جميع مباريات فريقه في جميع المسابقات، باستثناء 5 دقائق فقط، وتم الضغط عليه لكي يكمل مباراة فريقه في الدوري الأوروبي أمام آستانة، بطل كازاخستان، على ملعب «أولد ترافورد». وفي الحقيقة، لم يكن مانشستر يونايتد بحاجة للمعاناة من أزمة إصابات بين الفريق لكي يدرك أنه لا يضم كثيراً من الخيارات من اللاعبين أصحاب الفنيات والقدرات الكبيرة. ومن المؤكد أن مانشستر يونايتد قد عانى من قصور واضح فيما يتعلق بتدعيم صفوف الفريق على مدار عدة سنوات. وربما يكون الأمر الإيجابي في تصريحات سولسكاير بأن الفريق يمر بمرحلة إعادة بناء هو أنه يقول الحقيقة. وكانت فترة الانتقالات الصيفية الماضية هي أول فرصة بالنسبة للمدير الفني النرويجي لكي يضع بصمته على الفريق، ويتعاقد مع اللاعبين الذين يعتقد أنهم سيكونون قادرين على تقديم الإضافة اللازمة، وبالتالي كان التعاقد مع هاري ماغواير وآرون وأن بيساكا ودانييل جيمس يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح. لقد باع مانشستر يونايتد مروان فيلاني في يناير (كانون الثاني) الماضي، ثم تخلى خلال الصيف عن كل من أنطونيو فالنسيا وكريس سمولنغ وماتيو دارميان وأندير هيريرا وأليكسيس سانشيز وروميلو لوكاكو. قد يكون من الصعب الحديث بالتفصيل عن أسباب رحيل كل لاعب من هؤلاء اللاعبين، وما إذا كان ذلك صحيحاً أم لا، لكن الشيء الواضح أن رحيل هؤلاء اللاعبين قد ترك فراغاً كبيراً في قائمة الفريق، خصوصاً في بعض المراكز، وهو الأمر الذي لم يترك كثيراً من الخيارات أمام سولسكاير. ومن المؤكد أن عملية إعادة بناء الفريق ستتطلب المزيد من العمل، في ظل احتمال تخلي النادي عن مزيد من اللاعبين غير المرغوب في خدماتهم، والرغبة في التعاقد مع المزيد من اللاعبين الجدد. ومن المؤكد أيضاً أن الأمر سيستغرق بعض الوقت، على الأقل خلال العام المقبل أو عامين آخرين. وسيواجه مانشستر يونايتد صعوبات كبيرة في التعاقد مع لاعبين من الطراز الرفيع في الوقت الذي لا يشارك فيه في بطولة دوري أبطال أوروبا! وقد حصل مانشستر يونايتد على 8 نقاط من مبارياته الست الأولى في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو عدد النقاط نفسه الذي حصل عليها توتنهام هوتسبير وتشيلسي، لكن يبدو أن هناك شعوراً أكبر بالغضب في «أولد ترافورد»، وقدراً أكبر من الأضواء على سولسكاير. ربما يكون هذا بسبب الإشادة التي دائماً ما يتلقاها المدير الفني الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو بسبب نجاحه في بناء فريق قوي لتوتنهام هوتسبير، وحقيقة أن فرانك لامبارد قد بدأ للتو مسيرته في تشيلسي. ووصل الأمر لدرجة أن البعض يتساءل عما إذا كان سولسكاير هو الرجل المناسب لتولي القيادة الفنية لمانشستر يونايتد، وهو ما يشير إلى أن المدير الفني النرويجي سيواجه كثيراً من الضغوط والمخاطر خلال الفترة المقبلة.
مشاركة :