الكفيف والقطاع الخاص بين الواقع والمأمول

  • 9/29/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يحلم كل واحد منا بالأمان الوظيفي؛ لما فيه من الاستقرار الذي يتوافر في القطاع العام، ولكن لقلة الفرص الوظيفية في هذا القطاع، ونظرًا لكثرة الخريجين في كل فصل دراسي ولتكدس الوزارات بالموظفين، في الوقت الحالي يتجه البعض طوعًا أو كرهًا إلى القطاع الخاص ومنهم المكفوفون، فماذا قدمت شركات القطاع الخاص للكفيف؟ وماذا تريد منه؟  في البداية، يجب أن نعلم أن الكفيف هو مثلي ومثلك ومثل الذي لا يسمع أو يتكلم أو يتحرك، يحلم بالحصول على وظيفة توفر له حياة كريمة، وتعزز ثقته بذاته، لكن الحقيقة تبدو مختلفة، وذلك لوجود ضبابية عند أصحاب الشركات عما يستطيع الكفيف فعله من أعمال قد تضيف إليهم الكثير، وقد نتج عن هذا التصور بعض الممارسات السلبية التي أدت إلى توظيف كثير من المكفوفين برواتب زهيدة مقابل الاستفادة من أسمائهم في برامج التوطين دون السماح لهم بإثبات قدرتهم على القيام بمهمات العمل بشكل احترافي، وفي بعض الأحيان دون السماح لهم حتى بممارسة أي عمل على الإطلاق كبقية زملائهم! ما أدى إلى قتل طموح بعضهم، وشكل خيبة أمل لدى البعض الآخر، نستطيع القول إن قلة وعي كثير من المسؤولين في الشركات بقدرات وإمكانات المكفوفين، وما يمكنهم القيام به تجاه العمل وماهية الأدوات التي يحتاجونها للقيام بالعمل، تعد من أهم الأسباب للعزوف عن توظيفهم فعليًا، وأيضًا التخوف من مسألة تعرض المكفوفين للخطر أثناء التنقل في مقر العمل قد يكون مسوغًا آخر لدى البعض لرفض توظيفهم في بعض المنشآت، وكذلك قلق بعض المسؤولين من قلة إنتاجية الموظف الكفيف، أو اعتقاد البعض الآخر أن الشخص الكفيف غير قادر على القيام بالعمل إطلاقًا، وهذا شكَّل تحديًا إضافيًا أمام المكفوفين للانخراط في سوق العمل. كل هذه الأسباب أوجدت مبررات لدى كثير من مسؤولي التوظيف، إما باستبعاد المكفوفين من العمل وإما توظيفهم بشكل وهمي رغم تفوق المكفوفين في كثير من المجالات وحصولهم على أعلى الشهادات العلمية. وكي نضع الحلول أعتقد أن الأمور أصبحت أبسط مما يتصور البعض بكثير، فكفيف اليوم ليس ككفيف الأمس، فمع التطور التقني والتكنولوجيا المساعدة أصبح بالإمكان توظيف المكفوفين في وظائف متنوعة، مثل وظائف العلاقات العامة، والصحافة، والإذاعة، وتقنيات المعلومات، وكثير من الوظائف التي تعتمد على الحاسب الآلي، بشرط توفير الوسائل المعينة له من أجهزة وبرامج ناطقة، والتركيز على مسألة التوافقية للمعايير العالمية؛ لإمكانية الوصول إلى مواقع الويب والأنظمة التابعة للعمل حتى يتمكن الكفيف من التعامل معها بكل سلاسة. ومن أجل رفع الوعي تستطيع الشركات إنشاء برامج تدريب لموظفيها للتوعية بالإعاقة، وخلق بيئة عمل جاذبة للمكفوفين، ما يعود على الشركات بالنفع؛ نظرًا لتمكنهم من استغلال هذه الطاقات المهدرة. وبخصوص التنقل داخل المنشأة، فإنه لا يسبب أي تحدٍّ للمكفوفين، وذلك لقدرة المكفوفين على التكيف السريع مع البيئة العمرانية، فتهيئة المباني بما يعرف بالوصول الشامل سيكون مناسبًا لذوي الإعاقة عمومًا، وفي حال واجه المكفوفون صعوبات في التنقل داخل المنشأة لأي ظرف كان، فإنه بإمكانهم التدرب على استعمال العصي البيضاء، كل ذلك يسهل عملية التنقل لهم. ولا ينبغي الحكم على إنتاجية الكفيف إلا بعد تجربة مدى تأقلمه مع العمل وتوفير اللازم لذلك، فهو قادر على إثبات وجوده في القطاع الخاص، وهناك نماذج سعودية مشرفة من المكفوفين أثبتت نفسها بنفسها، وصنعت لها نجومية في سماء الإبداع.   وإجمالاً لما سبق، فالمكفوفون فئة لهم وجودهم في المجتمع، ومن حقهم الحصول على الفرص الوظيفية التي تؤمن لهم العيش الكريم كسائر أفراد المجتمع.

مشاركة :