بمشاركة إماراتية، يشيع حوالي ثلاثين من قادة الدول والحكومات من أنحاء العالم، اليوم الاثنين، الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك، الذي توفي الخميس الماضي عن 85 عاماً، غداة مراسم تكريم شعبي في قصر ليزانفاليد الباريسي، ألقى خلالها الفرنسيون النظرة الأخيرة على الرجل الذي صبغ حياتهم السياسية طوال أربعة عقود، وعرف بحبه للحياة، وعده البعض من أفضل رؤساء الجمهورية الخامسة، بالتساوي مع شارل ديجول.ويمثل دولة الإمارات في مراسم تأبين وتشييع الرئيس الفرنسي الأسبق، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، بحضور ثلاثين رئيس دولة وحكومة، وعدد من القادة السابقين.ويحضر مراسم التأبين، رئيس المفوضية الأوروبية، ورؤساء روسيا، وإيطاليا، والكونغو، ورؤساء حكومات بلجيكا، والمجر ولبنان. وأعلن قادة سابقون تزامنت فترات حكمهم مع عهد شيراك حضورهم بينهم، المستشار الألماني الأسبق جيرهارد شرودر ورئيس الوزراء الإسباني الأسبق، خوسيه ثاباتيرو، والرئيس السنغالي الأسبق عبدو ضيوف.ويحضر الجنازة الطبقة السياسية الفرنسية كلها، حتى رئيسة اليمين المتطرف مارين لوبان التي كان والدها يعتبر شيراك «عدواً».ووقف فرنسيون منذ الصباح، وسط مجمع ليزانفاليد العسكري بباريس الذي يضم قبر نابليون، قبل السماح لهم بإلقاء نظرة على النعش الذي وضع عند مدخل كاتدرائية سان لوي ديزانفاليد. ووضع النعش الذي لف بالعلم الفرنسي تحت صورة عملاقة لشيراك وبين عمودين أحدهما بألوان العلم الأوروبي، والثاني بألوان العلم الفرنسي.وأثارت وفاة شيراك، الإنسان الذي كان محباً للحياة، والسياسي اليميني المريض منذ سنوات طويلة، حزناً في فرنسا التي رأسها لمدة 12 عاماً (1995-2007)، بعدما شغل منصب رئيس بلدية باريس من 1977 إلى 1995.وحتى أمس الأول، حضر نحو خمسة آلاف شخص، بينهم يافعون، لتوقيع سجلات التعازي التي وضعت في قصر الإليزيه، معبرين عن إعجابهم بالرجل الذي أطلق منذ 2002 عبارة «بيتنا يحترق» في مواجهة التغيرات المناخية. معارض للحرب ضد العراق واشتهر شيراك بكونه مركز المعارضة الدولية لحرب العراق الثانية في العام 2003. واشتهر بعلاقاته مع قادة العالم العربي، وكان أول رئيس غربي يقوم بزيارة رسمية إلى لبنان في 1996 منذ انتهاء الحرب الأهلية فيها.وبحسب استطلاع لمعهد «إيفوب» نشرته صحيفة «لوجورنال دو ديمانش»، فان شيراك زادت شعبيته بعد انسحابه من العمل السياسي، وبات يعتبر بين الفرنسيين أفضل رئيس للجمهورية الخامسة (منذ 1958)، بالتساوي مع شارل ديجول.وفضل كثيرون تجاهل قضايا ارتبطت باسم الرجل الذي كان في 2011 أول رئيس دولة فرنسي سابق، يصدر بحقه حكم جزائي بالسجن سنتين مع وقف التنفيذ في قضية وظائف وهمية في بلدية باريس.وقال تيبو (23 عاما) الطالب في العمل الإنساني: «كان يتمتع بجانب إنساني لا يملكه كثيرون في السياسة اليوم. لم يكن مثالياً، لكنني أحبه لهذا السبب».وكتبت صحيفة «ليبيراسيون» اليسارية غداة وفاته «في لحظة غيابه نريد أن نتذكر شيراك الانسان أكثر من الرئيس». أما صحيفة لوفيجارو اليمينية، فكتبت: إن تعاطف المواطنين مع الرئيس الأسبق يأتي مما كان عليه أكثر منه مما فعل. واعتبرت أنه «تماهى مع ثوابت وتناقضات بلد عرف كيف يجسده كرجل دولة بأناقة وإنسانية». وكتبت إن شيراك «بفضائله ولحظات ضعفه كان فرنسياً في العمق».وكتبت صحيفة «لوجورنال دو ديمانش»: «شيراك لم يكن بالتأكيد ملاكاً. هذا المحب للحياة تجاوز بالتأكيد الخطوط الصفر، وكان ذلك ثمن السعي وراء السلطة»، مشيدة مع ذلك ب«رفيق الفرنسيين» وخصاله وهي البساطة والإقدام والمقاومة والطموح، لخدمة مصالحه طبعاً، ولكن أيضا لخدمة بلاده.وكان شيراك يرفض بلا هوادة اليمين المتطرف، ويملك حس التعايش الوطني، ويحمل المقاربة الديجولية لدور فرنسا الدولي باعتبارها قوة توازن ومخاطباً للجميع. حياة حافلة وولد الرئيس الفرنسي الراحل في العام 1932، وهو ابن مدير مصرف أصبح في مرحلة لاحقة مديرا لشركة داسو للطائرات. وخدم في الجيش خلال الحرب التي دارت بين الجيش الفرنسي والمقاتلين الجزائريين في العام 1954. وعرف بإعجابه بالجنرال ديجول، بطل الحرب العالمية الثانية، الذي ألهمه الدخول للحياة العامة. وتولى شيراك الرئاسة الفرنسية مرتين، ورئاسة بلدية باريس ثلاث مرات. وتولى منصب رئيس الوزراء مرتين (1974-1976 و1986-1988). وكان أسس حزبين هما «التجمع من أجل الجمهورية» و«الاتحاد من أجل حركة شعبية». وتولى العديد من الحقائب الوزارية، منذ أن كان في سن 34 عاماً، كما انتخب نائباً. (وكالات)
مشاركة :