يعول الرئيس الأميركي دونالد ترامب على معسكره الجمهوري ووسائل الإعلام المؤيدة له، إضافة إلى صفحته على تويتر لمواجهة خصومه الديمقراطيين الساعيين لعزله من منصبه. وانتقل الرئيس الأميركي من البناء الدفاعي القائم على طرح نفسه في موقع الضحية إلى البناء الهجومي القائم على توجيه التهم لمنافسه الديمقراطي المرجح في انتخابات 2020 جو بايدن. واشنطن- شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب المهدد بآلية عزل هجوما مضادا شرسا على خصومه الديمقراطيين، أملا في نقل مركز الاهتمام منه إلى خصمه جو بايدن. ويواجه ترامب وسط حملته للفوز بولاية رئاسية ثانية، خطر عزله، وفق آلية لم يسبق للكونغرس أن استخدمها في تاريخ الولايات المتحدة سوى ضد اثنين من أسلافه. وإن كانت فرص عزله تبقى ضئيلة في ظل الغالبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، إلا أن الخطر يبقى جسيما إلى حد يتطلب منه تعبئة مؤيديه. ودعا ترامب الجمهوريين في تغريدة محاها لاحقا إلى “البقاء موحدين” وإلى “القتال” لأن “مستقبل بلادنا على المحك”. ويواجه الملياردير النيويوركي أزمة خطيرة بسبب مكالمة هاتفية أجراها خلال الصيف مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وطلب منه خلالها التحقيق حول جون بايدن، في وقت تشير فيه استطلاعات الرأي إلى أن نائب الرئيس السابق هو المرشح الديمقراطي الأوفر حظا لهزم الرئيس في انتخابات 2020. ويرى الديمقراطيون في هذا الاتصال “سوء استخدام للسلطة” على قدر من الخطورة يبرر الشروع بآلية عزل لا تستخدم سوى في حالات نادرة جدا. ويردد ترامب منذ أسبوع أن اتصاله بزيلينسكي كان “خاليا من أي شوائب” و”قانونيا تماما” و”عاديا”. وأرسل البيت الأبيض بالخطأ إلى ديمقراطيين الأربعاء “عناصر تواصل” أُعدّت لمساعدة الجمهوريين في الكونغرس في الدفاع عن الرئيس. وتشدد الوثيقة على أن الرئيس “لم يقدم أي مقابل” لنظيره الأوكراني. ولكن وسيلة الدفاع الفضلى تبقى الهجوم، ويركز ترامب وأنصاره هجومهم على جو بايدن. ونشر الرئيس الجمعة إعلانا انتخابيا يؤكد أن “جو بايدن وعد أوكرانيا بمليار دولار إن أقالت المدعي العام الذي كان يحقق في شركة ابنه”. وعمل هانتر بايدن لحساب مجموعة غاز أوكرانية اعتبارا من 2014 في وقت كان والده نائبا للرئيس باراك أوباما، وحتى 2019، وجرى لفترة تحقيق قضائي بشأن عمله في الشركة ،غير أنه أغلق من غير توجيه أي اتهامات. وطلب جو بايدن عام 2015 من السلطات الأوكرانية إقالة المدعي العام الأوكراني للاشتباه بأنه كان يعرقل مكافحة الفساد في هذا البلد، وهو ما كان يطالب به إيضا الاتحاد الأوروبي وعدد من المنظمات الدولية الكبرى. وبالرغم من أن الأوكرانيين لم يتهموا يوما بايدن بأي نوايا مبيتة، يركز دونالد ترامب وأنصاره هجماتهم على المرشح الديمقراطي، وتلقى حججهم أصداء لدى العديد من مقدمي البرامج في شبكة فوكس. غير أن البعض في الشبكة نفسها يشككون في هذه الرواية. وقال كريس والاس أحد أبرز صحافيي “فوكس نيوز” إن “رسالة المدافعين عن الرئيس ليست مفاجئة، لكن أعتقد أنها مضللة”. وتهدّد القضية الأوكرانية بتقويض رئاسة الجمهوري دونالد ترامب، لكن المفارقة أنها تطول أيضا خصمة جو بايدن، منافسه الديمقراطي المرجّح للانتخابات الرئاسية الأميركية في 2020. وإذا كان باستطاعة هذا الأخير الاستفادة من الدفع الذي أعطته إياه القضية، على حساب عدد كبير من منافسيه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، لكنه أيضا يواجه خطر الخروج من هذه المعركة الشرسة متضررا بشكل كبير. تهدّد القضية الأوكرانية بتقويض رئاسة الجمهوري دونالد ترامب لكنها تطال أيضا خصمه الديمقراطي جو بايدن وأكد مسؤول من فريق حملته الانتخابية أن هذا الأسبوع كان “الأفضل بالنسبة إلينا من حيث جمع التبرعات منذ أول أسبوعين بعد دخول بايدن في سباق الانتخابات التمهيدية في أبريل”. وتأتي هذه النقطة المسجلة لصالح بايدن بعد أسبوع كان شهد تراجعا في شعبيته في استطلاعات الرأي حول ترشيحات الحزب الديمقراطي. ويقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية ديفيد لابلن إنه “من الصعب تخيّل وسيلة لحصول بايدن على المزيد من الدعم بين الديمقراطيين أفضل من التعرض لهجوم متواصل من جانب ترامب”. ويرى لابلن أن ذلك قد يكون طريقة لمعالجة “المشكلة الحقيقية” التي يواجهها بايدن في الانتخابات التمهيدية، إضافة إلى زلّاته الملحوظة، وهي “نقص الدعم القوي” من جانب الناخبين الديمقراطيين، مقارنة بالحماسة التي تثيرها المرشحة إليزابيث وورن. وقد تكون القضية هزّت مسار وورن، وقدّمت لبايدن فرصة ذهبية ليقدم نفسه على أنه على مسافة من كل ما حصل. وإذا كان بايدن يرفض اتهامات ترامب بحقه ويتهمه بأنه يحاول “مصادرة” الانتخابات، إلا أنه حافظ على رسالة حملته الانتخابية في ما يخص المواضيع الكبيرة التي تهمّ الأميركيين. ويشرح أستاذ العلوم السياسية سيث ماكي أن اتهام بايدن “هو التكتيك الرئيسي لتشتيت الانتباه لدى الجمهوريين الذين يدافعون عن الرئيس ولا أرى كيف يمكن أن يفيد ذلك” بايدن. ومن دون أن يكون في الأمر فساد بكل معنى الكلمة، لكن روائح المحسوبية التي تفوح من مسألة تعيين نجله في شركة “بوريسما”، قد تسيء إليه. ويشير الأستاذ المحاضر في جامعة “إيوا” تيم هايغل إلى أن “الوقت لا يزال باكرا لتحديد ما إذا كان ذلك سيساعد بايدن أم سيعوّقه”.
مشاركة :