بعد الهجوم على منشآت نفطية بالسعودية في 14 سبتمبر الماضي، أرسلت الولايات المتحدة مدمرة تابعة للبحرية الأميركية كعرض لدعم الحلفاء في المنطقة. لكن السفينة الحربية الأميركية "يو إس إس راماج" لم تبحر مباشرة إلى الخليج العربي، إنما رست، بشكل غريب، في ميناء بيروت بلبنان، البلد الذي يهيمن عليه حزب الله، وكيل الإرهاب الإيراني، بحسب ما جاء في تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، أعده طوني بدران، باحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD ، إلى جانب جوناثان شانزر، محلل تمويل الإرهاب السابق في وزارة الخزانة الأميركية، ونائب رئيس FDD. السياسات الأميركية تجاه لبنان ولفت التقرير إلى أن الولايات المتحدة تواصل التعامل مع لبنان كدولة صديقة، حتى وإن كان يصعب التمييز بين حكومته وحزب الله. وأضاف أنه في وقت سابق من هذا الصيف، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على مصرف جمال ترست اللبناني، لتسهيله معاملات حزب الله. وبعدها بأيام، أطلق حزب الله صواريخ على إسرائيل من الأراضي، التي يسيطر عليها في جنوب لبنان، بدعم من الحكومة اللبنانية، بحسب وصف التقرير. إلى ذلك، اعتبر أنه على مدى 3 إدارات أميركية، منذ ولاية جورج دبليو بوش الثانية، ذهب إجماع واشنطن بشأن لبنان إلى اتباع سياسات من قبيل "أن أفضل طريقة لمجابهة تحدي حزب الله هي تمكين السياسيين المعارضين له، وتعزيز مؤسسات الدولة، وحماية القطاع المصرفي"، لكن التقرير شبه تلك "السياسات بمكافحة السرطان باستخدام دواء وهمي، بينما المرض الخبيث يفتك بجسد المريض". تورط بنوك أخرى وعلى الرغم من أن الخزانة الأميركية وصفت مصرف جمال ترست بأنه "بنك حزب الله المفضل"، إلا أنه يكاد يكون من الصعب الجزم بأنه البنك اللبناني الوحيد، الذي يقوم بتمويل حزب الله، بحسب التقرير المذكور. ففي عام 2011 كشفت وزارة الخزانة عن عملية ضخمة لغسيل الأموال لحزب الله تم تنفيذها عبر البنك اللبناني الكندي، ما أدى إلى إغلاقه. وبعد 4 سنوات، فرضت وزارة الخزانة عقوبات على رجل الأعمال اللبناني قاسم حجيج، مؤسس ورئيس مجلس إدارة بنك الشرق الأوسط وأفريقيا آنذاك، لدعمه أدهم طباجة، ممول حزب الله. فاستقال حجيج وسلم المسؤولية لابنه. حزب الله خلال احياء عاشوراء إلا أن التقرير أوضح أن الخزانة الأميركية اختارت عدم فرض عقوبات على البنك، كيلا ينتج عن ذلك زيادة في زعزعة استقرار القطاع المصرفي في لبنان. لكن شبكة طباجة، عاودت، بحسب ما أفاد التقرير، ممارسة نشاطها مرة أخرى. ففي العام الماضي، قامت وزارة الخزانة بإدراج محمد الأمين في قوائمها السوداء لأنه يقوم بدور "شبكة الوصل بين طباجة ومسؤولي البنوك"، الذين "ساعدوا طباجة في التحايل على آثار العقوبات". وفي وقت سابق من هذا الصيف، تم فرض عقوبات ضد أمين شيري، نائب لبناني وعضو بحزب الله، لقيامه بـ"تسهيل وصول طباجة إلى البنوك اللبنانية". وتأتي كل تلك التطورات وسط نفي متكرر ومؤكد من جانب المصرفيين اللبنانيين، ورجال الأعمال في بيروت لاتهامات تزعم فساد النظام المصرفي. الجيش اللبناني أما المؤسسة التي تتلقى أكبر قدر من دعم الولايات المتحدة في لبنان فهي القوات المسلحة اللبنانية، التي تعمل جنبًا إلى جنب مع حزب الله على مستوى البلاد، بحسب ما زعم تقرير الصحيفة الأميركية. ولفت إلى أنه تم نشر أفراد القوى الأمنية اللبنانية بشكل مشترك إلى جانب عناصر حزب الله، على الحدود مع سوريا. إلى ذلك، ذكّر التقرير بقرار مجلس الأمن رقم 1701، الصادر عام 2006، والذي دعا لبنان إلى نزع سلاح حزب الله، في الجنوب اللبناني. لكن القوات المسلحة اللبنانية، غضت النظر، عن المسألة بحسب ما جاء في تقرير صحيفة وول ستريت جورنال، لا سيما بعد أن تأكد بأن حزب الله قضى عامين في حفر أنفاق الهجوم عبر الحدود إلى إسرائيل. كما سمحت القوات المسلحة اللبنانية باستيراد التكنولوجيا التي تنقلها الطائرات الإيرانية، عبر مطار لبنان الدولي، لتحديث قذائف حزب الله لتصبح صواريخ موجهة بدقة. واعتبر التقرير الأميركي أن حزب الله يسيطر على أجزاء كبيرة من البلاد، من جنوب لبنان إلى منطقة البقاع الشرقية وأحياء وضواحي بيروت، ناهيك عن الموانئ والمنافذ. تواطؤ وليس ضعف إمكانيات إلى ذلك، اعتبر أن المشكلة تكمن المشكلة في أن مواقف القوى الأمنية أو الحكومة اللبنانية تجاه حزب الله، ليست مجرد نقص في الإمكانيات والقدرة على السيطرة، إنما هي تواطؤ. وذكر بأن إسرائيل كشفت مؤخرًا عن منشأة صواريخ دقيقة تابعة لحزب الله في شرق لبنان، تبعد بعد مسافة قصيرة بالسيارة من قاعدة للقوات المسلحة اللبنانية، التي قدمت الولايات المتحدة معدات لتسليحها، بما في ذلك طائرات استطلاع مسيرة من طراز ScanEagle. كما أشار إلى أن القاعدة أو المنشأة المذكورة تستضيف مركز تدريب الحدود البرية، الذي تموله الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، والمصمم لمساعدة القوات المسلحة اللبنانية على تأمين الحدود اللبنانية التي يسهل اختراقها. وزارة الصحة اللبنانية ولفت إلى أن واشنطن تصر على مواصلة دعم بيروت ومؤسسات الدولة، لكن حزب الله وحلفاءه يملكون الأغلبية في البرلمان ويسيطرون على سياسات الحكومة الأمنية والخارجية. يذكر أن الولايات المتحدة كانت حذرت لبنان العام الماضي من السماح لجماعة حزب الله بالتحكم بوزارة الصحة التي تدر أرباحا عالية. إلا أن حلفاء أميركا اللبنانيين المزعومين تجاهلوا، بحسب التقرير، هذا التحذير. دولة حزب الله إلى ذلك، أشار التقرير إلى قيام وزارة الخارجية الأميركية بتصنيف لبنان منذ فترة طويلة على أنه "ملاذ آمن للإرهاب"، معتبراً أن الواقع أسوأ من ذلك بكثير! كما رأى أن لبنان مرتبط بالكامل بحزب الله، لا سيما مع قيام البنوك والجيش والحكومة نفسها بالتجاوب مع تلك المنظمة الإرهابية،. وختم التقرير مشدداً على أهمية مطاردة إدارة ترمب للبنوك اللبنانية "القذرة" المتورطة مع حزب الله، معتبراً أنه "حان الوقت لاعتراف واشنطن بلبنان كدولة حزب الله والتصرف وفقًا لذلك".
مشاركة :