يتوقع محللون نفطيون استمرار تقلبات الأسعار خلال الأسبوع الجاري بعد تراجعات قوية الأسبوع الماضي خسر فيها خام برنت 3.7 في المائة والخام الأمريكي 3.6 في المائة على أساس أسبوعي بفعل الاطمئنان إلى سرعة تعافي قطاع النفط السعودي علاوة على وجود مؤشرات قوية على تباطؤ الطلب العالمي جراء تصاعد حدة الحرب التجارية، مشيرين إلى الإصرار الأمريكي على إبقاء الضغط على إيران وتشديد العقوبات. وأوضح المحللون أن ما تحقق في قطاع النفط السعودي خلال فترة وجيزة يعد إنجازا قياسيا ويكشف عن الطاقات الهائلة في هذا القطاع الحيوي والغني بإمكانياته وموارده البشرية، لافتين إلى أن إنتاج الخام السعودي وقدرته الإنتاجية وصادراته حاليا تطمئن السوق على نحو واسع، حيث عادت الصناعة إلى طبيعتها تقريبا بعد هجمات 14 أيلول (سبتمبر) الماضي. في هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش آي" لخدمات الطاقة، إن انخفاض حدة التوترات في الشرق الأوسط أسهم في تراجع المخاوف، ومن ثم هبوط أسعار الخام، وهو أمر من المتوقع استمراره خلال تعاملات الأسبوع الجاري في ضوء تزايد الثقة بالسوق، خاصة مع قرب اكتمال خطة تعافي الإنتاج في السعودية بعد علاج كل الخسائر التي وقعت نتيجة للهجوم الإرهابي الأخير. وأضاف كيندي أن تحسن مستويات الثقة أدى إلى انخفاض العقود الآجلة بنسبة 2.9 في المائة في نيويورك مشيرا إلى أن جميع الارتفاعات والمكاسب السعرية الحادة التي تحققت منذ الهجمات الإرهابية في وقت سابق من هذا الشهر قد تلاشت. من جانبه، أوضح لـ "الاقتصادية"، روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن انخفاض الأسعار تتداخل فيها عوامل عديدة منها تعافي النفط السعودي وتباطؤ الطلب بسبب حرب التجارة وأيضا صدور بيانات اقتصادية سلبية تؤكد تباطؤ الصناعات التحويلية في ألمانيا وظهور مزيد من علامات الضعف الاقتصادي في الصين، إضافة إلى التأثير الناجم عن حدوث ارتفاع في المخزونات الأمريكية. ورجح نوبل أن تقود مخاوف الطلب وانكماش النمو إلى استمرار تراجع أسعار النفط، حيث تشير بعض توقعات التقارير الدولية إلى أن سعر 60 دولارا للبرميل قد يكون الأقرب إلى الاستمرارية والاستقرار، وهو مناسب لقطاع كبير من المنتجين، وبالطبع كل المستهلكين يفضلون الأسعار المنخفضة. من ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي شركة "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، إن السوق النفطية اجتازت بالفعل فترة قصيرة، ولكنها متوترة للغاية في الصناعة، بسبب الهجمات الإرهابية على المنشآت النفطية، التي أدت مباشرة إلى هبوط 5 في المائة من الإنتاج العالمي. وذكر كروج أن نفي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لاحتمالية رفع العقوبات على إيران عكس إصرار الإدارة الأمريكية على المضي قدما نحو مزيد من الضغوط على الاقتصاد الإيراني حتى الوصول بالصادرات الإيرانية إلى الصفر، كما هو مخطط سلفا، عادا أن استمرار الإمدادات البديلة ووفرة المعروض، التي على الأغلب ستكون سمة غالبة في السوق خلال العام المقبل ما يساعد على تحقيق ذلك الأمر. وكانت أسعار النفط قد تراجعت في ختام الأسبوع الماضي لتتكبد خسارة أسبوعية بفعل تعاف أسرع من المتوقع في الإنتاج السعودي، في حين يتخوف المستثمرون أيضا بشأن الطلب العالمي على الخام وسط تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني. وفي جلسة متقلبة، تراجعت العقود الآجلة لخام برنت 83 سنتا بما يعادل 1.3 في المائة ليتحدد سعر التسوية عند 61.91 دولار للبرميل، بعد انخفاضها إلى أدنى مستوى للجلسة عند 60.76 دولار للبرميل. ونزلت عقود الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 50 سنتا أو 0.9 في المائة لتغلق عند 55.91 دولار للبرميل، وكان أقل سعر لها خلال الجلسة 54.75 دولار للبرميل. وبحسب "رويترز"، تراجع خام برنت 3.7 في المائة على مدار الأسبوع، في أكبر خسارة أسبوعية له منذ أوائل آب (أغسطس)، ونزل غرب تكساس 3.6 في المائة، في أشد خسارة له منذ منتصف تموز (يوليو). وانخفضت عقود الخام جنبا إلى جنب مع سائر الأصول عالية المخاطر بعد توارد أنباء عن قيام الحكومة الأمريكية بدراسة إمكانية إلغاء إدراج شركات صينية في البورصات الأمريكية، حسبما أفاد مصدر مطلع على الأمر، وستكون تلك الخطوة تصعيدا جذريا في توترات التجارة بين الولايات المتحدة والصين. ويقول فيل فلين، المحلل لدى "برايس فيوتشرز جروب" في شيكاغو، "نتتبع بالفعل الأخبار من عنوان لعنوان"، فيما يرى جيم ريتربوش من "ريتربوش وشركاه" في مذكرة أن "تقلبات الأسعار تحتل صدارة المشهد في تحول صعودي كبير معظم الشهر الحالي على أساس يومي وأسبوعي". وألمحت وكالة الطاقة الدولية إلى أنها قد تخفض تقديراتها لنمو الطلب على النفط لعامي 2019 و2020 إذا زاد تراجع الاقتصاد العالمي. وخفضت الوكالة التي مقرها باريس في آب (أغسطس) توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعامي 2019 و2020 إلى 1.1 مليون و1.3 مليون برميل يوميا على الترتيب، في الوقت الذي تضغط فيه مخاوف التجارة على استهلاك الخام العالمي، مما يسفر عن نمو الطلب بأبطأ وتيرة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008. وذكرت شركة "بيكر هيوز" للاستشارات والخدمات النفطية أن عدد منصات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة تراجع خلال الأسبوع الحالي على خلفية تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية بعد استيعاب صدمة الهجوم الإرهابي على منشآت نفطية شرق السعودية. ونقلت وكالة "بلومبيرج" للأنباء عن تقرير "بيكر هيوز" القول إن عدد منصات النفط تراجع خلال الأسبوع الحالي بمقدار ست منصات عن الأسبوع الماضي إلى 713 منصة مقابل 719 منصة في الأسبوع الماضي، و863 منصة في الفترة نفسها من العام الماضي بتراجع سنوي قدره 150 منصة. وتراجع عدد منصات الغاز خلال الأسبوع الحالي بمقدار منصتين إلى 146 منصة، مقابل 146 منصة في الأسبوع الماضي و189 منصة في الأسبوع نفسه من العام الماضي بتراجع سنوي قدره 43 منصة. ووصل إجمالي عدد منصات النفط والغاز العاملة في الولايات المتحدة خلال الأسبوع الحالي إلى 859 منصة، بتراجع قدره ثماني منصات عن الأسبوع الماضي، ويعد عدد منصا ت استخراج النفط والغاز مؤشرا مبكرا على مستوى الإنتاج المستقبلي.
مشاركة :