أُحبُّ الشَّوَاهِد وأَقتَنص الاستشهَادَات، وأَحرِص عَلَى ذِكرهَا فِي مَقَالَاتي، ومَن يَقرأ لِي، مِن المُستَحيل أَنْ يَجد مَقالاً خَالياً مِن الاستشهَاد، أَو الاستدلَال، أَو الإتيَان بمَقولةٍ أَو حِكمة، لأنَّ الكَاتِب الذي يَستَعرض الشَّوَاهِد، يَعكس خَلفيّته الثَّقَافيَّة، وأَمَانَته العِلميَّة، بإرجَاعِ الأَفكَار والمَقُولات والخَوَاطِر إلَى أَصحَابهَا..! ومِن خِلال تَاريخي الطَّويل فِي الاستشهَاد، واستحضَار المَقُولات، وَجدتُ أَنَّها تَتنَاقَض وتَتَدَاخَل وتَتَشَابَه أَيضاً، ولَن أَذكُر أَدلّة كَثيرَة، لأنَّ المسَاحة ضيّقة، بَل سأَكتَفي بشَاهدٍ وَاحِد، وعَليكُم البَحث عَن البَقيَّة..! هُنَاك مَثَل يَقول: «إذَا أَرَدتَ أَنْ تَحكُم عَلَى أُمَّة، فانظُر إلَى قُضَاتها». هَذه المَقولة رَأيتُها تَتَكرَّر فِي كَثيرٍ مِن المَوضُوعَات، فمَثلاً يَقولون: «إذَا أَرَدتَ أَنْ تَحكُم عَلَى أُمَّة، فانظُر إلَى مَنَاهجهَا الدِّراسيَّة»، ويَقولون أَيضاً: «إذَا أَردتَ أَنْ تَحكُم عَلَى أُمَّة، فانظُر إلَى نَظَافة الشَّوَارع فِيهَا»، ويَقُولُون أَيضاً: «إذَا أَرَدتَ أَنْ تَحكُم عَلَى أُمَّة، فانظُر إلَى صَحَافتهَا»، ويَقولون أَيضاً: «إذَا أَرَدتَ أَنْ تَحكُم عَلَى أُمَّة، فانظُر إلَى نَظَافة دَورَات الميَاه العَامَّة فِيهَا»، ويَقولون أَيضاً: «إذَا أَردتَ أَنْ تَحكُم عَلَى أُمَّة، فانظُر إلَى حَيوَاناتهَا»، ويَقُولُون أَيضاً: «إذَا أَرَدتَ أَنْ تَحكُم عَلَى أُمَّة، فانظُر إلَى طَريقة قيَادة السيَّارَات فِيهَا»..! حَسنًا.. مَاذَا بَقي؟! بَقي أَنْ نَقول: إنَّ كُلّ كَاتِب، يُحاول أَنْ يدعم فِكرته بالشَّوَاهِد، ويُحضر لَهَا مَا يُناسبها، حتَّى يقنع القُرَّاء، وهَذا مِن حقّه، ولَكُم أَنْ تَتخيَّلوا أَنَّ كَاتِبَة مِن الكَاتِبَات، تُريد أَنْ تُقنع المُجتمع؛ بضَرورة احترَام المَرأَة ستَقول: «إذَا أَرَدتَ أَنْ تَحكُم عَلَى أُمَّة، فانظُر إلَى وَضع المَرأَة فِيهَا»..!!
مشاركة :