هل يقف الإبداع حجر عثرة في طريق ريادة الأعمال؟

  • 10/1/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يتساءل كثيرون عن كيفية نجاح شخص محدود التعليم والموهبة والكفاءة في تأسيس شركة قيمتها تتعدى الملايين، في نفس اللحظة التي قد يفشل فيها شخص صاحب تعليم متميز وذكاء وفكر ورؤية ومتعدد المواهب في تأسيس شركته ويخسر كل ما جمعه من أموال. أكدت العديد من الكتب المتخصصة في ريادة الأعمال ومقالات الرأي، أن فرص نجاح مؤسس الشركة صاحب المهارات العادية المتوسّطة أكبر من صاحب المهارات المتميزة المشهود له بالكفاءة والخبرة والموهبة، معتبرين أنها تُمثل عائقًا كبيرًا لأصحابها في النجاح. إن معظم روّاد الأعمال الناجحين الذين أداروا شركات ناشئة قيمتها مليارات هم أشخاص عاديون وليسوا عباقرة، عكس ما كان يروّج له الكثيرون بأن رائد الأعمال يجب أن يبتكر منتجات أو خدمات ثورية عبقرية جديدة، ليصبح ناجحًا ومتميزًا. نقف من خلال هذا المقال، على الأسباب الحقيقية وراء نجاح رواد الأعمال التقليديين في مشاريعهم عن المبتكرين، والتي حصرناها في التالي:     منهجية التبسيط تعدد المهارات والذكاء لا يخدم في كل الأحوال رواد الأعمال؛ حيث اعتاد الأذكياء دراسة الأمور البسيطة والتعمّق فيها بل تعقّيدها، وذلك لعدم اعترافهم بمبدأ تبسيط الأشياء من الأساس، متجاهلين قدرته على تحقيق النجاح لمتبعيه في عالم الأعمال، بأي تخصص أو مجال. إن عملية التعقيد تمر بسلسلة طويلة من المراحل والوظائف شديدة البساطة؛ ما يؤدي إلى خلق مشروعات عملاقة ذات خدمات ومنتجات متميزة، لذلك يجب أن تلتزم بمنهجية تبسيط الأعمال والعمليات والمهام حتى تبلغ النجاح.   لا يخشى الفشل يُعد الخوف من الفشل واحدًا من أهم المعوقات التي تواجه رائد الأعمال، خاصًة عند بداية تدشين مشروعه، فهو سلاح ذو حدّين، قد يتسبب في تحفيز صاحبه على تكثيف عمله لتجاوز الخوف من المخاطرة، ومن جهة أخرى قد يتسبب في دفع صاحبه لعمل دراسة تفصيلية؛ لخوفه من الإقدام على تلك الخطوة والمخاطرة بجهده ورأس ماله؛ ما يعيق تنفيذ المشروع، وفي كلتا الحالتين ستصبح النتائج مختلفة. لذلك، يجد رائد الأعمال نفسه حائرًا ما بين الخوف من قوة الفكرة والقدرة على تنفيذها، والخوف من تكلفة هذه الفرصة وتأثيرها في الحياة، وكذلك الخوف من عدم الاستقرار المالي عند بدء شركته الناشئة، والخوف من عدم قدرته على جذب تمويل، وفي الغالب يستمر رائد الأعمال العادي الذي لا يفكر كثيرًا ويعتمد على تخطيط محدد، ولا يخاف من تنفيذ مشروعه ولا يخشى عواقب اتخاذ قراره رغم دراسته لها، أما رائد الأعمال المبتكر والمُبدع فهو من يفشل؛ بسبب تفكيره الزائد وخوفه المبالغ فيه. تحمل مخاطر غير محسوبة النتائج غالبًا ما يعتقد الشخص الطبيعي صاحب المهارات المتوسطة أنه لا ضرر إذا تخلى عن وظيفته المملة الروتينية التي لا تضمن له أي تقدم وظيفي أو نجاح على المدى القريب أو البعيد، ويبدأ في تأسيس شركته الناشئة دون أن يأبه لأي عقبات أو مخاطر قد تواجهه في تحقيق ما يصبو إليه. وعلى النقيض تمامًا، نجد أن الشخص الموهوب الذكي يستطيع أن يشقّ طريقًا جيدًا في خطة وظيفته النظامية بالشركات الكبرى العملاقة، التي تُتيح له العديد من الاختيارات والفرص المميزة خلال مسيرته الوظيفية، وكل منها تحمل في طياتها تحقيق الأمان الوظيفي والراحة النفسية والاستقرار الاجتماعي. لذلك، يجد الشخص الذكي صاحب المسيرة الوظيفية المتميزة، نفسه متقيدًا بقيد ذهبي بسبب وظيفته المريحة والآمنة التي تمثل عائقه الأبرز عن البدء في تأسيس شركته الناشئة؛ ليصبح الأمر بالنسبة إليه أقرب إلى مغامرة ومخاطرة غير محسوبة النتائج تصحبها حالة نفسية سيئة من شعور بعدم الاستقرار والأمان، وبمهام جديدة مرهقة وعدد ساعات أكثر؛ لذلك يُعّد تخلّيه عن وظيفته قرارًا مجنونًا شديد الصعوبة؛ بل أقرب إلى الانتحار، خاصًة في ظل تراجع معدلات التوظيف العالمية. والمحصلة في النهاية، أنه من السهل والمفضّل لأصحاب المواهب العادية البدء في تأسيس شركة ناشئة بدلاً من الانشغال بوظيفة روتينية مملة؛ بينما يكون من المستحيل لأصحاب الكفاءات التخلي عن مسيرتهم الوظيفية لبدء تأسيس شركاتهم الناشئة الخاصة.   تفويض فريق العمل ككل نجاح الشركات الناشئة يقوم على تفويض فريق العمل ككل، ولا يعتمد على فرد واحد فقط؛ هذه النقطة تعتبر أساسية وطبيعية عند أصحاب الأعمال العاديين الذين يمنحون موظفيهم الثقة الكاملة بجانب عدد من الحريات، كطرح الأفكار وتبادل الآراء واتخاذ القرارات؛ بينما يعاني أصحاب الأعمال الموهوبون والأذكياء من تطبيق نظام التفويض والعمل الجماعي، بسبب عدم ثقتهم في مهارة موظفيهم. ترجع رغبة أصحاب الأعمال الأذكياء بعدم تفوّيض أي شخص من حولهم في تنفيذ المهام، لعد ثقتهم في مهارات كل المحيطين بهم إذا كُلفوا بتنفيذ أي شيء؛ بل يقارنوا أعمالهم بما ينجزه الآخرون من ذوي المهارات المحدودة، بسبب ثقتهم المفرطة بذكائهم وأنهم الأجدر بإنجاز جميع المهام على أكمل وجه. ويتسبب شعورهم الدائم بذكائهم المتفوّق بالإلزام النفسي بإنجاز ومتابعة كل شيء في شركاتهم الناشئة بأنفسهم دون أن يتركوا أي فرصة للآخرين لمباشرة أعمالهم بالشكل الذي يرونه مناسبًا؛ ما يؤدي إلى وقوعهم داخل دائرة ضغوط وأعباء لا يمكن تحملها؛ بالإضافة إلى تأخير نمو الشركة. في حين يتفوق المؤسسون العاديون بسبب تقسيم أدوراهم مع الموظفين؛ وهذا يؤكد أن تعاون المؤسس العادي مع فريقه لإنجاز العمل، يحقق نتيجة إيجابية أسرع نموًا وأكثر تنظيمًا؛ بينما إنجاز المؤسس الذكي لمعظم الأعمال بنفسه يؤدي إلى تباطؤ النمو.   اترك مساحة من الحرية يبذل رواد الأعمال ذوو الكفاءات العادية والمهارات المتوسطة، جهدًا كبيرًا في توظيف الأذكى منهم؛ بل منحهم الأدوات التي يرونها مناسبة لتولّي الإدارة والمسؤوليات؛ ما يجعل بيئة العمل منفتحة تسودها روح الفريق وتدعم الابتكار وتتمتع بحرية الفكر، حتى تحقق الأهداف الرئيسية التي ترمي إلى النجاح والتميز الذي يصب في تطُوير الشركات الناشئة. بينما يظن أصحاب الموهبة والمهارات الخاصة أنهم الأكفأ؛ وبناءً على ذلك لا يمنحون فريق عملهم مساحة من حرية الابتكار والإبداع، ويميلون لفرض رؤيتهم عليهم بدون مناقشة، الأمر الذي يُحوّل بيئة العمل الطبيعية التي تسودها روح الفريق إلى بيئة قاتلة للابتكار مميتة للإبداع، يقودها رأي وفِكر رجل واحد.   واثقون بأنفسهم وفقًا لعدة دراسات، طُبقت على مجموعات من الأشخاص ذوي القدرات المختلفة في عدة موضوعات، تبين أن الأشخاص ذوي القدرات المرتفعة في الاختبارات غير واثقين في قدراتهم وقيّموا أنفسهم بأنهم في مرتبة متدنّية، بينما قيّم الأشخاص ذوو القدرات المحدودة للغاية في الاختبارات أنفسهم بأنهم الأفضل. وأكدت هذه الدراسات، أنه كلما كان الأشخاص أكثر ذكاء وأكثر موهبة، قلّ تقديرهم لأنفسهم، وكلما كان الأشخاص أقل ذكاء وموهبة، زادت ثقتهم في أنفسهم وقدراتهم؛ ما يثبت أن هناك علاقة عكسية بين الثقة في النفس والذكاء وقوة المواهب. على سبيل المثال، عندما يعتزم ذوو القدرات المحدودة إطلاق مشروع ريادي، فإن ثقتهم الكبيرة في ذاتهم وقدراتهم ومهاراتهم ويقينهم بأنهم سيحققون النجاح والإنجازات، أكبر من ذوي القدرات المرتفعة المتشككين، فالثقة بالنفس هي المفتاح الأساسي الذي يُمكن صاحب المشروع من جذب الاستثمارات واتخاذ القرارات وتوظيف فريق العمل ولفت أنظار الممولين، وجعل الأمور تتحرّك للأمام.   اقرأ أيضًا: كيف تُؤسس مشروعًا ناشئًا بمفردك؟

مشاركة :